منذ ساعات الفجر الأولى من اليوم الأحد، انطلقت مظاهرات شعبية في حييّ الباهلة والمديّنة بمحافظة البصرة العراقية جنوبي البلاد، للمطالبة بتوفير الخدمات، وأبرزها التيار الكهربائي والمياه الصالحة للشرب، فضلاً عن درجات وظيفية جديدة لأبناء المدينة، بعد مرور سنة كاملة دون أي تعيينات ضمن دوائر الدولة الرسمية.
واستمرت المظاهرات حتى منتصف النهار، إلا أن القوات العسكرية حاولت تفريق جموع المتظاهرين، ما أدى إلى حدوث تصادم بين الطرفين أسفر في النهاية عن مقتل متظاهر وجرح أربعة آخرين.
هذا السيناريو ليس الأول في البصرة، إذ كان مقتل المتظاهر الشاب منتظر الحلفي في عام 2014، بداية شرارة المظاهرات التي حصلت في أغلب مناطق العراق لاحقاً، والتي طالبت حينها بالإصلاح والدولة المدنية. وحين دخل على الخط زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، واقترب عدد المتظاهرين من المليون متظاهر في 30 إبريل/ نيسان 2016، واقتحموا يومها المنطقة الخضراء "الحكومية"، قتل متظاهران اثنان، لكن المقتحمين انسحبوا بأمر من الصدر.
وطالب المتظاهرون في البصرة ببناء مستشفى لمعالجة الأمراض السرطانية، وتوفير خدمات الماء والكهرباء، والاستغناء عن العمالة الأجنبية، وتوفير فرص عمل لخريجي الكليات والمعاهد، وهددوا بتحويل مظاهرتهم إلى اعتصام مفتوح في حال عدم استجابة الجهات المعنية لمطالبهم.
على إثر حادثة مقتل المتظاهر، تدخل وزير الداخلية العراقي قاسم الأعرجي، وأمر بتشكيل لجنة تحقيق. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية، سعد معن، في بيان اطلّع عليه "العربي الجديد"، إن "الأعرجي أمر بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة الفريق محمد بدر ناصر وكيل الوزارة لشؤون الأمن الاتحادي، وأن يعرض النتائج بسرعة من أجل العمل على إحقاق الحق ومحاسبة المقصر".
— ِِزِيينب🕉 (@altimemezainab) ٨ يوليو ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وقال عضو المجلس المحلي في البصرة، مجيب الحساني، لـ"العربي الجديد"، "إن المحافظ أسعد العيداني شكّل لجنة عليا برئاسته للوقوف على أحداث المظاهرات، ومقتل أحد المتظاهرين"، مبيناً أن "المواطنين الذين خرجوا بمظاهرات اليوم، طالبوا بحقوقهم المشروعة، وهي الخدمات من ماء وكهرباء وتوفير فرص عمل للعاطلين في الشركات النفطية وهو مطلبهم الرئيس، وغير ذلك من الحقوق، وجميعهم كانوا عزّلاً ولم يحملوا السلاح".
— قناة الغدير (@alghadeer_tv) ٨ يوليو ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وأوضح أن "القوات الأمنية تدخلت لتفريق المتظاهرين باستخدام الرصاص الحي، ما أدى إلى مقتل أحدهم وإصابة أربعة آخرين بجروح بالغة"، مشيراً إلى أن "القوات بررت الحادثة بأن أحد المتظاهرين كان يحمل مسدساً، وهذا الكلام غير صحيح، ولا بد من محاسبة العناصر الأمنية المنفلتة التي قتلت المتظاهر دون أمر عسكري".
وبيّن النائب السابق عن محافظة البصرة، عامر الفايز، أن "ملف التعيينات الذي طالب المتظاهرون بفتحه، وتوفير درجات وظيفية، هو حق من حقوق أي مواطن عراقي، لكن الفساد المستشري في الحكومة يمنع تعيين البسطاء من المواطنين، فالتعيينات بالدوائر الحكومية تقتصر على أقارب الوزراء والمسؤولين الكبار في الدولة".
وقال الفايز لـ"العربي الجديد"، إن "بعض الوزراء وأقاربهم يتحكمون بالبلاد وكأنها ملك لهم، ويتصرفون بالتعيينات في ما بينهم، ولا يسمحون بتوفير درجات وظيفية للمواطنين والخريجين من الكليات والمعاهد"، لافتاً إلى أن "المرحلة المقبلة لا بد أن يتغير فيها واقع التعيينات والخدمات المقدمة للشعب".
وتابع "منطقتا الباهلة والمدّينة التي حدثت فيهما المظاهرات، هما من أكثر مناطق العراق تعرضاً للظلم، فما تزال هاتان المنطقتان الغنيتان بالنفط والثروات، بلا ماء صالح للشرب، وإنما تصل إليهما مياه مالحة قادمة من شط العرب، فضلاً عن ارتفاع نسبة البطالة فيهما".
يشار إلى أن مدينة البصرة تعد رسمياً "عاصمة العراق الاقتصادية"، وفيها أكبر وأضخم الحقول النفطية في البلاد، فضلاً عن احتوائها على أهم خمسة موانئ تجارية نشطة ومنفذ حدودي بري مع إيران، وآخر مع الكويت.