مهرجان الجنادرية يبجث صعود "الإسلام السياسي"

مهرجان الجنادرية يبجث صعود "الإسلام السياسي"

20 فبراير 2014
وجّه المشاركون في المهرجان انتقادات لحركات الإسلام السياسي
+ الخط -


في خطوة لافتةً، خصص مهرجان الجنادرية السعودي، الذي تتواصل فعالياته في الرياض، محوراً في ندواته عن "الإسلام السياسي"، تخلله انتقادات حادة لحركات الإسلام السياسي في العالم العربي

المهرجان الذي ينظمه منذ أولى دوراته قبل 29 عاماً الحرس الوطني السعودي، الذي تحول، قبل أشهر إلى وزارة، يتولاها نجل الملك السعودي، الأمير متعب، بعدما كان يتبع القصر الملكي، استضاف للحديث عن الإسلام السياسي مثقفين وسياسيين، غالبيتهم من نقاد الإسلام السياسي وخصومه، أو ممن ينحون إلى الدرس التاريخي والأكاديمي في مقاربة هذا التيار والإضاءة عليه، فيما غاب أي من المدافعين عن هذا التيار.

واعتبر رموز الإعلام السعودي أن الندوة جاءت منسجمة مع الجدل الذي أحدثه صعود حركات الإسلام السياسي العربية أخيراً.
ورأى الكاتب السعودي، الدكتور يوسف مكي، أن "الإخوان المسلمين" لا يعنيهم مفهوم الوطن، لأن رؤيتهم تقوم على داريّ الإسلام والشرك، التي طرحها أبو الأعلى المودودي، وأصّلها سيد قطب في كتابه "معالم على الطريق"، ما أسس لجماعات التكفير وللإرهاب لاحقاً.

وذهب مكي، خلال مشاركته في الندوة، إلى أن جماعات الإسلام السياسي "تختطف الدين وتزج به في مساومات، فيما هو أعلى وأسمى من توظيفه مصالح وتوجهات، لا تعترف بالدولة المدنية، ولا تفصل بين الدين والسياسة، ولا تقر مفهوم المواطنة".

وفي غياب أي تمثيل لحركات الإسلام السياسي أو جماعة الإخوان المسلمين في ندوات "الجنادرية"، لم يجد حديث مكي ردوداً تناقضه، أو تناقض ما جاء أيضاً في ورقة الباحث القطري، عبد الحميد الأنصاري، حول ما أسماه "غزو الإسلام السياسي".
وقال الأنصاري إن الإسلام في دول الخليج، ظلّ طوال عقود، تقليدياً ومتصالحاً مع الإنسان والأرض، ما أسهم في انفتاح الخليجيين على جنسيات العالم أجمع، وعزز وحدتهم في ظل مواجهة هذا "الغزو". ورأى أن دول الخليج فتحت أبوابها لقيادات وكوادر من جماعة "الإخوان المسلمين"، ليمارسوا نشاطاً تربوياً وتعليماً، غير أنهم عندما تحولوا إلى عمل تنظيمي، تباينت مواقف دول الخليج منهم، بين من حاورتهم وهادنتهم، أو حجّمتهم.

بدوره، اعتبر المفكر التونسي، أبو يعرب المرزوقي، أن أنصار "الإسلام السياسي" يبحثون عن مثالية موجودة في الأذهان، فيما قال رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الوطني الانتقالي الليبي السابق، محمود جبريل، إن جماعة "الاخوان المسلمين"، وعلى الرغم من خوضها معارك نضالية منذ عام 1928، غير أنها لم تخطط كيف تقيم نظاماً، وكيف تسقط الأنظمة.

وأضاف أن المشروع الأميركي الداعي إلى استراتيجية الاحتواء، بدلاً من استراتيجية المواجهة، جاء ليحقق للجماعات الإسلامية أهدافها في اعتلاء سدّة الحكم في مصر وتونس وليبيا، بعدما علم أن الشباب في الدول العربية التي شهدت ثورات لم يكن لديهم مشروع للحكم، وليست لديهم رؤية وقيادة، تسير بهم إلى الطريق الداعي إلى نبذ السلطة الدكتاتورية وسلطة التوريث.
ووصف السياسي الليبي، الذي يعد من أبرز خصوم الإسلام السياسي في ليبيا، جماعة "الإخوان" بالسلطوية التي تريد إسقاط النظام السابق، من دون أن تقدم مشروعاً مجتمعياً يهتم بالمواطن وتنميته.

