منقذ بعد فوات الأوان

06 يناير 2016
خرج بني أرشيد بخطاب تصالحي هادئ (العربي الجديد)
+ الخط -
من الواضح أن عاماً ونصف العام خلف القضبان كانت كافية ليراجع الرجل القوي في جماعة الإخوان المسلمين في الأردن زكي بني أرشيد، مواقفه وليخرج أكثر هدوءاً في طرحه، وهو الذي عرف عنه قبل سجنه بتهمة تعكير صفو علاقات بلاده مع دولة الإمارات، تشدده في مواقفه، وجلده في مقارعة المعارضين داخل الحركة الإسلامية، ومحاربة الخصوم في القوى الوطنية، واستعداء الدولة.

الرجل الذي خرج من السجن قبل أيام، ليس ذاته الرجل الذي دخله، والحركة الإسلامية التي غاب عنها قبل عام ونصف العام ليست هي الحركة التي عاد إليها اليوم. قبل سجنه، شكل الرجل الذي يشغل موقع نائب المراقب العام للجماعة، أحد أهم عناصر تأزيم الخلافات الداخلية والتي كانت في بدايتها، ولم يكن يتوانى وقتها عن مهاجمة المعارضين داخل الجماعة علانية والاشتباك معهم على مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط عليها، وكان الأكثر جرأة على نقدهم عبر وسائل الإعلام والتقليل من أثر معارضتهم وأحياناً بقائهم في الحركة الإسلامية على مستقبلها، وهي التي يدرك اليوم أن مستقبلها بات مهدداً بفعل الانشقاقات التي طرأت عليها خلال فترة سجنه والانشقاقات التي تطفو على السطح الآن.

نُظر إلى بني أرشيد، خاصة من قبل جيل الشباب المتحمس في الحركة الإسلامية، على اعتباره المنقذ الذي سيتمكن بقوته من حل جميع الخلافات الداخلية، لكن الرجل فاجأ الجميع بتصريحه الأول، والذي جاء تصالحياً على خلاف ما كان متوقعاً، داعياً إلى إصلاح لا يقصي أحداً.
يحسب للرجل الذي خرج أكثر رشاقة من السجن، على صعيد الوزن والموقف، أنه جمع داخل خيمة الاستقبال التي أقيمت للاحتفال بخروجه جميع الإخوة الفرقاء بعد أن أصبح جمعهم خلال الفترة الماضية مهمة مستحيلة، لكن اجتماع الفرقاء في خيمة الاستقبال لا يمثل إنجازاً نهائياً، وخاصة أن غالبية منهم حضرت لاعتبارات الواجب الاجتماعي فقط، ليجد "المنقذ" نفسه وقد وصل بعد فوات الأوان، وبعد أن انفكت عقدة المسبحة، وأصبح الحفاظ على ما تبقى من حباتها هو الإنجاز.
المساهمون