مخزون النفط يفجّر الصراعات في الجوف اليمنية

مخزون النفط يفجّر الصراعات في الجوف اليمنية

01 مارس 2014
مخزون النفط يفجر الصراعات في الجوف اليمنية
+ الخط -
ارتفعت أخيراً وتيرة الاهتمام بمحافظة الجوف شمال اليمن، المجاورة للمملكة العربية السعودية، جراء ما يتردد عن مخزون نفطي هائل في المحافظة.

وقال خبراء نفط إن نتائج المسح الاوّلي في المحافظه من قبل شركات متخصصة، تؤكد أن الاستكشافات النفطية في محافظه الجوف ستفوق التوقعات.

مصادر في هيئة استكشاف النفط اليمنية أكدت لـ"العربي الجديد" أن الجوف فيها مؤشرات لمخزون من الغاز، لكنه وفق المصادر، ليس بالحجم الذي يروج له حالياً.

وتعد الجوف ثالثة أكبر المحافظات اليمنية عموماً، وأكبرها في شمال اليمن، إذ تبلغ مساحتها حوالى 39.496 الف كيلومتر مربع أي حوالى 7.2% من إجمالي مساحة اليمن، ولكنها من أقلها سكاناً، إذ بلغ عدد سكان المحافظة وفقاً لنتائج التعداد العام للمساكن والسكان والمنشآت 443.797 الف نسمة.

 

حقيقة الثروات

الجوف إحدى المحافظات النفطية إلى جانب مأرب وحضرموت وشبوة، وخلال العامين الماضيين تداولت الكثير من الأنباء التي تقول إن الجوف تقع على بحيرة من النفط. وذهبت الأنباء إلى وجود أكبر بئر نفطية في الجزيرة العربية في منطقة حدودية مع السعودية.

ولعل الأهمية المتصاعدة للجوف خلال الفترة الماضية ارتبطت بهذه الأنباء والشائعات التي لم تؤكدها السلطات أو تنفِها بصورة قاطعة لشهور طويلة.

وفي سبتمبر /أيلول الماضي، أكد محافظ الجوف اكتشاف 4 آبار نفطية في الحقل 19، وقال إن الجوف تربض على "بحيرة من الغاز"، حتى أعلنت شركة صافر الشهر الجاري عن اول اكتشاف غازي بالمحافظة في القطاع الذي يقع بين الجوف ومأرب.

 

صراع محتدم

مسألة اكتناز الجوف ثروة هائلة من النفط والغاز أمر يرى فيه بعض خبراء النفط مبالغات واضحة، الا انهم أكدوا ان المنطقة غنية بثروات الطاقة، والدليل اكتشاف حقول غاز.

وهناك أبعاد استراتيجية لهذه المدينة تتعلق بالحدود، إذ يواجه اليمن ضغوطاً سعودية لوقف التنقيب عن النفط في الجوف والمناطق الحدودية، حسب تصريحات نقلتها الصحف اليمنية أخيراً.

ويرمي سياسيون إلى عدة أهداف من الترويج لمخزون كبير، أبرزها إشعار ابناء شمال اليمن بأن لديهم ثروة نفطية أضعاف ما في الجنوب، وبالتالي إسقاط البعد الاقتصادي من مشاعر الحفاظ على الوحدة.

 

إهمال كبير

خلال العقود الماضية، اشتهرت الجوف بأنها أكثر المحافظات إهمالاً في عهد النظام السابق، حيث انحصر وجود الدولة في بعض عواصم المديريات.

كذلك تُعد من أكثر المحافظات تجسيداً للمجتمع القبلي والصحراوي، وبعدها محافظة مأرب وكلتاهما (الجوف، ومأرب) غنيتان بالآثار ومتقاربتان في النمط القبلي والعادات وتشهدان بعض الاختطافات للأجانب، وأعمال التقطع بسبب ضعف وجود الدولة.

وخلال 6 حروب خاضتها القوات الحكومية مع جماعة الحوثيين بين العامين (2004- 2010) في صعدة، اشتهرت الجوف بأنها المحافظة الأكثر تأثراً بتلك المواجهات.

وكغيرها من المحافظات الصحراوية الغنية بالنفط، تُعد بعض مناطق الجوف ملاذاً (مؤقتاً) للقاعدة، وفيها تنفّذ بعض ضربات الطائرات الاميركية بدون طيار (الدرون) التي تتعقب أفراداً قاعديين ومشتبهين بالانتماء للقاعدة.

وأبرز تلك الضربات استهداف "أنور العولقي" الذي كانت تصفه بعض وسائل الإعلام الاميركية بأنه "بن لادن الجديد"، وبأنه "بن لادن الانترنت".

 

الجوف والأقاليم

وفي إطار التقسيم الذي أقر وفقاً لمخرجات مؤتمر الحوار بتحويل اليمن إلى دولة اتحادية من 6 أقاليم، دخلت الجوف ضمن محافظات ما سمي "إقليم سبأ" إلى جانب محافظتي مأرب والبيضاء ، الأمر الذي يرى بعض المراقبين أنه خالف إرادة الحوثيين الذين يريدون الجوف إلى جانب صعدة في الإقليم الذي يقع فيه نفوذهم.

وتكمن الأهمية الاستراتيجية للجوف في أنها أكبر المحافظات اليمنية مساحة وتحد المملكة العربية السعودية، وكذا وجود مؤشرات على احتواء المحافظة مخزوناً غازيّاً لا بأس به.

ولا يستبعد مراقبون محليون أن تكون محافظة الجوف منطقة أحداث ساخنة خلال الفترة المقبلة، إذا ما استمر الانفلات الأمني وضعف الدولة، حيث من الممكن أن تتجدد المواجهات بين الحوثيين وقوات الحكومة والقبائل الرافضة لتمدد الحوثيين، سواء المحسوبة على الاصلاح أو غيره.

وتبعد عاصمة الجوف "مدينة الحزم"، عن العاصمة صنعاء بحدود (170 كلم.)، يحدّها من الشمال المملكة العربية السعودية ومن الغرب والشمال الغربي محافظتا عمران وصعدة، ومن الجنوب محافظتا صنعاء ومأرب، ومن الشرق محافظة حضرموت.

وتضم أراضي خصبة وودياناً ومناطق صحراوية وشبه صحراوية تتداخل مع صحراء الربع الخالي. وتنتج الجوف ما نسبته (4.9%) من إجمالي الناتج الزراعي في اليمن، وهي من أكبر المناطق الغنية بالآثار، باعتبارها كانت عاصمة حضارة "معين" (أقدم حضارات اليمن قبل الميلاد وعاصمتها مدينة قرناو).

تنقسم الجوف إدارياً الى 12 مديرية، وتحوي مجموعة من القبائل، نسبة كبيرة منهم من قبيلة بكيل، ومنها قبائل برط التي عرفت في الكتب التاريخية بأنها "جمرة العرب"، كما تضم أيضاً فئة الأشراف الهاشميين الذين منهم محافظها الحالي.

المساهمون