مَن يقتل من عند داعش؟

مَن يقتل من عند داعش؟

11 ديسمبر 2015
+ الخط -
يُطل علينا تنظيم داعش بإصدارات إعلامية مختلفة. فوضى من التناقضات المروعة داخل بنية التنظيم، يعترف بها أحيانا بعفوية، بينما ما يزال عناصره ينامون في عسل الجريمة.
رؤوس مقطوعة، جنود منه تذبح مخابرات في صفوفه، عناصر منه معلقون على مشانق التنظيم في ساحات سورية التي احتلها "باسم الخلافة". هذه المشانق والساحات كانت مكانا لتنفيذ جرائم التنظيم بحق الأبرياء، واليوم هو يذبح في المكان نفسه عناصر منتمين له بالطريقة نفسها، بتهم التجسس. كان هؤلاء الجواسيس مسلطين على رقاب الأبرياء ويضربون بسيف البغدادي، فمَن يقتل من في شرع التنظيم؟ جواسيس تذبح عناصر التنظيم، أم التنظيم يذبح عملاء؟
يعيش التنظيم هاجساً من الخروقات، يحاول ألا يسوّقها دائما في دعايته، ويتعمد أن يخفيها في خزائن أسراره الكثيرة، فهو لا يبتغي أن يعكر أجواء المنتمين إلى صفوفه، أو الذين يراقبون التنظيم من بعد ومتشوقين للانضمام إلى قواعده، هذا ما بدا مثلا في ديرالزور والرقة، أو ما تمكنا من تتبعه هناك، فهو يتستر غالبا على الإعدامات التي يقوم بها بحق مجنديه في أرضه، خصوصاً التي تمس أخلاقيات التنظيم المروجة وجوهر كينونته. وهو يعمد أحيانا إلى بث رسائل مقصودة، بأن عنف الخلافة يطال حتى منتسبيها.
السائد أن الإعدامات بحق جنوده تتسع في رقعة نفوذه في سورية، فقد نفذ التنظيم إعدامات عديدة بين الرقة وديرالزور، كان آخرها ذبح الجاسوس الروسي في مدينة الرقة، ما أعاد التساؤل حول كم الاختراقات في صفوفه، وخلفيات منتسبيه، وكيف لنا أن نميز بين الجاسوس والمقاتل الحقيقي بين مجنديه؟
هذه التساؤلات، لا يريد التنظيم إثارتها في أذهان جمهوره، لذلك يعمل على إخفاء تلك المعلومات، ويحرص على عدم تسريبها بشكل متواصل، فهو لا يصرح عن حجم الانشقاقات.
كيف لنا أن نميز بعد اليوم ما بين الضحية والجلاد لعنف داعش! إذ تتعاقب على خشبة إعداماته كل الأطراف، فمن الذي يدير تلك الخشبة، ويختبئ خلف ستارها؟ ليبقى السؤال: مَن يقتل من؟ ومَن يسوس في أرض الخلافة؟ إذ أن عناصر التنظيم على اختلاف مناصبهم (مهاجر، أمير، شرعي) يتبادلون الأدوار مع ضحاياهم على خشبات القتل، فهم ينفذون الإعدامات بحق الأبرياء ويطبقون الأحكام عليهم بصرامة، ثم يظهر هؤلاء على ذات الخشبة، بتهم عجيبة. هذه التهم التي تنسف قانون التنظيم ورسالته، وتشكك في كل من ينتمي له، فكيف يستوي أن يكون مشرع أو أمير في التنظيم جاسوساً.
والأخطر من ذلك، من ذا الذي يدير شُرُور داعش ومن ينتفع منها؟
avata
avata
البراء هاشم (سورية)
البراء هاشم (سورية)