مليون إيراني بلا هويّات

مليون إيراني بلا هويّات

29 ديسمبر 2015
مائة ألف طفل تقريباً لا يحملون هويات (فرانس برس)
+ الخط -
من الطبيعي أن يكون منح الأم الإيرانية جنسيّتها لأبنائها، إذا ما تزوجت من أجنبي، حقاً لها. لكن ثمّة عوامل عدة عرقلت إقرار هذا القانون، وجعلته يخضع لتغييرات دستورية بحسب خطاب الحكومة الإيرانية على مرّ السنوات.

قبل نحو عام، بدأت مراكز الإحصاء الرسمية تحذر من انخفاض معدلات الزواج في إيران، والتي تنعكس سلباً على معدلات الإنجاب، وإن كانت دراسات أخرى قد أشارت إلى ارتفاع معدل زواج الإيرانيات من أجانب خلال العام الماضي، بنسبة 26 في المائة، بالمقارنة مع الأعوام السابقة.

وكان مكتب الإحصاء الرسمي التابع لمؤسسة الأحوال الشخصية الوطنية قد نشر في عام 2014، تقريراً أشار فيه إلى أنه خلال الأشهر التسعة الأولى، سجلت 615 حالة زواج من أجنبي في مقابل 487 حالة في العام الذي سبقه. ويبدو أن هذه الأرقام ترتفع على الرغم من وجود مشكلة في منح الجنسية. قد لا تكون مشكلة كبيرة لدى النساء اللواتي يعشن في الخارج، إلا أنها مشكلة حقيقية بالنسبة إلى الإيرانيات المتزوجات من لاجئين عراقيين وأفغان فروا من بلادهم هرباً من أهوال الحرب، ولجأوا إلى إيران.

في وقت سابق، بيّنت مواقع رسمية إيرانية أن في إيران نحو مليون شخص لا يحملون هويات، بينهم مائة ألف طفل تقريباً. الإيرانيات المتزوجات من لاجئين غير قادرات على منح جنسيتهن لأبنائهن إلا بعد اتمامهم 18 عاماً، وبشروط محددة. وفي الوقت نفسه، يجد الآباء أنفسهم عاجزين عن تسجيل أطفالهم في إيران أو في بلادهم، لأنهم إما لاجئون غير شرعيين أو غير قادرين على الدخول إلى بلادهم بسبب الحروب.

وأخيراً، ذكرت وكالة أنباء "إيسنا" أن لا أرقام دقيقة تشير إلى عدد الإيرانيات المتزوجات من لاجئين، علماً أن بعض حالات الزواج هذه غير مسجلة، لأن اللاجئين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى البلاد. وحذرت صحيفة "شرق" الإيرانية، المقربة من الإصلاحيين في البلاد، من هذه المشكلة في ظل عدم قدرة أبناء الإيرانيات على الحصول على جميع الحقوق في البلاد، وعدم توفّر قانون يحميهم. ونقلت الصحيفة عن الوكيل في المحكمة الإيرانية نعمت أحمدي، أن 90 في المائة من حالات زواج الإيرانيات بأجانب غير مسجلة. ولا يتعلق الأمر فقط بزواجهن من لاجئين، بل أيضاً بتعقيدات تسجيل هذا الزواج في الدوائر الرسمية.

وبحسب البند الثاني من المادة 976 في القانون المدني الإيراني، فإن الطفل من أب إيراني هو إيراني بالدم، ويحصل على الجنسية بشكل طبيعي. لكن الأم الإيرانية لا تمنح الجنسية لأبنائها إلا في حال أنجبتهم في إيران، وبقوا فيها حتى الثامنة عشرة، ويحق لهم بعد عام من بلوغهم هذا العمر التقدم للحصول على الجنسية الإيرانية.

في هذا السياق، تقول سيّدة إيرانيّة متزوجة من عراقي منذ خمسة وعشرين عاماً، إن من حقها إعطاء الجنسية لابنها وابنتها، ما يمنحهما تعليماً أفضل وتأميناً صحياً ومميزات أخرى في البلاد. وتؤكد أنه على الرغم من وجود قانون لمنح الأبناء الجنسية بعد بلوغهم الثامنة عشرة، إلا أن الأمر ليس بهذه السهولة ويتطلب وقتاً طويلاً. وتشير إلى أنها قد تضطر إلى مغادرة البلاد بهدف حصولهم على تعليم وفرص عمل أفضل.

إلى ذلك، وعلى الرغم من قلق المسؤولين من وجود نحو مليون شخص من دون هويات، رُفِضَ قانون منح جنسية الأم الإيرانية لأبنائها، بعد التصويت عليه أخيراً في البرلمان الإيراني.

تجدر الإشارة إلى أن هذا القانون كان قد طبق خلال زمن الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي. وعن هذا، يقول النائب محمد علي اسفناني لوكالة "ميزان" الإيرانية إنه يحق للحكومة أن تطرح مشروع القانون مرة أخرى على البرلمان ليعيد النواب دراسته خلال ستة أشهر، فيما يؤكد عضو لجنة الأمن القومي عباس علي منصوري أراني، وهو من مؤيدي القانون، أنه من حق أطفال الإيرانيات حمل جنسية والدتهم، لافتاً إلى أن عدم حصول الأبناء القاطنين في إيران على هوية يعقد حياتهم وحياة أمهاتهم.

من جهته، يوضح النائب قاسم جعفري أن المشكلة تكمن في أن غالبية حالات الزواج من أجانب، وخصوصاً اللاجئين في إيران، تحصل في مناطق حدودية، قائلاً إن إقرار هذا القانون سيشجع على الزواج من إيرانيات فقط للحصول على الجنسية. ويشير إلى نقطة أخرى، وهي أن القانون الإيراني يمنع حمل جنسيتين تكون إحداها الجنسية الإيرانية. وفي حال إقرار قانون منح الجنسية، يجب بالتالي تعديل هذا القانون.

اقرأ أيضاً: عزوف عن الزواج في إيران

دلالات