موظفو غزة يعملون "تحت النار" بدون راتب

14 يوليو 2014
موظفو غزة يواجهون الموت ولا يتقاضون رواتبهم (خاص/عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -

لم يمتنع الطبيب الغزيّ سمير حمد، عن الاستجابة لنداء المستشفى الذي يعمل فيه، حين أُعلنت حالة الطوارئ في أول أيام الحرب الإسرائيلية على القطاع. فسمير الذي لم يتلقَ راتبه منذ تشكيل حكومة التوافق الوطني، وكان يتلقى نصف راتبه في عهد الحكومة التي سبقتها، لم يربط العمل بالراتب.

الطبيب حمد، ليس وحيداً في ميدان العمل، بل يشاركه ما يزيد على 40 ألف موظف لم يتقاضوا راتباً كاملاً منذ أحد عشر شهراً، ولم يتقاضوا أي راتب منذ ثلاثة أشهر، ورغم ذلك مازالوا على رأس عملهم يخدمون شعبهم في أحلك الظروف.

ويقول حمد لـ"العربي الجديد": "أتوجه إلى عملي يومياً رغم الأوضاع الخطرة التي يمر بها قطاع غزة منذ عدة أيام، وفي بعض الأيام أضطر للمبيت في المستشفى بسبب تزايد الهجمات الإسرائيلية على القطاع، رغم الوضع المالي الصعب الذي أمرّ به وعائلتي في ظل أجواء الحرب ورمضان".

ويتابع: "مررنا قبل نحو عامين في ظروف مشابهة خلال حرب الثمانية أيام عام 2012، ولكننا توجهنا إلى العمل إيمانا منا بأهميته وقدسيته، رغم عدم تلقينا رواتب من فترة طويلة، ورغم أوضاعنا الاقتصادية الصعبة، التي لا تمكننا أحيانا من توفير أجرة السيارة للوصول إلى المستشفى".

ويضيف الطبيب الغزيّ أن كل الأمور الجانبية بما فيها الرواتب يتم وضعها في لحظات الحروب والاعتداءات على القطاع جانباً، ونركز فقط على مهمتنا الأساسية بإسعاف وإنقاذ حياة الجرحى والتعامل مع إصاباتهم.

ويعلق موظفو حكومة غزة السابقة آمالهم على المصالحة الفلسطينية كغيرهم من أبناء الشعب الفلسطيني، لكنهم بعد تشكيل حكومة الوفاق الفلسطيني، وقعوا في إشكالية "الشرعية"، ما دفع الحكومة للإعلان عن تشكيل لجنة لبحث أوضاعهم.

وزاد الوضع تعقيداً بعدما رفض "البنك العربي" استلام حوالة مالية بقيمة عشرين مليون دولار أميركي، تبرعت بها دولة قطر، من أجل دفع رواتب موظفي قطاع غزة، إضافة إلى رفض مصارف عدة استلام أي حوالة مالية خوفاً من التهديدات الإسرائيلية بفرض عقوبات وعوائق على مصالحها.

على الجانب الآخر، يقول عنصر الأمن محمد أبو سمرة، إنه يواصل عمله في ضبط الجبهة الداخلية وتقويتها، رغم الوضع السيئ الذي تمر فيه أسرته الصغيرة. مشيراً إلى أن الواجب "يحتم علينا خدمة شعبنا رغم كل ما نمر به من ظروف خاصة".

وأشار محمد في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أن استهداف الاحتلال العديد من المقار الأمنية والشرطية، وعدم صرف رواتبهم، والتهديدات التي يتلقونها، وحال أسرهم الاقتصادية، لم تمنعهم من القيام بواجبهم والاهتمام بأعمالهم المنوطة بهم.

ويضيف: "منذ نحو عام كامل، لم أتلقَ راتباً كاملاً، ومنذ ثلاثة أشهر لم أتلقَ أي شيء يعينني على تدبر أمور حياتي، لم يكن لرمضان نكهة كبيرة داخل بيتي لعدم تمكني من توفير مستلزماته، والآن زاد الوضع سوءاً بفعل الحرب الإسرائيلية التي طالت كل أمور الحياة".

أما زميله أحمد أبو عاصي، فيقول: "كل أبناء الشعب الفلسطيني على قلب رجل واحد، وفي حالات التصعيد يظهر التكافل الاجتماعي، فترى الجار يساعد جاره، وترى الجميع متكاتفا في وجه العدوان والصلف الإسرائيلي الذي لا يميز بين طفل أو رجل أو حجر".

ويتابع أبو عاصي "عندي ثلاثة أبناء وزوجة وأهل يشغلون بالي طيلة الوقت، ففي الوقت الطبيعي كنا نشعر بالضيق بسبب عدم توفر المال اللازم لشراء مستلزمات حياتنا، جاءت الاعتداءات الإسرائيلية لتزيد الطين بِلة، ومع ذلك جئنا لنلبي واجبنا الوطني والديني والأخلاقي".

أما المسعف أحمد أيوب من مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، فقصته لا تختلف كثيراً عن الذين سبقوه في الحديث. يقول أحمد إن أطفاله الستة يبيتون منذ أيام في منزل جدهم لأمهم، لأنه لا يملك ما يطعمهم، وبسبب غيابه طيلة اليوم عن البيت، نتيجة العمل وتسارع الأحداث.

ويشير أحمد إلى أن "الراتب حق للموظف في غزة"، لكن عدم تلقينا هذا الحق، لا يعني أن نترك أبناء شعبنا يواجهون الموت وحدهم "يدنا ستسبق يد من يتلقون رواتبهم في العمل".​

المساهمون