ليبيريا: حملات تفتيش منزلية بحثاً عن مصابي "إيبولا"

ليبيريا: حملات تفتيش منزلية بحثاً عن مصابي "إيبولا"

17 نوفمبر 2014
استراتيجية جديدة لمواجهة إيبولا في ليبيريا (Getty)
+ الخط -

يؤيد العديد من الليبيريين خطط حكومة بلادهم، لإجراء حملات تفتيش من منزل إلى آخر، من أجل الكشف عن المصابين بعدوى "إيبولا"، اعتقادا منهم بأن الحكومة يجب ألا تتورع عن فعل أي شيء لاحتواء الفيروس القاتل، الذي أودى بحياة الآلاف من بني جلدتهم.

ومؤخرا، أعلن "جهاز إدارة حالات إيبولا" الحكومي، عن خطط لتطبيق استراتيجية جديدة، للتعامل مع احتواء فيروس "إيبولا"، ستشمل عمليات تفتيش يومية من منزل إلى آخر، بحثا عن المرضى، تنفذها فرق عمل من المجتمع المحلي.

وتأتي هذه الخطة في إطار جهود الحكومة للحفاظ على التراجع الأخير في حالات الإصابة التي يتم الإبلاغ عنها في المستشفيات ومراكز علاج "إيبولا" في جميع أنحاء البلاد.

وبداية من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شهدت ليبيريا انخفاضا في عدد حالات الإصابة الجديدة بإيبولا، وسجلت وزارة الصحة منذ 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، حتى الوقت الراهن، حوالى 200 حالة إصابة بالفيروس في مختلف وحدات العلاج في أنحاء البلاد.

لكن السلطات الصحية في البلاد، ومنظمة "أطباء بلا حدود"، حذرتا من التراخي في أوساط الجمهور.

وخوفا من تراجع محتمل لهذه المكاسب الأخيرة، ترغب الحكومة في التحقق من أن المرضى، لا يختبئون ببساطة داخل مجتمعاتهم.

"الحقيقة هي أن المواطنين يدركون في الوقت الراهن، أن معدلات الإصابة بإيبولا آخذة في

التحسن، ولكن بالنسبة للحكومة لكي تكون على يقين تماما، فعليها إجراء عمليات تفتيش من منزل إلى آخر"، هكذا استهل حديثه لوكالة الأناضول جون ستيفنسون (33 عاما)، وهو أحد سكان العاصمة مونروفيا.

وأضاف "ستيفنسون": أنا "أعتقد أن الحكومة تقوم بعمل جيد للغاية. وإذا نظرنا إلى الوراء لشهري أغسطس/آب، وسبتمبر/أيلول (الماضيين) سنجد أن الوضع كان أكثر سوءا".

وتابع مستذكرا: "فيما مضى، عندما كان يمشي أحدنا في الشوارع، كانت تمر إلى جواره أكثر من ثلاث سيارات إسعاف كل 10 دقائق، والآن يستغرق الأمر أكثر من ساعتين لتسمع صوت سيارة إسعاف تمر".

وارتأى "ستيفنسون"، أنه من أجل الحفاظ على هذا التحرك، يجب على الحكومة أن تبدأ البحث عن حاملين محتملين للفيروس يختبؤون داخل مجتمعاتهم.

وأوضح أن "الليبيريين كانوا في البداية صعبي المراس، ولكن بعد أن أدركوا أن إيبولا حقيقي وذو تأثير مروع، جعلت الكثيرين يخشون الموت، ومجرد البقاء في المنزل سيعني لا شيء في الوقت الراهن".

من جانبه، أعرب وليام ديفيد (22 عاما)، أيضا عن اعتقاده بأن عمليات التفتيش المزمعة، ستكون في صالح البلاد ومواطنيها، حيث إنه يرغب في استئناف العودة لدراسته وحياته العادية.
وقال: "إذا أخذوا المرضى من المناطق المختلفة، سيختفي إيبولا، ولن يصيب هؤلاء أسرهم بالعدوى".
وأضاف معربا عن أسفه: "كنت أشعر بالحزن، لما كان يحدث في بلدي عندما كان يموت أكثر من 300 شخص فيها كل بضعة أشهر".
ومضى قائلا: "عندما تبدأ الحكومة القيام بحملات التفتيش، سأسمح لهم بدخول منزلنا، لأنني أريد القضاء على إيبولا، أريد أن أعود إلى الدراسة وممارسة حياتي العادية".

