ما لم يستوعبه كي مون

ما لم يستوعبه كي مون

27 مارس 2016
+ الخط -
منذ تأسيسها في سنة 1945 وقيامها على أنقاض عصبة الأمم، لعبت الأمم المتحدة، ولازالت، أدوارا مختلفة في ما يسمى حفظ الأمن والسلام في العالم، وضمت في عضويتها دولا عديدة، منها الغني ومنها الفقير، القوي والضعيف، وكان أول شرط قامت عليه هذه المنظمة ضربها مبدأ الديمقراطية والعدل الذي تنادي به، حيث حازت دول بعينها على العضوية الدائمة ولها حق النقض أو ما يسمى الفيتو الذي تشهره في وجه القرارات التي لا تستجيب لمتطلباتها أو لنقل مصالحها.
والملاحظ أن هذه البطاقة الحمراء ترفع في وجه دول بعينها، أي الدول الفقيرة، المتخلفة، أو التي تحاول الوقوف على قدميها لتصبح دولة نامية. لكن، في مقابل هذه المجهودات، يلاحظ أن سيف الأمم المتحدة مسلط على هذه الدول، وخصوصاً الدول العربية، لذلك تجد تقريبا أن لكل واحدة من هذه الدول مشكلا معيناً، تحشر المنظمة فيه أنفها، مع أن ذلك المشكل من صنيع الدول الاستعمارية، أو تقبع وراءه أياد تحرك خيوط اللعبة، وتستعمل أطراف أخرى لعرقلة أي تقدم أو محاولة للخروج عن الخطوط الحمراء التي يرسمها اللاعبون الكبار.
كم من القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة في حق إسرائيل؟ هل طبقت؟ هل نفدت؟ هل امتثلت لها دولة الاحتلال الحقيقي؟ أم أن الأمين العام للأمم المتحدة لا يستطيع أن يصف إسرائيل بأنها دولة احتلال، بينما عقدة لسانه تنفك ويخرج من حالة القلق التي يمر منها عندما يتعلق الأمر بدولة من دول العالم الثالث، فهو كلما واجهته مشكلة لا يستطيع أن يحلها إلا بإبداء حزنه والتعبير عن بالغ قلقه، وهنا تكمن مشكلة أمين عام الأمم المتحدة، وهي في الحقيقة اسم على غير مسمى، فلننظر إلى الإسم "أمم متحدة" يعني الاتحاد، وليس التفرقة وتقسيم المقسم.
كيف يعقل أن (أمين) هذه المنظمة العتيدة، وعلى طول ولايته التي أمضاها في التعبير عن قلقه، يخرج علينا بين عشية وضحاها بتصريح غريب، أن المغرب دولة محتلة؟ هل اكتشف، قبيل مغادرته مننصبه، هذه الحقيقة الرهيبة؟ أم هناك أشياء أخرى وراء هذا التصريح الذي لا يشرف منظمة الأمم المتحدة، وضرب عرض الحائط بكل دروس التاريخ والجغرافيا التي تقول إن الصحراء الغربية مغربية، أعجب ذلك أمين عام الأمم المتحدة وحكام الجزائر أو لم يعجبهم. فقد جرت العادة أن الدول الكبرى، ومن له مصلحة في تقسيم الدول العربية يستعمل الأمانة العامة للأمم المتحدة ورقة لتحقيق مآربه، ومن لم يستطع يتجه إلى منطق القوة، كما فعلت الولايات المتحدة الأميركية في عهد بوش، عندما غزت العراق، وأرجعته قرونا إلى الوراء، وهذا ما حدث في السودان، حين قسمت على أساس عرقي وديني، وحتى نفطي، إلى شمال وجنوب. ليبيا على القائمة، سورية أصبحت ملعبا يحرك فيه الكبار بعض البيادق، لتصفية الحسابات بينهم. أصبحت الورقة المذهبية عملة رائجة هذه الأيام، ومن ليس لديها مشكل مذهبي أصبحت جهات تحرك ما هو هوياتي والقائمة طويلة.
بان كي مون ومن أوعز له بتلك الفكرة غير السوية يجب أن يراجع أوراقه، وحتى حساباته، مسألة الصحراء في المغرب ليست قضية ملك أو حكومة وحدها فقط، بل قضية شعب بأكمله، وهذا ما لم يستوعبه الأمين، ولم تستوعبه النخبة الحاكمة في قصر المرادية، فعوض أن تصرف الجزائر مداخيل النفط والغاز في تلبية مطالب شعبها، وتحقيق الرفاهية له، نراها تخسر مليارات الدولارات، من أجل وقف تنمية المغرب، واللعب بمصير منطقة برمتها من أجل أفكار بالية تجاوزها الزمن، وعوض التكتل والاتحاد الذي هو أساس القوة، نرى الجارة الجزائر تسير في الاتجاه المعاكس، لكن ذلك كله لا يعطي الحق لبان كي مون أو غيره أن يهدد أمن منطقةٍ، حتى ولو بلسانه.
2D490069-E953-4BA4-A066-85F79C569506
2D490069-E953-4BA4-A066-85F79C569506
يونس كحال (المغرب)
يونس كحال (المغرب)