ما بعد المصالحة الفلسطينية
عماد مصطفى (فلسطين)
بحالة من الفرحة اللاواعية، وهروب من الواقع والكذب على النفس، بات المواطن الفلسطيني يتناقل خبر المصالحة بين حركتي فتح وحماس، فبعد أن كان ذكر حركة حماس في الضفة يعد لعباً "بعداد العمر"، وذكر حركة فتح في غزة يقترن بالمساومة والخيانة، بات الطرفان يتداولون عبارات التاريخ النضالي المشترك والشهداء الذين قاموا بأروع العمليات الفدائية، ويتحدثون عن الزنازين الإسرائيلية التي عرفت قيادات من جميع التوجهات الأيدولوجية الذين تقاسموا الخبز والماء سنوات طويلة، فإن كانت البوصلة تشير حقاً إلى القدس، فلماذا فرقتنا الوسيلة؟ أم أن الفصائل أصبحت تتسابق لتسجيل النقاط في صفحتها النضالية، مبتعدة عن الهدف الرئيس، وهو التحرير والتحرير فقط.
ألم يعد جلياً أن الأمر لا علاقة له، لا بالقدس أو العودة أو الحدود، وأن الشعار لا صلح لا تفويض لا تفريط بات قصة تروى للأطفال ما قبل النوم عن زمن الكرامة، ومثير للسخرية أن بعض رجال الصف الأول الذي كان يتغنى بالعلاقة التي تربطه مع بعض الدول والدعم المادي الذي تقدمه للقضية الفلسطينية، أخذ يصدح بالقرار الفلسطيني المستقل، فإن كان القرار مستقلاً، لماذا يقبع شباب فلسطينيون عديدون في السجون الفلسطينية، مع أن السبب الرئيس لاعتقالهم المقاومة، وإن كان بعضهم يتعذر بالدواعي الأمنية، وما الذي كان يعرقل المصالحة في السنوات الماضية، إن لم تكن حسابات البنوك والأبراج التجارية والشركات مجهولة رأس المال وشبكات الأنفاق.
لقد أصبح شباب فلسطيني يعول على أن الثورات العربية، وفي سورية تحديداً، وكذلك الوضع الأمني في لبنان الذي أقل ما يقال إنه شائك، ستدفع رأس المال العربي، والخليجي تحديداً، إلى الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، بحثاً عن منتجع لقضاء الإجازات الصيفية، وهو توجه ينم عن مدى الإحباط الذي وصل إليه المجتمع، في سبيل إيجاد فرصة لحياة كريمة، جراء تراكم الديون التي أثقلت كاهل الفلسطيني، ليس في سعيه إلى الرفاهية، ولكن، في إطار بحثه عن مقومات الحياة من مأكل ومشرب وسكن واستقرار.
لا مواجهة مع إسرائيل، مع غياب اعتراف واضح من أي طرف بوجود هدنة معلنة، مع قناعة الاحتلال بأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية والتعايش المشترك، القائم أساسا على الأمن، يقوم على إيجاد ربان في الطرف الفلسطيني، يمسك الدفة ويوجهها، حيث تقتضي المصلحة الأمنية الإسرائيلية فقط، ضاربة بعرض الحائط أبسط متطلبات الحياة للفلسطينيين، ما بات ينذر بعاصفةٍ، ستتبع الهدوء غير المسبوق للشارع الفلسطيني، فمن الغريب أن تثار مسألة السجناء الإداريين، والمصالحة في الوقت نفسه، وتجند لأجلها الإذاعات ومحطات التلفزة والأقلام. هل هو التمهيد لدخول المنتصر إلى الكنيست الإسرائيلي، لإبرام اتفاق السلام الدائم، كالذي تم بعد حرب أكتوبر المجيدة؟
يعود الوضع المعيشي الراهن بنا إلى بداية التسعينات، وما أعقب خروج منظمة التحرير من الكويت، الداعم الاقتصادي الأكبر للقضية الفلسطينية في ذلك الوقت، والضغط الاقتصادي الذي رافق وجود الفلسطينيين في الدول المضيفة، وتحديداً الأردن، ما أدى إلى تمرير اتفاق أوسلو، وكأنه المخلص لمعاناة الفلسطينيين، والحل الأوحد لتحقيق حلم العودة. لكن، لا يخفى على أحد أن الاتفاق لم يكن سوى أحجية، لا يستطيع فك رموزها، حتى مهندسوها، فهي، في كل مرة، تعود بجميع الأطراف إلى المربع الأول، الاعتراف بإسرائيل ويهوديتها، قبل كل شيء. كما لم يعد يجدي نفعاً اختباء بعض النخبويين وراء الشعارات البراقة، من مقاومة شعبية سلمية، لتسويق مدخل جديد لتسوية دائمة مع الشعبيين، على حد تعبيرهم.
لقد أصبح لزاماً على النخبة الصادقة على صعيد القيادة، أو الشارع الفلسطيني، الإصغاء إلى نبض الشارع، ومعايشة معاناتهم، وإيجاد حلول جذرية لمشكلاتهم، بعيداً عن ترهات المحاصصة في الحكومة المقبلة، وإبقاء المصلحة المحرك الرئيس، وليس انتصار فصيل على آخر، والتيقظ والحذر من المشروع القادم، دفاعاً عن كرامة شعب أو أمة، فالتسوية القادمة لن تمس مقومات حياة الإنسان الفلسطيني، بل ستكون على حساب تاريخه ودينه وهويته ووجوده، فإيجاد درع موحدة من الجميع الذين تجمعهم رؤية التحرير بكل ما للكلمة من معنى أصبح واجباً، سيسألون عنه أمام الشعب والتاريخ.
