مظفّر النواب.. كأنّك غربة

مظفّر النواب.. كأنّك غربة

29 فبراير 2016
(النوّاب)
+ الخط -

بات الأمر حدثاً وحديثاً سنويّين: الشاعر العراقي مظفّر النوّاب في وضعٍ صحي حرج. عبارة تتردّد في مواقع التواصل الاجتماعي، ثمّ سرعان ما تتناقلها المواقع الإخبارية، مُضافاً إليها نداءات للحكومة العراقيّة كي تتكلّف برعايته وعلاجه من "الزهايمر"، وأمراض أخرى، يُزعم أنه يُعاني منها.

في بعض الأحيان، تخرج علينا مواقع لم يُسمع بها من قبل، تقول إنّ النوّاب (1934) قد رحل، ثمّ تخرُج مواقع أخرى وتنفي صحّة الخبر. هكذا يجري إعداد الأكفان إعلامياً لصاحب "بحّار البحارين"، وكأنّ رغبةً دعائيةً لدى المواقع تقتضي بث هذه الإشاعات.

في هذه الأيّام، أشيع أن النوّاب "يعيش في وضع صحي ومعاشي سيّء، ويفقد القدرة على المشي، وتآكلت ذاكرته بسبب الزهايمر؛ ما اضطره إلى مغادرة سورية والانتقال إلى بيروت لتلقّي العلاج"، أخبار مصحوبة بناداءت للحكومة العراقية من جديد.

أمس وأوّله، نشرت مواقع أن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، "أبدى استعداده للتكفّل بعلاج الشاعر"، مع مزاعم أنّ هذه الخطوة جاءت تلبيةً لما نشرته حول تدهور وضعه الصحّي.

من جهته، نفى الشاعر العراقي جمعة الحلفي، في منشور على صفحته في فيسبوك، صحّة ما يُتداول حول النوّاب، مؤكّداً أنّه "بخير ووضعه الصحي مستقرّ"، موضّحاً أنه "لم ينتقل من سورية إلى بيروت، إنما هو في الشارقة منذ أكثر من عام".

وأشار الحلفي في منشوره إلى رسالة وصلت من مرافق النوّاب، حازم الشيخ، إلى الشاعر كاظم غيلان، يؤكّد فيها ذلك، قائلاً: "لا تأخذ الأخبار من الفيسبوك". كما لفت إلى أن النواب "لم يقبل أية مساعدة مالية من أي كان، وقد رفض عروضاً من هذا النوع قدّمها رئيس الوزراء السابق، المالكي".

تحوّلت هذه الإشاعات، والأخذ والردّ فيها، إلى ما يُشبه طقساً موسميّاً، تتبنّاه صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض المواقع التي تبحث عن قرّاء بأي ثمن، لكن صاحب "الريل وحمد" لا يردّ، ولم يكن له ظهورات إلّا قليلة جدّاً على وسائل الإعلام، بعد أن تقاذفته المنافي، منذ بداية السبعينيات، متنقّلاً بين دمشق وبيروت والعواصم الأوروبية: "فكأنك غربة/ وكأنّك كنت رصيفاً في الغربة/ وكأنك مألوف في الغربة/ وكأنك.. لا أدري.. غربة".

في عام 1963، غادر النوّاب العراق بسبب التضييقات التي فرضها النظام آنذاك على الشيوعيين والقوميين. لكن، كانت الاستخبارات الإيرانية على الجهة الأخرى من البوابة، فألقت القبض عليه، وسلّمته إلى الأمن العراقي، وحُكم عليه بالإعدام.

في السجن، حفر صاحب "قراءة في دفتر المطر" نفقاً، وهرب. عاش متخفيّاً حتى سنة 1969؛ حيث صدر عفوٌ عن المعارضين. عمل في التعليم، ثم غادر العراق مرّة أخرى، إلى أن عاد في زيارةٍ عام 2011، بما يذكّر في مقطعٍ جارح له: "بغداد/ سوف نبكي حينما نلتقي/ وتمسحين تراب ثلاثين عاماً من الطرقات في قلبي/ وضعفَ عيوني بمن قد رأيت".


اقرأ أيضاً: مظفر النواب: ثمانينية هادئة للشاعر الصاخب

المساهمون