ليبيا: مبادرة جديدة لتدارك أخطاء "حوار غدامس"

19 أكتوبر 2014
حفتر لم يلتزم بوقف إطلاق النار (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

انطلق حوار غدامس في التاسع والعشرين من سبتمبر/أيلول الماضي برعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون، من مسلمة واحدة فقط وهي معالجة إشكالية الجسم التشريعي المنتخب في الخامس والعشرين من يونيو/حزيران الماضي، ومحاولة حل الخلاف حول دستورية انعقاده خارج مدينة بنغازي بين نواب رافضين لانعقاده بطبرق، وآخرين مؤيدين له.

وجاء الحوار بمعزل عن القضايا السياسية والأمنية الأخرى العالقة، ولم يستغرق سوى ساعتين أو أقل بين 24 عضواً من أعضاء مجلس النواب المؤيدين والمعارضين، وظهر ممثل لكل فريق يتوسطهم برناردينو ليون، ليعلن بعدها عن الوصول إلى اتفاق يتضمن وقفاً لإطلاق النار بين الأطراف المتقاتلة.

لكن الحقيقة أن طرفي الحوار لم يكن بينهما اقتتال ولا يمثلان طرفي الاقتتال، ولا يستطيعان أو يملكان سلطة وقف إطلاق النار بين المؤيدين لعملية الكرامة بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وبين المعارضين له من عملية "فجر ليبيا" وقوات "مجلس شورى ثوار بنغازي".

وجاءت محاولة قوات حفتر الأخيرة للدخول إلى بنغازي  لتدق الأسفين الأخير في "حوار غدامس"، إذ لم يلتزم بإعلان وقف إطلاق النار الذي أعلنه ليون على لسان المتحاورين. وظهر عضو مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق وعضو "حوار غدامس"، عيسى العريبي، ليعلن تأييده للهجوم الذي شنّه موالون لحفتر على بنغازي في الخامس عشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وبحسب مراقبين، فقد أصبح موقف أعضاء مجلس النواب المؤيدين لحوار غدامس والرافضين لبرلمان طبرق محرجا أمام القواعد الشعبية التي تخرج في تظاهرات رافضة لحوار غدامس، وخرج بيان باسمهم يعلن رفضهم للتدخل المصري في الشأن الليبي عسكرياً، ويحاول أن ينقذ ما تبقى من مخرجات غدامس، بالقول إن الحوار معرّض للخطر أو الفشل، بحسب نصّ البيان الذي ظهر في اليوم التالي لمحاولة قوات حفتر الدخول لبنغازي.

فقد أصبح الانقسام واضحاً وجلياً الآن في أوساط النواب الرافضين لانعقاد مجلس النواب بطبرق، بين مؤيدين لاستمرار حوار غدامس ورافضين له، وارتفع إلى أعلى مستوياته بسبب توجيه طائرات حربية مصرية ضربات لبنغازي ودرنة شرق ليبيا.

من جهته، يقول عضو مجلس النواب عن مصراتة والرافض لحوار غدامس، محمد الضراط، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "حوار غدامس وُلد ميتاً كون أطرافه لا تملك سلطات حقيقية على الأرض لاتخاذ أي قرار وتنفيذه". ويشير إلى أن "ليون لم يأخذ بحسبانه الأطراف الحقيقية الفاعلة على الأرض".

ويوضح أن "مبادرة جديدة سُيعلن عنها بشكل رسمي قريباً تتضمن معالجة الأوضاع الخاطئة التي قام عليها حوار غدامس، لكنها من خارجه وليست من داخله، وهي الآن طور العرض والدراسة بين برلمانيين رافضين لغدامس وشخصيات عامة ومؤسسات مجتمع مدني".

ويؤكد الضراط أن "مرتكز المبادرة الجديدة يقوم على إعادة تقييم مقترح لجنة فبراير/شباط الذي وافق عليه المؤتمر الوطني العام أواخر مارس/آذار من العام الحالي، والذي جاء بمرحلة انتقالية ثالثة تالية للمؤتمر الوطني العام، في مقدمها مجلس النواب الحالي".

ويشير إلى أن "مقترح فبراير ركّز جميع السلطات في يد الرئيس المفترض انتخابه ضمن خريطة المرحلة الانتقالية الثالثة، وإذا ما انتهت فترة ولاية مجلس النواب الحالي فسيصبح الرئيس المنتخب هو صاحب السلطات التشريعية والتنفيذية، أي عودة من الباب الخلفي لثورة السابع عشر من فبراير إلى مربع الشمولية الأول".

ويعتبر الضراط أن "الحل الأمثل مرحلياً للخروج من الأزمة الحالية هو إجراء انتخابات برلمانية مبكرة وفق خارطة طريق جديدة تتوزع فيها السلطات بشكل يضمن عدم تغول بعضها على الأخرى ضمن حوار شامل يجمع كل أطراف الأزمة السياسية والأمنية".