موسيقى في خدمة الاستهلاك

12 يوليو 2015
"فخارة كوكا كولا"، آي وي وي، الصين
+ الخط -

رغم امتعاضنا من كثرة الإعلانات التي تقاطع مشاهداتنا للمسلسلات والأفلام، إلا أن كثيراً من المشاهدين ينتظرون إعلاناً بعينه ليدندنوا معه نغمته وكلماته، ولكل منهم إعلانه المفضّل.

تشكّل الموسيقى عنصراً حتميّاً في العملية الإعلانية، سواء في الإذاعة أو التلفزيون، وعلى كاهلها تقع مهمّة إيصال الرسالة للمتلقي، وشد انتباهه لكي يسعى وراء المنتَج أو الخدمة.

لقد تحوّلت موسيقى الإعلانات من صناعة مكتملة توازي صناعة الأغاني والموسيقى الآليّة، إلى مجرد عمل ينجز على الحاسوب، باستخدام عناصر أصوات مسجلة مسبقاً ومتاحة مجاناً ضمن برامج صوتية على الإنترنت. غالباً، يكون الناتج صوتاً زائفاً وسطحيّاً.

الأسباب في هذه التحوّلات عديدة، أولها التكنولوجيا التي سمح تطورها باختزال المراحل المتعددة والوسائط التي تمر بها عملية صناعة الموسيقى للدعاية التجارية.

ثانيها، زيادة الطلب عليها نتيجة لتنافس المنتجات والخدمات، إلى جانب كثرة وتنافس الشركات الإعلانية التي تقوم بدور وسيط الإنتاج، إضافة إلى تنوّع ووفرة وسائط وقنوات البث للإعلان.

هنا، نستعيد إعلاناً أُنتج في الثمانينيات، ورغم توقّف بثّه على التلفزيون، إلّا أن الجمهور يذهب إليه عبر "اليوتيوب". إعلان "ريري"، الذي ألّف كلماته الشاعر صلاح جاهين ووضع لحنه سيد مكاوي، اسمان كهذين كان يجري اختيارهما لتنفيذ المادة الموسيقية و"الشعرية" للإعلان، بعكس ما يحصل الآن؛ إذ يكتفي فريق العمل في الوكالة الإعلانية (قد يكون شخصاً واحداً في بعض الأحيان)، بانتقاء أغنية أو نغمة ما، غربية، لا تنتمي إلى ثقافتنا، وشرطها الوحيد أن تكون جاذبة للأذن وتَعلَق بسهولة، ويكتب لها كلمات عربية. وفي ظرف ساعة من العمل، يلزمها موهبة تجيد الأداء داخل الاستوديو للتسجيل على موسيقى الأغنية المتاحة من دون غناء، يصبح الإعلان جاهزاً.

يبدو أنّ صفة الخلق أو الإبداع التي تلتصق بمسمّيات مناصب أصحاب المهن الإعلانية على بطاقاتهم الشخصية، قد فارقت عملهم منذ زمن، وتجرّدت منها منتجاتهم في الإعلانات.

كما أنّ أخلاقيّات الإعلان وتشريعاته المتعارف عليها، أكاديميّاً وعمليّاً، أصبحت مجرّد كلام نظري لا قيمة له على أرض الواقع. فإن لجأ المُعلنون إلى الموسيقى العربية، نجد أنهم يستخدمون أدوات مباشرة، مثل مقامات وإيقاعات موسيقية معيّنة، تدعمها آلات كالناي والكمان، لتؤثّر عل مشاعر المتلقّي، خصوصاً في الموسم الرمضاني؛ إذ تنتشر إعلانات لمؤسسات خيرية، ترتكز في موسيقاها على مقام الصبا أو الكرد أو الحجاز، تُساهم في تمرير مشاعر حزينة للمشاهد.

المساهمون