مشاريع متوسطة وصغيرة لمواجهة حصار غزة

مشاريع متوسطة وصغيرة لمواجهة حصار غزة

29 مايو 2014
كثير من المشروعات بحاجة إلى تمويل في غزة (أرشيف/Getty)
+ الخط -

قبل خمس سنوات، بدأت الحاجة آمنة أحمد (57 عاماً)، من شمالي قطاع غزة، مشروعها الصغير القائم على تربية وتجارة المواشي، ليتحوّل اليوم إلى أحد المشاريع الاقتصادية المتوسطة الذي يوفر جزءاً من احتياجات أسواق الشمال من الماشية.

تقول الحاجة آمنة لـ"العربي الجديد" إن فكرة مشروعها جاءت بعد تجربةٍ صغيرة سبقته، حيث قامت بتربية بعض الماشية في منزلها، لتجد أن هذا الأمر من المشاريع التي تجلب أرباحاً جيدة، مقارنة بالمشاريع الأخرى.

وأضافت "اعتبرْتُ رؤوس الماشية التي كنت أربيها أنا وأبنائي بمبالغ بسيطة مجرد تجربة، وخلال ثلاثة أعوام من تربيتي للماشية وبيعها في السوق بمكاسب جيدة، وجدت أنها من المشاريع التي قد تجلب لنا أرباحاً كثيرة جداً وتتطور خلال فترة وجيزة، فتوجهت إلى مؤسسة محلية للإقراض لأحصل على قرض بنحو ثمانية آلاف دولار".

وأشارت الحاجة آمنة إلى أن رأس مال المشروع في الوقت الراهن أصبح مضاعفاً بعدما سدّدت كل الأقساط المستحقة عليها من القرض.

أما الشاب محمد نجم (28 عاماً)، من مدينة غزة، صاحب أحد متاجر بيع وصيانة الحواسيب الصغيرة، فأشار إلى أنه تلقّى قرضاً بما يقارب 20% من قيمة مشروعه التي تراوحت ما بين ستة وسبعة آلاف دولار من إحدى مؤسسات الاقراض.

وبيّن نجم لـ"العربي الجديد" أن البدء بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة في الوقت الراهن لا يعني أن يتضاعف رأس المال، وإنما أن توفّر تلك المشاريع مصدراً ثابتاً للدخل، وهو أضعف الإيمان في واقع قطاع غزة.

وانتشرت خلال السنوات الماضية، العديد من مؤسسات الإقراض الفلسطينية التي تسعى لتأمين قروض تجارية وشخصية لسكان القطاع، غير أن الشروط التي تفرضها تلك المؤسسات، من قبيل تأمين كفلاء، تبقى عائقاً أمام بعض المواطنين.

وقالت مديرة مكتب الشركة الفلسطينية للإقراض "فاتن"، بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، شادية النيرب، إن الهدف الأساسي لمؤسستها هو التنمية وخاصة للمشاريع التي تمتلكها النساء، من دون إخضاع المشاريع وأصحابها لأي شروط سوى أن تكون "حلالاً وقانونية"، إضافةً إلى وجود الكفلاء المصرفيين لتأمين السداد.

وأوضحت النيرب في مقابلة هاتفية مع "العربي الجديد" أن منح القرض يكون لمن يمتلك مشروعاً قائماً، غير أن هذا الشرط لا يقف عائقاً أمام التمويل، مضيفة: "نموّل المشاريع ذات البعد التنموي والمفيد مثل البقالة وتربية الطيور والماشية أو الصناعات كصناعة الجبن والألبان".

وأشارت النيرب إلى أن ما بين 60 و65% من المشاريع الممولة في مدينة رفح (أقصى جنوب القطاع) قائمة على الأرض والنسبة الباقية هي مشاريع مُوّلت من الصفر. وتزداد نسبة تمويل المشاريع القائمة في مجمل قطاع غزة لتصل إلى أكثر من 70%.

وبيّنت أن قيمة التمويلات تتراوح ما بين 500 ألف و25 ألف دولار، فيما السقف الأعلى يخص أصحاب المشاريع المتوسطة مثل المصانع التي تحتاج إلى ماكينات تصنيع كبيرة، مشيرة إلى أن محفظة التمويلات في مدينة رفح وحدها تحتوي على ثلاثة ملايين دولار هي قيمة الأموال المقدّمة كقروض للمواطنين.

ولفتت النيرب إلى أن الفائدة التي تتقاضاها مؤسستها من أصحاب المشاريع التي حصلوا على القروض منها تصل إلى 6.5% سنوياً، فيما القروض الشخصية لشراء لاب توب شخصي أو سيارة مثلاً، تصل قيمة الفائدة عليها إلى 8% سنوياً.

ولفت الخبير المالي والمصرفي الفلسطيني، رامي عبده، إلى أهمية دور مؤسسات تمويل وإقراض المشاريع قصيرة الأجل، إلا أنه شدد على أن غياب الضوابط التي تحكم هذه المؤسسات وحجم المشاريع التي تُضخ إلى السوق الفلسطينية والتي لا تناسب حاجة المواطنين، أبعدا هذه المؤسسات وتمويلها عن خدمة الاقتصاد الفلسطيني بشكلٍ مباشر.

وأرجع عبده، في مقابلة مع "العربي الجديد"، أسباب فرض مؤسسات التمويل شروطاً صعبة على المواطنين الراغبين في الاقتراض، إلى غياب عوامل الأمان الائتمانية لتلك المؤسسات التي قد توفرها الحكومة.

وأضاف "غياب المنظومة الرسمية عن دعم هذه المؤسسات التي بحاجة إلى حاضنة لها لأن مخاطر الائتمان عالية جداً، دفعها إلى فرض شروطها الصعبة على المواطنين".

وقال إن هناك تجارب لدى الكثير من الدول في تقديم الرعاية لمثل هذه المشاريع، والسلطة الفلسطينية تستطيع لعب دور مهم لتقديم ضمانة، والاشتراط على المؤسسات الممولة أن تضع شروطاً سهلة التحقق، إضافة إلى تقديم دعم لوجيستي لتحقيق المرجو من المشاريع.

وبيّن عبده، أن مشاريع المواطنين الصغيرة والمتوسطة بحاجة إلى متطلبات أخرى مثل التدريب وتسويق منتجاتها، فضلاً عن الدعم المصرفي الفلسطيني من خلال رفع ما سماها "الشروط التعجيزية" التي تضعها المصارف أمام المواطنين الذين هم بحاجة إلى دعم.

دلالات

المساهمون