موائد الإفطار تؤنس وحشة الاستراحات البحرية في غزة

06 يوليو 2015
عائلات غزة تفضّل الإفطارعلى شواطئ البحر (العربي الجديد/عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -

يجهز المواطن الفلسطيني صهيب ديب وزوجته فاطمة طاولة إفطارهم الرمضاني داخل إحدى الاستراحات البحرية غرب مدينة غزة، بعد انقضاء يوم صيفي طويل، وقد أحاط بهم أطفالهم، منتظرين أذان المغرب، للإفطار.

ديب يوضح لـ"العربي الجديد" أنه بدأ بالإفطار على شاطئ البحر قبل عدة سنوات، هرباً من حر الصيف، والانقطاع المتواصل للكهرباء، ويقول: "زوجتي وأطفالي يفضلون الإفطار على شاطئ البحر، لأنّ ذلك يشعرهم بكسر الملل الناتج عن صعوبات العيش، لكن محدودية دخلي لا تمكنني من ذلك دائما".

ويضيف ديب: "في المرة الأولى التي أفطرنا فيها على شاطئ البحر جلسنا على الرمل، وبعد ذلك اعتدنا على الجلوس في استراحة شعبية قليلة التكلفة، نشعر بالأجواء الرمضانية عندما نرى كل من حولنا وهو يجهز نفسه لسماع الأذان، وبدء الإفطار".

عائلة المواطن ديب ليست العائلة الوحيدة التي تتناول طعامها خارج أسوار البيت، حيث تكتظ الاستراحات البحرية التي تكسو شاطئ بحر غزة بعشرات العائلات قبيل موعد الإفطار الرمضاني، هربا من درجات الحرارة العالية وانقطاع الكهرباء، علاوة على ندرة الأماكن العامة التي يمكنهم زيارتها.

الظاهرة الجديدة التي برزت في السنوات الثماني الأخيرة عادت بالنفع المادي على الاستراحات والمطاعم التي تمتد على طول الشريط البحري، والتي لطالما تأثرت نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة المحاصر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي براً وبحراً.

الأسعار المتوسطة لتلك الاستراحات الشعبية دفعت العائلات متوسطة ومحدودة الدخل، وهواة كسر الروتين، إلى ارتيادها بعد عصر نهار رمضان، لتناول فطورهم على رمال البحر، بعد سماع أذان المغرب الممزوج بصوت البحر، ورائحته.

وعن أجواء العمل الرمضاني، يقول غسان الترتوري، وهو أحد أصحاب استراحة الترتوري البحرية غرب مدينة غزة، إنّ شهر رمضان الحالي يشهد زيادة ملحوظة في أعداد الزبائن والزوار، الذين يرغبون في تناول إفطارهم على شاطئ البحر.

ويُرجع الترتوري لـ"العربي الجديد" تلك الزيادة إلى عدة أسباب، أبرزها عدم تمكن مواطني قطاع غزة في الموسم الرمضاني الماضي من زيارة البحر، بسبب العدوان الإسرائيلي الذي بدأ في السابع من رمضان، وتوقف بعد 51 يوماً، إضافة إلى انقطاع الكهرباء بشكل يومي لفترات طويلة، علاوة على الأوضاع الاقتصادية المتردية.

اقرأ أيضاً: قطايف رمضان.. تجارة رابحة لأصحابها في غزة

ويشير الترتوري إلى أنه على الرغم من التحسن الملحوظ في العمل، خلال الموسم الرمضاني الحالي، إلا أنه لا يزال ضعيفاً، وبالكاد يمكنه تغطية توقف العمل خلال نهار رمضان، حيث إنّه في الأيام العادية يمكنهم تقديم الطلبات في أي وقت، بينما ينحصر العمل في رمضان من بعد العصر حتى ساعات متأخرة من الليل.

وبدأت ظاهرة الإفطار داخل الاستراحات والمطاعم منذ بداية الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة وقصف محطة توليد الكهرباء الوحيدة، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء لساعات طويلة، وتزامن ذلك مع شهر رمضان، وفق الترتوري الذي قال إنّ الناس بداية كانوا يفترشون رمال البحر عند إفطارهم.

ويشير الترتوري إلى بعض الإشكاليات التي تواجه عملهم، إضافة إلى ضعف الإقبال والأجواء الاقتصادية السيئة، ويقول: "انقطاع الكهرباء، وغلاء سعر الغاز، والأعطال المتواصلة التي تصيب المولدات الكهربائية نتيجة ذلك، ترهقنا، لكننا سنواصل عملنا ونوفر سبل الراحة للزوار، من أجل الحفاظ على هذه الظاهرة الجميلة".

آلية العمل لا تختلف كثيراً بين الاستراحات البحرية التي تمتد على ساحل بحر قطاع غزة من شماله حتى جنوبه، والتي تفرش مقاعدها وطاولاتها البلاستيكية، وتوفر أقساما خاصة للعائلات وأخرى للشباب، وتزين كلا منها بسعف النخيل والأضواء الملونة.

ويقول أبو منذر عمرو، صاحب استراحة صغيرة على شاطئ الشيخ عجلين غرب مدينة غزة: "نستغل موسم الصيف من كل عام لتقديم الطلبات للزبائن والمصطافين، أما عملنا في رمضان فيبدأ بعد العصر حتى منتصف الليل، بعدها نغلق الاستراحة حتى عصر اليوم التالي".

ويضيف لـ"العربي الجديد": نظام العمل يختلف كلياً في رمضان عن باقي شهور الصيف، ونحن نحاول توفير متطلبات الزبائن، حتى نتمكن من اجتياز الموسم بدون خسارة، فإغلاق الاستراحة خلال النهار، يمكن أن يؤثر سلباً في حال عدم تعويض ذلك خلال ساعات الإفطار".

ويشير عمرو إلى أنّ "الأوضاع الصعبة التي يمر بها أهالي قطاع غزة لا تمكّن عددا كبيرا من الزبائن من طلب المأكولات، ويقومون بإحضار فطورهم، ويكتفون بدفع أجرة الطاولة أو طلب المشروبات الساخنة أو الباردة، ونحن نتفهم ذلك، من أجل استمرار العمل".


اقرأ أيضاً: إفطار وسحور بلا كهرباء في غزة.. رمضان مُظلم

المساهمون