ملك الأردن: عدوان غزّة سيدفع إلى السلام

ملك الأردن: عدوان غزّة سيدفع إلى السلام

11 اغسطس 2014
عبدالله الثاني: الحلّ في سورية والعراق سيكون سياسياً (Getty)
+ الخط -

يعزف صانعو القرار في الأردن، إيقاعاً واحداً في تعاملهم مع التحديات التي تعيشها المملكة الصغيرة، الهادئة نسبياً حتى الآن، سواءً كانت التحديات داخلية متعلقة بالاقتصاد المترنّح تحت أزمة خانقة، أو في مسيرة الاصلاح المعطّلة بنظر المعارضة، والتي يُصرّ النظام على أنها تسير بتدرّج منطقي نحو تحقيق أهدافها، أو التحديات الخارجية المرتبطة بالأزمات وصراعات الشرق الأوسط، والتي حفرت أثراً عميقاً في الواقع الأردني اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.

التناغم في الايقاع، تؤكده مقابلة صحافية مع العاهل الأردني عبد الله الثاني، أجرتها صحيفة "الغد" الأردنية، لمناسبة عيدها العاشر، ونُشرت، الأحد.
كرّر الملك في المقابلة، ما يردّده رئيس حكومته، عبد الله النسور، ووزرائه، ومجلس نوابه، وفرض الواقع الاقليمي نفسه على المقابلة، فحمّل العاهل الأردني، إسرائيل، مسؤولية العدوان على قطاع غزة، نافياً كل مزاعمها في تبريرها للحرب، وحمّل العالم بأسره، مسؤولية إنهاء الاحتلال "الأخير من نوعه في التاريخ المعاصر".


وتوقّع الملك أن يشكّل العدوان، بكل عنفه ودماره، حافزاً لضغط دولي، للمضيّ قدماً في حلّ للصراع. فالنزاعات، كما قال، تقود إلى طاولة المفاوضات، وقد تلوح فرصة لحل النزاع بشكل نهائي، بناءً على حلّ الدولتين وقيام دولة فلسطين ذات السيادة على خطوط الخامس من يونيو/ حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وكرّر تمسّك الحكومة بالعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وسرد المبررات عينها التي سبق وقدمتها الحكومة، حين قال: "كان بإمكاننا، وبكل سهولة، تصدّر عناوين وسائل الإعلام خلال العدوان، عبر تصريحات وشعارات شعبية، لكننا نفضّل العمل بفاعلية ورويّة لإنهاء العدوان الإسرائيلي، ورفع المعاناة وضمان استمرار خطوط المساندة إلى أهلنا في غزّة".

ما أوحى وكأن جميع صنّاع القرار متفقون على أن استمرار العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل يخدم مصالح الشعب الفلسطيني، متجاهلين الغضب الشعبي والحزبي على تلك العلاقات، التي كانت سبباً في انتقاد الحكومة، بدايةً، وصولاً إلى انتقاد الملك، ووصفه خلال التظاهرات بالغرق بـ"الذلّ والعار".

ورأى أن "استمرار الأزمة السورية بدون حل كان السبب في نقل انعكاساتها إلى العراق ممثلة بنمو الحركات المتطرفة وبروزها في غرب العراق". وأكد "أن استمرار غياب العملية السياسية الجامعة، والحكومة الممثلة لجميع مكونات الشعب العراقي، سيُغذي البيئة الحاضنة للتطرف والإرهاب، وسيعقّد أيضاً فرص حل الأزمة السورية".

وقدم الملك الوصفة الأردنية للحل في كلا البلدين. ففي سورية، التي تذمّر من أزمتها على مملكته، التي تأوي نحو مليون وأربعمئة ألف لاجئ، جزم أن الحلّ لن يكون سوى سياسيٍ بين المعارضة الوطنية المعتدلة والنظام، وغير ذلك فسيهدّد استمرار الوضع الراهن وحدة سورية، ويصدّر الأزمة إلى الجوار من خلال نمو التطرف.
أما في العراق، فاعتبر الملك أن الحلّ يكمن في "عملية سياسية وطنية جامعة، تشارك فيها كل الأطياف والمكونات دون استثناء لأي طرف"، معتبراً أن "المساس في وحدة العراق خطر على الأمة".

رؤية الملك للحل في الدولتين، هي ما أكدته حكومته في أكثر من مناسبة، والملك، المتناغم مع حكومته، لم يتعرّض للأزمة السياسية التي تجمع مملكته بالدولتين. فسورية، التي طُرد سفيرها من الأردن، من دون قطع العلاقات الدبلوماسية، تتهم المملكة بالتآمر عليها، وتسهيل مرور المقاتلين من خلالها للمشاركة بالأعمال الإرهابية كما تصفها، والعراق، الذي استدعى سفيره من الأردن احتجاجاً على استضافة المملكة مؤتمراً مضاداً لحكومته، ينظر بعين الشك للموقف الأردني ممّا يجري فيه، وكلها أسئلة معلّقة دون أجابات.

وأهم ما يلفت الانتباه في حديث الملك، تأكيده على ضرورة مساهمة جميع مكونات الشعب في سورية والعراق، في العملية السياسية، في وقت تتهم مكونات أردنية النظام بإقصائها ودفعها إلى عدم المشاركة في الحياة السياسية الأردنية، من خلال رفضه السير في إصلاحات سياسية تجمع عليها مكونات الشعب، وهو ما يردّ عليه الملك بأن عملية الاصلاح الشاملة لن تتوقف، وأنها تسير تدريجياً من خلال مراجعة مستمرة للقوانين التي تعزّز المشاركة السياسية وتعزيز الديمقراطية.

ويعتقد الملك جازماً، كما جميع صنّاع القرار في الأردن، بقدرة المملكة على تجاوز كافة التحديات الداخلية والخارجية، معتبراً ان مواجهتها واجتيازها قدر، ينتهي بتحويل التحديات إلى فرص، وهو ما يتعارض مع مخاوف كثيرة على مستقبل المملكة في ظل تعقيد الأزمة السياسية وتنامي الفقر والبطالة والتهديدات الخارجية.

دلالات

المساهمون