واجه مئات الشبان الفلسطينيين، يوم الأربعاء، قوات الاحتلال في محيط البلدة القديمة من القدس المحتلة، والتي تحولت إلى ثكنة عسكرية، في وقت تدفق فيه الآلاف من المستوطنين المتطرفين إلى البلدة القديمة رافعين الأعلام، فيما رددت مجموعات منهم هتافات "شعب إسرائيل حي" و"القدس لنا"، الأمر الذي أثار غضب الشبان الفلسطينيين ودفعهم للرد برفع الأعلام الفلسطينية، وترداد الهتافات الوطنية.
ومع عزل شرطة الاحتلال البلدة القديمة وحرمان قاطنيها من دخولها، تحولت الهتافات المتبادلة بين الجانبين إلى اشتباك بالأيدي، سارعت في أعقابها قوات الشرطة الإسرائيلية الخاصة لمهاجمة الشبان الفلسطينيين بعنف شديد، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات بينهم فتيات صغيرات. ولم يسلم من هذه الاعتداءات الطواقم الصحافية، إذ تعرض، مساء الأربعاء، كلاً من الصحافيين إلياس كرام وأحمد البديري، للاعتداء بالضرب من قبل مستوطنين.
وتواصلت المواجهات بعدما انتقلت إلى شارع نابلس ومنها إلى شارعي السلطان سليمان وصلاح الدين المجاورين لباب العمود، حيث طاردت عناصر الشرطة جموع الشبان بقنابل الصوت والرصاص المطاطي، وتم اعتقال 5 شبان، فضلاً عن اعتقال 3 آخرين في شارع صلاح الدين.
في الوقت نفسه، تواصل تدفق المستوطنين إلى محيط البلدة القديمة. وعلى نحو مفاجئ، صعدت مجموعة من المستوطنين مبنى البريد المركزي على مدخل شارع صلاح الدين، شريان التجارة الرئيس خارج أسوار البلدة القديمة، وعلقوا لافتة كبيرة كتب عليها بالعبرية "مرحبا بكم في بيت صهيون". وبدا تجار الشارع غاضبين مما جرى، وقال أحدهم، ويُدعى ماهر الوعري "زرعوا هنا مسماراً جديداً في جسد هذا الشارع، وعلينا أن نتوقع المزيد من المتاعب والمعاناة".
يُذكر أن المبنى كانت استولت عليه جمعية استيطانية، قبل بضعة أشهر، بعد شرائه من حارس أملاك الغائبين الاسرائيلي، الأمر الذي فاجأ التجار، ومن قبلهم مسؤولين فلسطينيين، اعتبروا أن الاستيلاء على المبنى نقلة نوعية في الاستيطان في قلب القدس العربية المحتلة.
وقال أحد النشطاء المقدسيين، ويدعى محمد العباسي إن "ما توقعناه حدث تماماً. اليوم يسجلون نقطة إضافية لمصلحتهم، وبدخولهم المبنى رسمياً، يحاولون تكريس ادعائهم بأن القدس موحدة، ولهذه الغاية هم يحتفلون اليوم".
لكن ناشطاً آخر، من نشطاء الانتفاضة الأولى، فضل عدم الكشف عن هويته، أعرب عن ثقته بالمستقبل، لما رآه من "استماتة الجيل الناشئ في المواجهة والصدام مع قوات الاحتلال"، مشيراً إلى أصوات الطلقات المطاطية وقنابل الصوت التي كانت تتردد من داخل حارة السعدية، وحي باب حطة حيث خاض شبان الحيين مواجهات عنيفة مع شرطة الاحتلال.
كما اقتحم جنود الاحتلال منزل عائلة الفاخوري في حي باب حطة شمال المسجد الاقصى، ونكلوا بجميع أفراد العائلة بالضرب الوحشي، واعتقلوا اثنين من أفرادها، هما الشقيقان عبد الفتاح وصائب. كما نكلت شرطة الاحتلال بعائلة عسيلة في باب المجلس، واعتدت على النساء، ثم اعتقلت شابين من باحات الاقصى وأوسعتهما ضرباً.
إلى ذلك، أصيب مساء الأربعاء سبعة مستوطنين بجروح طفيفة، بعد تعرض حافلة تابعة لشركة اسرائيلية للرجم بالحجارة في شارع صلاح الدين بالقدس المحتلة.