أما الكاتب المصري، أيمن الصياد، فاعتبر أن خطأ "اﻹخوان المسلمين" في مصر أنهم لم يستجيبوا، مبكراً، لمطلب ميدان التحرير في تغيير النظام. من جهته، رأى الكاتب اليمني، الدكتور نجيب غلاب، أن الإشكالية التي واجهت الاحتجاجات في بلاده هي خلق فعل ثوري في مجتمع تقليدي ومستهلك لمنتجات الآخرين فكرياً وسياسياً ومحدود الموارد. وهو ما أفضى، من وجهة نظره، إلى خلق فوضى، أنتجت نقائض الأهداف المعلنة للتغيير، وأصبحت الثورة ثورة شعارات، لا تمتلك مشروعاً داخلياً متماسكاً.

أما وزير الثقافة التونسي، مهدي مبروك، استعرض الصدام السياسي بين حركة "النهضة" والنظام السابق، بالإضافة إلى المعطيات الجديدة، وسمات الانتقال الديموقراطي، والتوافقات السياسية، وما أفرزته من صياغة الدستور، وصولاً إلى تجربة الترويكا وإنجازاتها.

وتناول الباحث العراقي، رشيد الخيون، حركات الإسلام السياسي الشيعي. ولفت إلى أن تيارات وأحزاب إسلامية سنيّة تبنت وشجعت وأيّدت الثورة الإيرانية، خصوصاً أن أدبيات بعض الأحزاب الشيعية هي ذاتها أدبيات "الإخوان المسلمين"، وكتاب سيد قطب "معالم في الطريق". ورأى أن الخلاف بين أحزاب الإسلام السياسي، سنّةً وشيعةً، ليس على النظرية، وإنما على تقسيم المناصب وحجم المكاسب.

من جهته، لفت الباحث الموريتاني، عبد الله السيد ولد أباه، إلى أن شعار الإسلام دين ودولة قام على آلية نقل دلالي ومفهومي، وتحويل الإمامة إلى فكرة الدولة الحديثة، وتحويل المدونة الفقهية إلى إطار للشرعية القانونية، وتحويل مفهوم الأمة إلى رابطة روحية.
وقال إن هذا التحوير للمفاهيم والمصطلحات قام على أسس ملتبسة، من دون مراعاة للفروق الجوهرية بين الإسلام، بصفته دعوة روحية وقيمية، ونظرته للجماعة والدولة، من حيث مرجعيتها الحديثة التي تتمحور حول المفهوم التعاقدي.

بدوره، أوضح الباحث الأردني، مهند مبيضين، أن الحركة الإسلامية في بلاده، منذ تأسيسها عام 1945، عملت داخل منظومة الدولة، وشاركت في الحكومات الأردنية، وتراوحت مساهمتها في الانتخابات البرلمانية والبلدية بين المشاركة والمقاطعة، ولم تكن هذه المساهمة المتغيرة بعيدة عن تحولات طرأت داخل صفوف الحركة وقيادتها. لكن الدولة أيضاً لم تكن لتطيل حبل الود مع الحركة، على الرغم من ظروف الدولة ومصائرها واضطرارها للتحالف مع "الإخوان المسلمين" في مراحل تاريخية، مكّنتهم من السيطرة على مفاصل مهمة في التربية والتعليم والنقابات والعمل الخيري.

وأشار مبيضين الى أن توجه "الإخوان" في الأردن هو التحالف مع النظام، ضد خصومه من القوى المعارضة ذات الصفة اليسارية القومية، لذلك تأسست علاقة مع الدولة، مبنية على أسس عديدة منها المصلحة والتوظيف، ولم تتجه تصاعدياً إلى الدعوة لإسقاط النظام، كما في تجارب إسلامية عربية أخرى.
ورأى أن شيوخ "الإخوان" وقادتهم في الأردن عملوا على اختبار فرضية أن الأفضل مشاركة النظام، والانتفاع منه، بدلاً من العمل على إطاحته، فضلاً عن توصلهم إلى أن الأفضل تحقيق المكاسب من دون كلفة، باللعب السياسي على دور الحليف والمعارض أحياناً، مع معرفتهم السقوف والخطوط الحمراء التي يمكن بلوغها، وتم اختبارها غير مرة.

 

دلالات

المساهمون