ابتداءً من منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء (12-13 مايو/أيار) بدأت أطراف الصراع في اليمن هدنة إنسانية لمدة خمسة أيام، لكن خروقات عدّة سجّلت أمس الأربعاء. إلى ذلك، وصل المبعوث الجديد المعيّن من الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد شيخ أحمد إلى جانب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن يوهانس فان دير كلاو وبعض أهم موظفي الأمم المتحدة الدوليين إلى صنعاء يوم أمس الأول، لإطلاق عمليات إنسانية وتوزيع المساعدات على المتضررين في مناطق مختلفة في 19 محافظة متضررة من الحرب الدائرة منذ أواخر مارس/آذار الماضي.
وبحسب المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن، تعدّ محافظات عدن والضالع ولحج من المناطق الأكثر تضرراً بسبب طول فترة الحصار التي تعدّت أربعين يوماً وسط اشتباكات مسلحة وانعدام الخدمات الأساسية وقطع الطرقات، بينما عانت محافظة صعدة في أقصى الشمال كثيراً نتيجة كثافة الضربات الجوية ونزوح معظم سكانها إلى محافظات مجاورة.
وكان دير كلاو قد علّق قائلاً إن فترة الهدنة المعلنة من أجل تمكين المنظمات الإنسانية من تسيير عمليات الإغاثة، غير كافية للقيام بواجبها. وطالب بتمديدها حتى تأتي تلك العمليات أكثر شمولية وفعالية، داعياً أطراف الصراع إلى احترام حياة المدنيين وحمايتهم وحماية موظفي الإغاثة في أثناء عملهم.
تجدر الإشارة إلى أن المنظمات المختلفة لم تتمكّن في الفترة السابقة من تقييم احتياجات المتضررين من الحرب وتقديم الخدمات لهم، بسبب انعدام الأمن في كل المناطق وفقدان الوقود اللازم لتنقل فرق الإغاثة. لذا كان الموظفون الدوليون يعملون في مكاتب في خارج اليمن، بينما كان يعمل معظم الموظفين المحليين من منازلهم، في حين راحت قلّة من المنظمات الدولية والمحلية تخاطر بالعمل في الميدان.
وبحسب مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، تمكنت منظمات الإغاثة من إحصاء ما يزيد على 330 ألف نازح حتى منتصف الشهر الماضي، إلا أنه ما من إحصائيات محدّثة وسط تزايد وتيرة النزوح، خصوصاً في مدن صعدة وتعز وصنعاء.
إلى ذلك تفيد المعلومات بأن ثمّة حاجة كبيرة لدى هؤلاء المتضررين إلى مساعدات غذائية ومياه وصرف صحي ومستلزمات إيواء من قبيل الخيم وغاز الطبخ وغيرها.
من جهة أخرى، يفيد الدكتور ناصر وهو أحد الأطباء المتطوعين في مدينة عدن وقد اكتفى بذكر اسمه الأول، بأن "جثثاً كثيرة مرميّة في شوارع عدن ومتحللة منذ أسابيع ولا يستطيع أحد إزاحتها بسبب القنص". ويشير إلى أن أقسام الطوارئ تستقبل عشرات الحالات من نساء وأطفال دفعة واحدة بسبب القصف العشوائي والقنص، مضيفاً أن "كثيرة هي الحالات التي نعجز عن إسعافها ونضطر إلى تركها تموت، إذ هي معقدة. نحن مجبرون بالعمل بحسب الأولوية".
اقرأ أيضاً: طوابير في عدن
تكثر الأخبار عن عزم دول ومنظمات دولية المساهمة في تقديم مساعدات إغاثية متنوّعة. لكن بعض ذلك يبقى مجرّد وعود. وتعدّ المساعدة السعودية أكبر مساعدة إنسانية معلنة حتى الآن مع 274 مليون دولار أميركي، كانت الأمم المتحدة قد طلبتها في منتصف الشهر الماضي. ويلفت أحد مسؤولي الأمم المتحدة في اليمن إلى أن الحكومة السعودية اشترطت ضرورة استهدافها الاحتياجات المنقذة للحياة وخدمات الحماية في مجالات الغذاء وتغذية الأطفال والأمهات الحوامل والمرضعات، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب ومستلزمات النظافة والخدمات التي من شأنها حماية المدنيين وخصوصاً الأطفال والنساء والفئات المهمشة.
إلى ذلك، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية الأسبوع الماضي عن تخصيص مساعدات بقيمة 68 مليون دولار للاحتياجات الإنسانية.
وفي هذا السياق، أعلن برنامج الأغذية العالمي أول من أمس، إطلاق مشروع "المعونات الغذائية الطارئة" لإطعام أكثر من 750 ألف متضرر من النزاع في اليمن في خلال الهدنة الإنسانية. وأشار البرنامج إلى وصول سفينة إلى ميناء الحديدة تحمل 250 ألف لتر من الوقود والإمدادات اللازمة لمنظمات إنسانية أخرى، في حين وصلت سفينة أخرى إلى المياه الدولية تحمل 120 ألف لتر إضافية من الوقود. وتمثل الشحنتان 15% من الاحتياجات الشهرية من الوقود اللازمة للعمليات الإنسانية.
ويوضح عبد الإله تقي وهو موظف سابق في الأمم المتحدة، أن ميزانية خطة المساعدات الإنسانية الخاصة باليمن لهذا العام "بلغت 748 مليون دولار وسيصار إلى مراجعتها من أجل رفعها بما يتماشى مع الوضع الإنساني الراهن". يضيف تقي أن المنظمات "لم تتوقع عند وضع الخطة في نهاية العام الماضي، أن تصل تطورات الصراع في اليمن إلى هذا المستوى". ويتوقع أن "ترتفع ميزانية هذه الخطة لهذا العام إلى 1.2 مليار دولار من دون احتساب الدعم السعودي المذكور إليها". ويوضح تقي أن توصيل المساعدات يبقى من أبرز التحديات التي تواجهها هذه المنظمات، في حين تنافس النكبات الإنسانية في كل من سورية ونيبال والعراق، اليمن في الحصول على دعم إنساني.
وكنتيجة لانعدام الأمن، عبّرت منظمات إنسانية عديدة لا سيّما وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسقة الإغاثة في حالات الطوارئ، فاليري آموس، عن مخاوفها من "تسييس المساعدات الإنسانية التي تحتاجها اليمن". وأتى ذلك بعد استلامها تقارير من منظمات تشير إلى مواجهتها تحديات لعدم إخراج المساعدات من نطاق "الإنسانية المحايدة والمنصفة". فتلك المنظمات والدول المانحة تواجه تحديات كبيرة نظراً لغياب سيادة الدولة وضمان الشفافية في استخدام تمويلاتها الإنسانية والتنموية.
من جهتها، أعلنت قطر تسييرها أمس رحلتَين من ضمن الجسر الجوي، تحملان 120 طناً من المساعدات القطرية المتنوعة إلى اليمن عبر مطار أمبولي الدولي في جيبوتي. وترافقهما مجموعة من فرق البحث والإنقاذ القطري "لخويا"، على أن تُسيَّر اليوم رحلتان أخريان تحملان أيضاً 120 طناً من المساعدات.
اقرأ أيضاً ماري كلير فغالي: الصليب الأحمر يسلّم بمأساة اليمنيّين