مؤتمر التحالف الدولي ضد "داعش": تناقضات تزيده ضعفاً

07 فبراير 2019
ألقى ترامب كلمة خلال المؤتمر (Getty)
+ الخط -

إذا كان من شروط نجاح أي تحالف وضوح أدوار المتحالفين والتنسيق في ما بينهم، فإن "التحالف الدولي ضد داعش" خرج من اجتماعه العاشر يوم الأربعاء في وزارة الخارجية الأميركية، وهو أبعد ما يكون عن امتلاك هذا الشرط. الروابط التي كانت ضعيفة قبل المؤتمر، صارت تقريباً مفككة بعده بالرغم من وحدة الهدف. تذبذب موقف الإدارة الأميركية والتباسه، فاقما الإحباط والشكوك وعمّقا التفسخ الذي يشكو منه التحالف أصلاً.

كان التجمع في الشكل تظاهرة سياسية كبيرة استمرت طوال النهار. شاركت فيها 79 دولة، 37 منها تمثلت على مستوى وزير. بالإضافة إلى الرئيس دونالد ترامب الذي ألقى كلمة بالمؤتمرين. حشد دبلوماسي دولي قلما تشهده واشنطن بهذا الحجم. مع ذلك بقيت سيرة الحدث باهتة، خاصة في وسائل الإعلام التي احتشدت لتغطيته، لكنها لم تخصص له سوى زوايا في الصفحات الخلفية، مع شبه غياب في الإعلام المرئي. وفي ظل غياب القرارات الدسمة عن المؤتمر، اقتصر التصويب والاهتمام على تخبط خطاب الإدارة وصدور الإشارت المتضاربة عن جهاتها المعنية. وبالتحديد عن الوزير مايك بومبيو وبعض مساعديه فضلاً عن الرئيس ترامب.

الرئيس الذي قال مؤخراً إن "داعش" مُني "بهزيمة نكراء قضت على 99% من مواقعه" عاد اليوم ليحذر من "الخطر الذي تشكله بقاياه" والذي تفرض "العمل معكم لسنوات عديدة" من أجل التصدي له. لكن سرعان ما عاد إلى نغمة الانسحاب، مع أنه تركه معلقاً من دون تحديد سقف زمني لتنفيذه.

الوزير بومبيو من جهته، شدّد على المعزوفة الضبابية التي اعتمدها في الفترة الأخيرة، بأن الإدارة "غيّرت التكتيك وليس المهمة" وأن أولوياتها في سورية "باقية على حالها" وطلب الدعم المالي من التحالف، أي ضمناً من العرب.

وقبل انطلاق المؤتمر، وفي جولة أسئلة وأجوبة مع الصحافيين بخصوص هذا الحدث، تولى مسؤول في وزارة الخارجية وضع النقاط على بعض الحروف الغامضة في الموقف المتذبذب. من أهمها أن الرئيس ترامب يريد "توفير المساعدة والتشجيع، لكن العمل ينبغي أن ينهض به المسلمون"، أي دول المنطقة. وهذا هو بيت القصيد في موقف الإدارة والغاية التي سعت إليها من عقد المؤتمر.

لكن هذا التوجه يدور حوله جدل واسع في واشنطن، وخاصة في الكونغرس وحتى داخل الإدارة. ولهذا تراجع الرئيس عن تحديد موعد الانسحاب من سورية. قبل يومين، صوّت مجلس الشيوخ بأكثرية كاسحة وبقيادة الجمهوريين على قرار يحذر الرئيس من الإقدام على هذه الخطوة المتسرعة. وقبل أيام اصطدم  البيت الأبيض مع أجهزة الاستخبارات التي خالفته التقييم ونقضت عمليا حيثياته للانسحاب. كما خالفه البنتاغون. الجنرال جوزف فوتيل قائد قوات المنطقة الوسطى، والذي يشرف على القوات العاملة في سورية والعراق، أبلغ قبل يومين لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، بأن أحداً لم يبحث معه موضوع الانسحاب. لا وزير الدفاع فاتحه بالأمر ولا رئيس هيئة الأركان، مما يعني أن الرئيس ترامب لم يتشاور أصلاً مع الرجلين في هذا الخصوص.

المؤتمر المليء بالخلافات بين بعض دوله وواشنطن كما بين عدد من هذه الدول، لا بدّ وأنه كان على دراية بهذا التخبط الأميركي. فلا الخطاب في واشنطن موحّد ولا حيثيات الإدارة متماسكة. ترامب يقول إن أميركا تريد الانسحاب العسكري الذي طالت مدته، وفي نفس الوقت يشدد على مواصلة التواجد العسكري في العراق. وحتى في سورية، هناك تلميحات بأن الانسحاب عندما يحصل قد لا يشمل قاعدة التنف الجوية السورية التي  ستكون "آخر موقع نغادره" كما قال المسؤول إياه في وزارة الخارجية، ومن غير تحديد موعد أيضا. مزيج من التناقضات لا شك أنه جعل المؤتمر يخرج بحسابات متباينة كأن التحالف الفعلي آخر هموم أصحابها.

المساهمون