لم يبقَ للاجئين الفلسطينيين إلى سورية... سوى غزّة

لم يبقَ للاجئين الفلسطينيين إلى سورية... سوى غزّة

08 مايو 2014
لاجئون فلسطينيون في حي الأمين بدمشق (يوسف كروشان/فرانس برس/GETTY)
+ الخط -
لم يصمد نفي السلطات اللبنانية بأن تكون قررت منع دخول اللاجئين الفلسطينيين في سورية، إلى لبنان، أكثر من 24 ساعة؛ فقد تم تسريب وثيقة عن الأمن العام اللبناني (التابع لوزارة الداخلية)، موجهة إلى "جميع شركات الطيران"، تأمرها فيها بعدم نقل أي لاجئ فلسطيني من سورية إلى لبنان، "مهما كانت الأسباب وأياً تكن المستندات والوثائق الثبوتية التي يحملونها".

وبحسب "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، فإنه بموجب القرار الجديد، لن يتمكن من دخول لبنان إلا أصحاب الحالات الخاصة من اللاجئين الفلسطينيين في سورية، الذين يبت بأمرهم موظفو الحدود عند منطقة المصنع الحدودية (شرق لبنان)، وهي النقطة الوحيدة المسموح عبور الفلسطينيين منها إلى لبنان.

ومع صدور هذا القرار، تكون قد أُغلقت أمام الفلسطينيين في سورية، بوابة العبور الوحيدة إلى خارج البلاد، وبات محكوماً عليهم البقاء في سورية ومواجهة مصيرهم وحدهم هناك.

وقرار السلطات اللبنانية هو حلقة جديدة في سلسلة من الإجراءات المعمول بها، أو التي استحدثت في العديد من الدول بعد الثورة السورية، والموجهة ضد الفلسطينيين المقيمين في سورية.

فالتمييز ضد الفلسطينيين لا يقتصر على لبنان وحده الذي يستضيف نحو خمسين ألف لاجئ فلسطيني ــ سوري، خرجوا مع بداية موجات النزوح الكبيرة من سورية عقب دخول التجمعات الفلسطينية، وخصوصاً مخيم اليرموك قرب دمشق، على خط الصراع المسلح، واستهداف المخيم بالقصف المدفعي والجوي من قبل القوات الحكومية.

وفي تلك الفترة، تساهلت السلطات اللبنانية في دخول الفلسطينيين من سورية، والذين توجه جلهم إلى المخيمات الفلسطينية، وخصوصاً في جنوب لبنان، وهي التي تعيش أصلاً أوضاعاً مذرية، وتضيق بأهلها بسبب المعاملة التمييزية ضد الفلسطينيين المقيمين في لبنان.



وعلى غرار لبنان، وربما على نحو أكثر صرامة، يمنع الأردن دخول الفلسطينيين إلى أراضيه، حتى قبل الأحداث السورية الراهنة. وفي بداية الثورة السورية، دخلت أعداد من الفلسطينيين المقيمين في محافظة درعا، مع مجمل النازحين السوريين الذين توافدوا إلى الأردن، لكن السلطات الأردنية عمدت إلى فصلهم عن بقية اللاجئين، ووضعتهم في كانتونات خاصة بهم، ومنعتهم من التواصل مع العالم الخارجي.

كذلك الوضع في مصر، باستثناء الفترة التي حكم فيها الرئيس المعزول محمد مرسي، وإن كانت السلطات المصرية ظلت أقل تمييزاً تجاه الفلسطينيين، وغالباً ما تطبق عليهم الإجراءات نفسها التي تطبقها على المواطن السوري، سواء لجهة السماح أم المنع.

ولعل المكان الوحيد الذي رحب بقدوم الفلسطينيين من سورية، هو قطاع غزة، باعتراف رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية، الذي طلب منهم القدوم إلى غزة بدل محاولة السفر إلى اوروبا والغرق في البحار.

وفي السياق، تمكّن آلاف الفلسطينيين اللاجئين في سورية، من الوصول إلى أوروبا بالفعل، وخصوصاً إلى السويد، بعدما خاضوا مغامرات قاسية عبر البحار والحدود، غرق خلالها العديد منهم، وتعرض آخرون لعمليات نصب واحتيال أطاحت مدخراتهم، ولا يزال كثير منهم يحاولون الوصول، متحدّين الحدود الموصدة.

واللافت هنا أن السلطات التركية، التي طالما دافعت عن الفلسطينيين وقضيتهم، عمدت إلى التمييز بين اللاجئ السوري الذي يدخل الأراضي التركية من دون تأشيرة دخول، ويُمنح تسهيلات كثيرة لنواحي الإقامة والعمل، من جهة، واللاجئ الفلسطيني ــ السوري الذي يطلب منه الحصول على تأشيرة دخول (لا تمنح له عادة من السفارة التركية في بيروت) بعد إغلاق السفارة التركية في دمشق، من جهة ثانية. ومعظم الفلسطينيين الذين دخلوا إلى تركيا خلال الثورة السورية، وقدّر السفير الفلسطيني في أنقرة نبيل معروف، عددهم بالألف، قدموا بشكل غير شرعي عبر الحدود الشمالية لسورية، وقد وافقت السلطات التركية أخيراً على تسوية أوضاعهم ومنحهم حق الإقامة والعمل.