مجموعة بن لادن تعيد هيكلة ديون ضخمة...سقوط عملاق المقاولات

مجموعة بن لادن تعيد هيكلة ديون ضخمة... رحلة سقوط عملاق المقاولات بالسعودية

26 ابريل 2020
توقف أعمال الشركة باستثناء بناء قصور في مشروع نيوم(Getty)
+ الخط -


سبتمبر/أيلول، شهر فارق في تاريخ مجموعة بن لادن السعودية، ففي 2001 نجت بأعجوبة من تداعيات هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، بينما لم تنج في نفس الشهر من عام 2015، حيث هوت مع سقوط رافعة بناء في الحرم المكي، قالت مصادر آنذاك إنها كانت بمثابة ذريعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في فترة لاحقة لبسط سيطرته على إمبراطوريّة المقاولات العملاقة.

بعد ما يقرب من خمس سنوات من شبه التأميم الحكومي والتعثر وارتباك الأعمال، أعلنت المجموعة في بيان، أوردته وكالة بلومبيرغ الأميركية، اليوم الأحد، عن إجراءات لهيكلة ديون ضخمة تصل قيمتها إلى 56 مليار ريال (15 مليار دولار).

وأشارت المجموعة إلى اختيار بنك الاستثمار الأميركي "هوليهان لوكي" كمستشار  لإعادة هيكلة هذه الديون، لافتة إلى أن البنك سيساعد في إجراء مراجعة شاملة وإعادة هيكلة رأس مال المجموعة، وذلك بهدف إعادة تنظيم أصولها وتسهيل العمليات، وزيادة الأنشطة في المشاريع والأعمال الرئيسية.

والديون المعلن عن هيكلتها، وفق بيان المجموعة، أضخم بكثير مما كشفت عنه وسائل إعلام سعودية وعالمية قبل أقل من ثلاث سنوات، منها بلومبيرغ، التي أشارت في تقرير لها في نوفمبر/تشرين الثاني 2017 في أعقاب حملة اعتقالات طاولت أمراء ورجال اعمال سعوديين بارزين بدعوى الفساد في ذلك العام، إلى أن ديون "بن لادن" تقدر بنحو 793 مليون دولار.

ويكتنف الغموض مستقبل عملاق المقاولات السعودي، الذي شيد مشروعات ضخمة في العديد من المجالات السياحية والصناعية والعقارية في المملكة على مدار عقود ماضية.


وسبق أن عرفت أسرة بن لادن مشاكل اقتصاديّة، فقد كان ابنها أسامة العقل المدبر وراء هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 في الولايات المتحدة، غير أن العائلة نجت من تلك العاصفة بقيادة بكر بن لادن نجل مؤسس المجموعة والأخ غير الشقيق لزعيم تنظيم القاعدة الراحل.

لكن المجموعة لم تتمكن بقيادة الرجل ذاته من النجاة في أعقاب حادثة انهيار رافعة بناء تابعة في الحرم المكي في سبتمبر/أيلول 2015، وهو نفس العام الذي حول فيه محمد بن سلمان أنظاره إلى إمبراطورية بن لادن، بينما لم يكن قد تقلد بعد ولاية العهد.

وفي 2015 اتصل بن سلمان برئيس مجلس إدارة المجموعة، بكر بن لادن، وقال له إنه يريد أن يصبح شريكا في المجموعة، بحسب ما أكده ستة أشخاص تم إطلاعهم على ما دار بينهما، وفق تقرير لوكالة رويترز نشر في 27 سبتمبر/أيلول 2018.

وصور الأمير عرضه كفرصة لأداء عمل وطني يسهم في تغيير شكل اقتصاد المملكة المعتمد على النفط. وكان بكر بصفته رئيسا للشركة معتادا على تنفيذ طلبات أفراد الأسرة الحاكمة.

لكن المصادر قالت آنذاك إنه تردد أمام ما قاله بن سلمان، ورد بأنه يحتاج بعض الوقت للتشاور مع بقية المساهمين من أفراد أسرة بن لادن.

وفي الشهور التالية ازداد نفوذ محمد بن سلمان، حتى أصبح وليا للعهد في يونيو/ حزيران 2017، وتبنى حملة اعتقالات طاولت أمراء ورجال اعمال بارزين كان بينهم بكر بن لادن.


ومن بدايات متواضعة في 1931، ازدهرت مجموعة بن لادن، بفضل العلاقات الوطيدة، التي ربطت الأسرة بحكام المملكة المتعاقبين، لكن مع تولي بن سلمان ولاية العهد بدأ أفول نجم المجموعة العملاقة.

وتتولى مجموعة بن لادن تنفيذ 93 مشروعًا، وتربطها صلات بمقاولين من الباطن يصل عددهم إلى 1400 مقاول.

غير أن أغلب الأعمال متوقفة، حيث تركز جهودها على تسليم مشروع واحد بتكليف من بن سلمان، وهو مشروع "نيوم" الذي يمثل منطقة اقتصادية على ساحل البحر الأحمر، وتبلغ قيمة استثماراته 500 مليار دولار.

غير أن أولى المنشآت التي صدرت تكليفات بإقامتها في الموقع، كانت تقليدية إذ تمثلت في قصور فاخرة تطل على البحر، وأحد هذه القصور نسخة طبق الأصل من قصر أتمت مجموعة بن لادن بناءه للملك سلمان في مدينة طنجة المغربية، حسب ما قالت مصادر  لرويترز. وتم تحويل عشرات الآلاف من عمال مجموعة بن لادن من مشروعات أخرى في مختلف أنحاء البلاد للعمل في المشروع.

وبينما كان هناك ثلاثة من الأخوة بن لادن يشغلون مناصب تنفيذية عليا في المجموعة، تنازل بكر وشقيقاه صالح وسعد عن حصصهم التي تمثل 36.2 في المائة لصالح الدولة في إبريل/ نيسان 2018، بعد حملة اعتقالات واسعة.

المساهمون