مناصرو استبداد العسكر

01 مارس 2019
انفعالية مصطنعة للسيسي بالحديث عن القيم الإنسانية (فرانس برس)
+ الخط -
ثار البعض على الانفعالية المصطنعة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بمحاولته، خلال القمة العربية الأوروبية في شرم الشيخ قبل أيام، التنظير والوعظ حول "القيم الثقافية والإنسانية"، التي "تُحترم عندهم" (في أوروبا) وتحتقر لـ"خصوصيتنا الثقافية". وبالتزامن حضر في الصحافة الأوروبية السجل الحقوقي القمعي الطويل لديكتاتورية "الخصوصية" وبالأرقام. لكن "ثائرة" بعض القوى الأخرى، تجاه احتقار جمهوريات الجنرالات للمواطن، واختزال مستقبل البلاد في من يختارونه كواجهة، تستوقفك في سوابق دورها ومواقفها.

منذ انتشار مهمة التصفيق لـ"القائد الضرورة"، والتي لا تقتصر على "جمهورية ثكنة القاهرة"، تتوالى فصول مسرحيات انفعالية، وانهيارات قيمية نخبوية عربية. لندع جانباً ازدواجية أوروبا المأزومة بتقدّم اليمين القومي المتطرف، وبالنفاق والانتهازية التاريخيين، وتفضيل أمثال السيسي حكاماً نموذجيين لنا، خدمة لمصالح دولها. السؤال العربي، الحاضر - الغائب على الدوام، هو عن محللي استبداد العسكر. إذ قبل أن يصبح الإعلام جريمة وتآمراً، يمكن التذكر مثلاً في القاهرة، أنه في عام 2013 وصل الأمر بقوى "انتقائية النضال والمبادئ" إلى التصفيق لمحاولة خلع بوابة "قصر الاتحادية"، أيام الرئيس المعزول محمد مرسي. وفي الذاكرة طبعاً قائمة طويلة من صخب "الصراخ" والبيانات "الثورية"، بعناوين الخشية على "المدنية والدستور"، قبل أن تلوذ تلك الأصوات بصمت فاضح.

التدقيق في "الفكر السيساوي" عن "مدنية الدولة" كاختصار لنهج جنرالات البزنس العرب، والقائم على تركيز مهمة الثكنات في "الحفاظ عليها"، يجبر العربي على التساؤل: هل حقاً أن القوى "المعارضة" كانت قاصرة عن استشراف سير البلاد نحو فاشية عسكرية؟ أبداً. فانتهازيتها وأمراضها لا تختلف كثيراً عن الشعبوية الأوروبية، والمدعية أيضاً بـ"المدنية". ولا غرابة أن يصل أوج تململها من أعواد المشانق والاستبداد همساً: "رأفة بصورة البلاد".
لا أحد يطلب استعراضاً بالرافعات أمام قصور العسكر العرب، المهزومين على كل الجبهات. فأكبر الدروس، في تراكم غضب الشعوب، الحقيقي وليس الانفعالي، أن يكون دور هذا النوع من "النخب" التي تُزيّف الوعي، في طريقه للأفول عند أول مواجهة مقبلة لاستعادة الإرادة.
المساهمون