وللشعب الذي أنهكته التصريحات وخطابات الثوابت واللااعتراف والاستدعاءات الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة وسنوات عجاف أطفأت آخر بصيص للأمل، لجيل الشباب تحديداً، في السنوات السبع الماضية، وبعيداً عن التعصبات الحزبية البلهاء التي لم تورث سوى الحقد المجتمعي، والبحث عن نقاط الخلاف، بدلاً من إيجاد لبنات البيت الواحد، أن يبقى هناك ناقوس يدق مخيلة أفراد الشعب، من سيدفع الفاتورة؟
ألم يعد جلياً أن الأمر لا علاقة له، لا بالقدس أو العودة أو الحدود، وأن الشعار لا صلح لا تفويض لا تفريط بات قصة تروى للأطفال ما قبل النوم عن زمن الكرامة، ومثير للسخرية أن بعض رجال الصف الأول الذي كان يتغنى بالعلاقة التي تربطه مع بعض الدول والدعم المادي الذي تقدمه للقضية الفلسطينية، أخذ يصدح بالقرار الفلسطيني المستقل، فإن كان القرار مستقلاً، لماذا يقبع شباب فلسطينيون عديدون في السجون الفلسطينية، مع أن السبب الرئيس لاعتقالهم المقاومة، وإن كان بعضهم يتعذر بالدواعي الأمنية، وما الذي كان يعرقل المصالحة في السنوات الماضية، إن لم تكن حسابات البنوك والأبراج التجارية والشركات مجهولة رأس المال وشبكات الأنفاق.
لقد أصبح شباب فلسطيني يعول على أن الثورات العربية، وفي سورية تحديداً، وكذلك الوضع الأمني في لبنان الذي أقل ما يقال إنه شائك، ستدفع رأس المال العربي، والخليجي تحديداً، إلى الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، بحثاً عن منتجع لقضاء الإجازات الصيفية، وهو توجه ينم عن مدى الإحباط الذي وصل إليه المجتمع، في سبيل إيجاد فرصة لحياة كريمة، جراء تراكم الديون التي أثقلت كاهل الفلسطيني، ليس في سعيه إلى الرفاهية، ولكن، في إطار بحثه عن مقومات الحياة من مأكل ومشرب وسكن واستقرار.
لا مواجهة مع إسرائيل، مع غياب اعتراف واضح من أي طرف بوجود هدنة معلنة، مع قناعة الاحتلال بأن التسوية السلمية للقضية الفلسطينية والتعايش المشترك، القائم أساسا على الأمن، يقوم على إيجاد ربان في الطرف الفلسطيني، يمسك الدفة ويوجهها، حيث تقتضي المصلحة الأمنية الإسرائيلية فقط، ضاربة بعرض الحائط أبسط متطلبات الحياة للفلسطينيين، ما بات ينذر بعاصفةٍ، ستتبع الهدوء غير المسبوق للشارع الفلسطيني، فمن الغريب أن تثار مسألة السجناء الإداريين، والمصالحة في الوقت نفسه، وتجند لأجلها الإذاعات ومحطات التلفزة والأقلام. هل هو التمهيد لدخول المنتصر إلى الكنيست الإسرائيلي، لإبرام اتفاق السلام الدائم، كالذي تم بعد حرب أكتوبر المجيدة؟
يعود الوضع المعيشي الراهن بنا إلى بداية التسعينات، وما أعقب خروج منظمة التحرير من الكويت، الداعم الاقتصادي الأكبر للقضية الفلسطينية في ذلك الوقت، والضغط الاقتصادي الذي رافق وجود الفلسطينيين في الدول المضيفة، وتحديداً الأردن، ما أدى إلى تمرير اتفاق أوسلو، وكأنه المخلص لمعاناة الفلسطينيين، والحل الأوحد لتحقيق حلم العودة. لكن، لا يخفى على أحد أن الاتفاق لم يكن سوى أحجية، لا يستطيع فك رموزها، حتى مهندسوها، فهي، في كل مرة، تعود بجميع الأطراف إلى المربع الأول، الاعتراف بإسرائيل ويهوديتها، قبل كل شيء. كما لم يعد يجدي نفعاً اختباء بعض النخبويين وراء الشعارات البراقة، من مقاومة شعبية سلمية، لتسويق مدخل جديد لتسوية دائمة مع الشعبيين، على حد تعبيرهم.
لقد أصبح لزاماً على النخبة الصادقة على صعيد القيادة، أو الشارع الفلسطيني، الإصغاء إلى نبض الشارع، ومعايشة معاناتهم، وإيجاد حلول جذرية لمشكلاتهم، بعيداً عن ترهات المحاصصة في الحكومة المقبلة، وإبقاء المصلحة المحرك الرئيس، وليس انتصار فصيل على آخر، والتيقظ والحذر من المشروع القادم، دفاعاً عن كرامة شعب أو أمة، فالتسوية القادمة لن تمس مقومات حياة الإنسان الفلسطيني، بل ستكون على حساب تاريخه ودينه وهويته ووجوده، فإيجاد درع موحدة من الجميع الذين تجمعهم رؤية التحرير بكل ما للكلمة من معنى أصبح واجباً، سيسألون عنه أمام الشعب والتاريخ.
وللشعب الذي أنهكته التصريحات وخطابات الثوابت واللااعتراف والاستدعاءات الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة وسنوات عجاف أطفأت آخر بصيص للأمل، لجيل الشباب تحديداً، في السنوات السبع الماضية، وبعيداً عن التعصبات الحزبية البلهاء التي لم تورث سوى الحقد المجتمعي، والبحث عن نقاط الخلاف، بدلاً من إيجاد لبنات البيت الواحد، أن يبقى هناك ناقوس يدق مخيلة أفراد الشعب، من سيدفع الفاتورة؟