مراكز بحوث في العراق: أدوات الحرب الإيرانية

مراكز بحوث في العراق: أدوات الحرب الإيرانية

16 مارس 2015
إيران تخترق المنطقة بمراكز البحوث (الأناضول)
+ الخط -
تزخر المدن العراقية الجنوبية فضلاً عن العاصمة بغداد، بمراكز البحوث الإيرانية، التي تركز عادة على الجانب السياسي والأمني في العراق ودول المنطقة، مثيرة خلفها زوبعة من الجدل الحاد في الأوساط العراقية حول ما تطرحه من دراسات يعتبرها بعضهم حرباً إيرانية باردة ضدّ عروبة العراق، ومحاولة دفع المجتمع باتجاه الخندق الديني والطائفي، خصوصاً مع بدء تناولها مواضيع تاريخية تتعلق بالمنطقة العربية وتاريخ الفتوحات الإسلامية.

وبحسب منظمة "رصد" المحلية العراقية، فإن "تسعة مراكز بحثية إيرانية تعمل في العراق منذ مدة طويلة، وتستقطب أساتذة جامعات وكتّاباً وصحافيين محليين تطورت في الفترة الأخيرة، لتضم شخصيات عربية من البحرين والكويت وسورية ومصر، وتعكف على تنظيم دورات وورش عمل مختلفة فضلاً عن مؤتمرات دورية منتظمة بين الحين والآخر، كلها تتناول الشأن العربي في المنطقة والأزمات الحالية".

اقرأ أيضاً (المالكي: معركتنا مشتركة في العراق وإيران وسوريّة ولبنان والبحرين)
ويقول رئيس مركز "أقلام عراقية"، وهو مركز للرصد الفكري الثقافي في العراق، محمد مفيد الجبوري، في حديث إلى "العربي الجديد" إن "الكثير من مراكز البحث تلك غير مرخصة، وتعمل تحت رعاية زعامات دينية وأحزاب سياسية موالية لإيران، وتمارس دوراً في إشاعة ثقافة الدين الضيقة في إطار الطائفية على حساب القومية العربية التي ظلت عاملا مشتركا لتماسك دول المنطقة طيلة القرون الماضية وما مرت به من محن".

ويضيف الجبوري أن البحوث والأطروحات التي تركز عليها تلك المراكز عادة ما تنتهي بنتائج واحدة، وهي الدين ونبذ القومية العربية، مبدياً استغرابه من "موافقة أحد تلك المراكز على مناقشة بحث يتعلق بعدم جواز اعتبار النبي محمد عربياً".

واستضاف مركز "آفاق" الاستراتيجي، أحد المراكز التسعة الإيرانية في العراق، ومقرّه في مدينة النجف، أخيراً، مؤتمراً حول "مصير شعوب المنطقة بعد نفاد النفط منها". وجرى خلاله تناول أطروحات عدة من باحثين عراقيين وعرب، أهمها من مصر واليمن والبحرين والكويت، كانت نتائجها الأخيرة ضرورة نبذ القومية العربية والتمسك بما وصفوه (الرباط الإسلامي المعتدل الموحِّد للطوائف) وفقاً لما يذكره الجبوري، الذي وصف تلك المراكز بأنها تنفّذ استراتيجية إيرانية بعيدة المدى، تجري في العراق، لكنها تتعلق بكل دول المنطقة.
واضطر أحد تلك المراكز البحثية الإيرانية إلى تغيير اسمها من مركز "الخليج الفارسي" للدراسات الاستراتيجية إلى "الخليج للدراسات الاستراتيجية" بعد موجة اعتراضات كبيرة أطلقها أكاديميون ومثقفون عراقيون.
وحول ذلك يقول أستاذ في جامعة بغداد طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، إن "تلك المراكز ولدت في العراق لنشر فكر جاهز، وليس للبحث عن الفكر أو تهذيبه وكشف الحقيقة، كما هي حال المراكز الأخرى".

ويضيف الأستاذ الجامعي في حديث لـ "العربي الجديد" أن "إيران فشلت في بسط نفوذها على المنطقة، عندما كان غطاؤها قومياً بحتاً، لكنها اليوم تنجح بالغطاء الديني وتحاول ترسيخ ذلك من خلال تلك المراكز وغيرها".

وتدفع المراكز مبالغ مالية مغرية للطلاب والباحثين من داخل العراق وخارجه، كما تتكفل بطباعة كتبهم وبحوثهم على نفقتها، من دون أن يكون لها أي حقوق فيها، بحسب ما أكّدت الباحثة رحاب الصاوي من بغداد لـ "العربي الجديد".
وتقول الصاوي "شاركت في مؤتمر واحد فقط لها، وقررت ألا أشارك مرة أخرى، فأنا عراقية شيعية وأفتخر بعراقيتي وعروبتي وديني، وليس من اللازم أو من الضروري أن أثبت حبي لطائفتي بالانتقاص من العرب أو التشكيك بهم وبتاريخهم".

وعلى الرغم من امتلاك تلك المراكز البحثية مقار لها، إلا أنها لا تقيم فيها أي نشاطات، إذ عادة ما تستخدم قاعات كبيرة في الجامعات والمعاهد العراقية والفنادق الكبيرة.
ويرفض القائمون على تلك المراكز، وهم عادةً من الإيرانيين، التحدث إلى وسائل الإعلام حول ماهية تلك المراكز، كما أنها لا تملك أي مواقع لها على الإنترنت من أجل العودة إلى تفاصيل سيرتها الذاتية، وهو ما يثير استغراب واحتجاج الشارع العراقي.

المساهمون