ليبيا: البحث عن سيناريوهات ما بعد هزيمة حفتر

ليبيا: البحث عن سيناريوهات ما بعد هزيمة حفتر

24 يوليو 2019
فشل قوات حفتر في التقدم نحو طرابلس(محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -
على إثر فشل مليشيا اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر في التقدّم بعد ساعات من إعلانه عن "ساعة صفر" جديدة لحربه على طرابلس، تدور تساؤلات عن مصير المشهد الليبي في حال انتهاء مشروع حفتر.

وفي الأثناء كثف المبعوث الاممي لدى ليبيا غسان سلامة عن اتصالاته بقادة طرابلس من أجل بحث سبل وقف القتال. وبحسب البيانات المتوالية للبعثة الأممية، فإن سلامة التقى، أمس الثلاثاء، بالنائب الأوّل لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا أحمد معيتيق، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، قبل لقائه بوزير خارجية حكومة الوفاق محمد سيالة.

وفي الطرف الآخر، اقتصرت لقاءات سلامة بعضو مجلس النواب المنعقد بطرابلس عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار السياسي.

وركزت لقاءات سلامة مع قادة طرابلس على بحث تطورات الأوضاع في طرابلس وإمكانية تحقيق توافق وطني لتفعيل العملية السياسية في ليبيا.

العودة المفاجئة لجهود سلامة رافقتها رغبة أميركية في دفع الأطراف الليبية لوقف القتال وعودة المسار السياسي. جاء ذلك في بيان لسفارة الولايات المتحدة الاميركية إثر لقاء القائم بأعمالها في ليبيا جوشوا هاريس، مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، مساء امس الثلاثاء.

ويرى مراقبون للشأن الليبي أن السؤال الأبرز الذي يمكن أن يدفع بالأوضاع في ليبيا إلى مسارات جديدة يتمحور حول معرفة نتائج انتهاء مشروع حفتر في البلاد.

ويقول الباحث الليبي في الشؤون السياسية علي بوزيد، لـ"العربي الجديد"، إن إعلان حفتر عن حملة جديدة يهدف إلى تغطية هزيمته في غريان، وتشكيل مادة إعلامية بهدف الحفاظ على تماسك جبهته الداخلية والبقاء قريبا من العاصمة طرابلس.  

من جهته، يرى المحلل السياسي الليبي عبد الحميد المنصوري أن حفتر هدف إلى جس نبض قوات الجيش الليبي من خلال اشتباكات اليوميين  الماضيين، مشيرا إلى أن تعزيزات حفتر العسكرية وصلت لترهونة ولا يزال بعضها في مواقع خلفية لم تشارك حتى الآن في المعركة. 

وقال المنصوري متحدثا لــ"العربي الجديد"، إنه لا يشك في أن طموح حفتر في السيطرة على طرابلس تلاشى وأنه يسعى فقط لاسترداد مواقعه السابقة كورقة للتفاوض في أي تسوية سياسية جديدة. وأشار إلى أن التعزيزات العسكرية لمليشيا حفتر تؤكد وجود مئات من المرتزقة وإمدادات عسكرية أوصلتها الإمارات لقاعدة الجفرة.

وعلى الصعيد السياسي، يعتقد المنصوري أن حفتر لن يوافق على أي تسوية سياسية قبل وثوقه من سيطرته على مواقع هامة في جنوب طرابلس ومحيطها، لافتا إلى أن داعميه الإقليميين والدوليين وراء عودة جهود البعثة الأممية للدعوة لعودة العملية السياسية. ويقرأ المنصوري ذلك بوضوح في الرسالة الأميركية على لسان سفير الولايات المتحدة جوشوا هاريس، الداعية لضرورة إعادة إحياء المسار السياسي لحل الأزمة، والتي لقيت قبولا من جانب السراج.

وأضاف: "قبول السراج بعودة المسار السياسي لم يتضمن حديثا عن تغير قواعد التفاوض السياسي لديه والتي أعلن عنها سابقا، وأولها عدم القبول بحفتر شريكا سياسيا".

ويشدد بوزيد على أن حرب حفتر على العاصمة "أدت إلى حالة انفلات سياسي محكم نسفت معه كل تدابير تعزيز الثقة وعمّقت حالة الانقسام بشكل كبير"، ما يصعب معها إعادة إحياء المسار السياسي كحل للأزمة، مرجحا أن البعثة الأممية "ستطرح مبادرة على المدى القريب لإيقاف الحرب بالدرجة الأولى وليس لحل الأزمة، وأن إنهاء الصراع "سيظل مرهونا بوجود الإرادة الدولية".


وأضاف أن "المجتمع الدولي يصر على إقحام حفتر في المشهد السياسي مع العلم بأن الحل السياسي القائم على الشراكة غير مرض لحفتر، ولا بد أن يتغير هذا الموقف أو أن حالة الصراع ستستمر بالسير في حلقة مفرغة".

وأكد بوزيد أن "التنبؤ بسيناريوهات ما بعد حرب طرابلس ليس بالأمر السهل"، وأن "هناك أمورا ستؤثر في المشهد، من أهمها انكشاف مواقف دولية ذات ازدواجية واضحة تقوم بدعم حفتر"، مشيراً إلى أن في مقدمتها فرنسا إضافة إلى مصر والإمارات".

من جهته، يرى المنصوري أن "حلفاء حفتر بدأوا في إعداد بديل لمشروع حفتر ممثلا في الضغط من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية يتم فيها إشراك شخصيات موالية لهم". 

وأكد المنصوري أن نشاط البعثة الحالية يهدف إلى حشد أراء ومواقف داخل طرابلس وفي دول الجوار من أجل إعادة المسار السياسي"، لافتا إلى أن لذلك علاقة أكيدة بنتائج جلسة مجلس الأمن المقرر عقدها نهاية الشهر الجاري بشأن ليبيا، مرجحا أن تكون تلك الجلسة بداية فصل جديد لما بعد فشل مشروع حفتر.