مصر تبدأ رحلة "التقشف" بزيادة أسعار السلع المدعومة 17%

مصر تبدأ رحلة "التقشف" بزيادة أسعار السلع المدعومة 17%

25 يونيو 2014
رفع أسعار السلع التموينية المدعومة وتحرير أسعارها (أرشيف/بلومبرج/Getty)
+ الخط -

قررت وزارة التموين والتجارة الداخلية في مصر تغيير منظومة دعم السلع التموينية المطبقة منذ أكثر من خمسة عقود، عبر تقليص الدعم على هذه السلع بنحو 17% وإخضاع أسعارها للسوق الحرة وفقا للعرض والطلب.

وجاء القرار بعد ساعات قليلة من تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أمس الثلاثاء التي أبدى فيها توجهاته لتطبيق حزمة من الإجراءات التقشفية لتقليص عجز الموازنة.

ويقضي قرار الوزارة، بإلغاء السلع التموينية القديمة التي يحصل عليها المواطنون بأسعار مدعومة (الزيت والسكر والأرز) مقابل دعم تمويني 15 جنيهاً شهرياً لكل مواطن من المدرجين بالبطاقات التموينية.

وحسب بيان الوزارة حصلت "العربي الجديد" على نسخة منه، سيتم استبدال السلع التموينية التي تدعهما الدولة، بسلع مماثلة تُباع بالسعر الحر (سعر السوق)، مع خصم 15 جنيهاً شهرياً لكل فرد، ما يعني أن البطاقة التي تضم فردين ستتمتع بخصم ثلاثين جنيهاً، وثلاثة أفراد 45 جنيهاً.

ويستفيد نحو 67 مليون مواطن من بيّن أكثر من 86 مليون مواطن يعيشون في مصر حالياً من منظومة دعم المواد التموينية من خلال 18.2 مليون بطاقة تموينية.

وكانت الحكومة توفر كميات محددة من الأرز (2كجم) والسكر (2كجم) والزيت (زجاجة ونصف) لكل مواطن يستفيد من الدعم بخصم 18 جنيهاً شهرياً، ما يعني تقليص الحكومة لدعم السلع التموينية بنحو 17% تعادل ثلاثة جنيهات على كل مواطن، لتوفر الحكومة بذلك ما يصل إلى 201 مليون جنيه شهرياً، وما يعادل 2.4 مليار جنيه، من إجمالي مخصصات لدعم السلع التموينية لا تتعدى 14 مليار جنيه سنوياً.

وقال "السيسي" أمس الثلاثاء، إنّه رفض التصديق على الموازنة الجديدة التي يبدأ العمل بها مطلع يوليو/تموز المقبل، لما تتضمنه من عجز كبير سيرفع الديْن العام لمصر لأكثر من تريليوني جنيه.

ويبلغ العجز في موازنة السنة المالية الجديدة 2014-2015 نحو 288 مليار جنيه تعادل نحو 12% من إجمالي الناتج المحلي، نزولاً من 350 مليار جنيه عجزاً كان من المتوقع أن يتحقق في الموازنة الجديدة ما لم تتخذ الحكومة الإجراءات التي شرعت بالفعل فيها مثل رفع أسعار الوقود وزيادة الضرائب والجمارك، ما يعني أن حكومة إبراهيم محلب قد خفضت العجز بالفعل بحدود 62 مليار جنيه.

غير أن رفض "السيسي" لهذا العجز المُعدّل بناءً على إجراءات تقشفية، يُنذر بمزيد من الإجراءات التي من شأنها إرهاق قرابة 40 مليون مصري في تعداد الفقراء، خاصة وإن خيارات مصر لتقليص عجز الموازنة محدودة وترتكز في المقام الأول على خفض الدعم عن المواطنين، وهو ما بدأت به بالفعل وزارة التموين والتجارة الداخلية.

ودائما ما يحذر خبراء، الحكومة في مصر من الإقدام على إجراءات تقشفية في ظل اتساع رقعة الفقر لأكثر من 40 مليون مواطن، وارتفاع معدلات البطالة لنحو 25% وفق تقارير متخصصة و13.6% وفق بيانات رسمية.

وفي عام 1977 خرجت مظاهرات حاشدة ضد الرئيس الراحل أنور السادات، عندما قرر زيادة أسعار السلع التموينية وفي مقدمتها الخبز السكر والزيت والأرز، فيما عُرف وآنذاك باسم "انتفاضة الخبز"، وأجبر المتظاهرون الرئيس السادات على التراجع عن قرارته، كما كانت العدالة الاجتماعية وتوافر السلع التموينية ممثلة في العيش "الخبز" إحدى الركائز الثلاث التي قامت عليها ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وقال نادر نور الدين مستشار وزير التموين الأسبق، لـ "العربي الجديد": "الدعم نوعان إما نقدي أو عيني، لكن الوزارة بهذا القرار عملت "خلطبيطة" (تخبط). لا نعرف إذا كان هذا القرار دعم عيني أم نقدي".

وأوضح أن الدعم العيني هو توفير الدولة للسلع التي يحتاجها المواطن في شكل سلع وبضائع كما كان في المنظومة القديمة، والدعم النقدي هو عبارة عن إعطاء المواطن نقوداً تساوي قيمة الدعم العيني يشتري بها السلع من المكان الذي يريده، "والوزارة لم تفعل هذا أو ذاك".

وقال نور الدين، إنّ الدولة كانت تدعم المواطن بثلاثة جنيهات في الأرز، وست جنيهات في السكر، وعشرة جنيهات في الزيت، بإجمالي 18 جنيهاً، خفضتها المنظومة الجديدة إلى 15 جنيهاً، وفرضت على المواطن الشراء من البقالين التموينين، وهو ما يُخالف العُرف فإذا كانت الدولة تتجه للدعم النقدي فهذا يعني إتاحة الفرصة للمواطن للشراء من أيّ مكان، دون احتكار أو إجبار المواطن على الشراء من شخص بعينه.

ويرى رئيس اتحاد مفتشي التموين بوزارة التموين والتجارة الداخلية، العربي أبو طالب، لـ "العربي الجديد" أن تحديد الدعم بـ 15 جنيهاً للمواطن شهرياً غير منطقي، قائلا "كان يجب ربط الدعم بزيادة أسعار السلع في الأسواق وفق والعرض والطلب. إذا ارتفعت الأسعار فجأة فإن قيمة الـ 15 جنيهاً لن تساوي شيئاً".

 

المساهمون