"ستيفنسون" من جهته، أعرب عن اعتقاده بأن ليبيريا باتت تملك الآن المزيد من وحدات علاج فيروس "إيبولا"، التي يمكنها أن تستوعب أي شخص مريض يعثر عليه مختبئا، خلافا للوضع السابق خلال شهري يونيو/حزيران وأغسطس/آب الماضيين، عندما لم يكن هناك عدد كاف من الأسرة على الصعيد الوطني.
وآنذاك، كانت المستشفيات ومراكز العلاج، ترفض قبول المرضى الذين تظهر عليهم أعراض إيبولا، فلا يتبقى أمامهم خيار سوى العودة إلى ديارهم، ما يؤدي إلى المزيد من الإصابات والوفيات.


وبالتعاون مع الجيش الليبيري، أقامت وحدات من مشاة البحرية الأميركية، ثلاثة مراكز لعلاج فيروس إيبولا، ومن المتوقع بناء 17 مركزا إضافيا في جميع أنحاء البلاد.

غير أن "ستيفنسون" عارض فكرة إغلاق المدينة أثناء إجراء عمليات التفتيش، على غرار ما كان يحدث في سيراليون المجاورة المتضررة من "إيبولا".
ومضى قائلا: "هناك الكثير من الناس الذين ليست لديهم وظائف، فيضطرون للخروج كل صباح، بحثا عن أي فرصة عمل للحصول على القليل من الأموال لإعالة أسرهم"، مشيرا إلى أن الحكومة تعاني الآن حالة من الشلل الاقتصادي.

وتابع متسائلا: "ماذا سيحدث لهؤلاء الناس حال فرض قيود على الحركة لعدة أيام؟ إنهم بائسون، والبعض منهم ربما يموتون جوعا".
واقترح أن يتم تقسيم العاصمة إلى مناطق منفصلة، بحيث تخضع مناطق مختلفة لعمليات التفتيش في أيام مختلفة.

وقال مدير تعزيز الصحة العامة بوزارة الصحة، القس جون سومو، إن "فرق عمل المجتمع المحلي على دراية بمجتمعاتهم وسكانها، ولذلك سيستجيب لهم السكان بطريقة أفضل أثناء التفتيش".

وأعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيسي في استمرار تسجيل البلاد حالات إصابة جديدة بفيروس إيبولا، هو أن بعض الناس يخبئون أقاربهم المرضى في منازلهم، خوفا من إحرق جثثهم بعد الموت.

وأوضح أن "الناس لا يتقبلون حرق جثث أقاربهم الذين يلقون حتفهم من جراء الإصابة بفيروس إيبولا، مما يجعل البعض يخشون الظهور لتلقي العلاج في وقت مبكر"، مشيرا إلى أن السلطات "تجري مناقشات لإعادة النظر في الحرق".

وبدوره، أعرب "جوناثان ويسيه"، وهو رجل دين ليبيري، عن قلقه بشأن الاستراتيجية الجديدة،

قائلا: "كنا نصلي في الكنيسة من أجل القضاء على إيبولا، وأنا أؤيد نهج السلطات العلمي والمادي من أجل القضاء على الفيروس. ولكن ماذا يحدث للناس الذين لا يجرون اختبارات للكشف عن إيبولا عندما لا تعمل جميع المستشفيات بكامل طاقتها؟".

وأضاف "نقل المرضى من المجتمعات أمر جيد، ولكننا لا نريد رؤية حالات عندما يكتشف أن البعض غير مصابين بإيبولا، لا يتم علاجهم من أمراضهم وإعادتهم إلى مجتمعاتهم للموت هناك".
وطالب "ويسيه" الحكومة، بتطوير نظام الرعاية الصحية في المستشفيات الكبرى، الذي من شأنه تشجيع المواطنين للحصول على طلب العلاج من أمراض أخرى غير إيبولا، على حد قوله.

وأشار إلى أن "هذه المستشفيات التي تزعم الحكومة أنها مفتوحة، مجرد مبان قائمة، ولكنها لا تقدم أي خدمات، فالأطباء والممرضات يخشون لمس الناس، لأنهم لا يرغبون في الإصابة بعدوى إيبولا، حيث لا يمكنهم اكتشاف من المصاب ومن السليم".

وأعرب رجل الدين عن رغبته في أن تجري الحكومة إصلاحات على القطاع الصحي، وتوفر معدات اختبار إيبولا في كل مستشفى رئيسي، حتى يتم فحص كل مريض يزور المستشفى لاكتشاف إصابته بفيروس إيبولا، بهدف ضمان سلامة العاملين في قطاع الرعاية الصحية والمرضى الآخرين.

من جانبها، طمأنت الحكومة الجمهور أنه عندما يتم أخذ المرضى من مجتمعاتهم، ويكتشف أن نتائج اختباراتهم بفيروس إيبولا سلبية، سيتم نقلهم إلى مراكز رعاية صحية قريبة لتلقي العلاج من أي أمراض أخرى قد يعانون منها.