لماذا أنشأنا فرقاً مسرحية؟

31 مارس 2017
+ الخط -

في سنة 2004، التحقت بقسم الفلسفة في جامعة دمشق، بعد أن فشلت في الدخول إلى الأكاديمية الوحيدة للتمثيل في سورية، أي المعهد العالي للفنون المسرحية؛ وحاولت فور التحاقي بالجامعة أن انضم لفريق المسرح الجامعي، فدخلت إلى مكتب اتحاد الطلبة حيث قام أحدهم بتسجيل اسمي على قصاصة ورق، رماها باستهتار فور انتهائه من تسجيل الاسم، ليوحي لي بأنني سلكت الطريق الخاطئ.

فلكي أعتلي خشبة المسرح الجامعي، كان علي أن أبحث في أزقة الجامعة وحدائقها عن أولئك الشباب الذين يشاركونني الحلم، وأن ننتهز فرصة خلو أحد المدرجات أو القاعات لنمارس تدريباتنا المسرحية خلسة، وأن نعود لمكاتب المسؤولين عن المسرح الجامعي لنحصل على الموافقة الأمنية والإدارية لعروضنا، التي كنا نمول مستلزماتها كأفراد.

 أذكر جيداً أنه بعد أن حصلنا على موافقة عرضنا الأول، وبعد أن طبعنا مئات "البوسترات" وبدأنا بإلصاقها على جدران الجامعة، تم استدعاؤنا إلى مكتب الاتحاد الوطني لطلبة سورية للتحقيق، وبعد سجال طويل ومشحون، قرر الاتحاد الوطني إتلاف جميع "البوسترات" التي قمنا بطباعتها، وإلزامنا بإعادة تصميم الإعلان مع إضافة بعض التعديلات، حيث يجب أن يتضمن الإعلان ترويسة، تدل على أن الاتحاد الوطني للطلبة في سورية وجامعة دمشق هما الراعيان للعرض المسرحي، ويجب أن نختتم الإعلان بعبارة "النصر لقضية شعبنا".

وبعد أن انتهى الاجتماع، واختلينا بالشاب الأكثر إنسانية وتفهماً في الاتحاد، وأخبرناه بأننا نشعر بالظلم، فنحن من موّل العرض وتعبنا عليه، وفي النهاية لن يذكر سوى اسم الجامعة والاتحاد، فأخبرنا أن الطريقة الوحيدة والقانونية لنستعيد جزءاً من حقنا، هو إضافة اسم فرقة مسرحية، لتبدو وكأنها شاركت الاتحاد الوطني في إنتاج العرض.

هذه هي الأسباب التي تجعلك تقرأ أسماء مئات الفرق المسرحية السورية دون أن تشعر بوجود حركة مسرحية حقيقية في سورية، فأنا على سبيل المثال، ساهمت أثناء دراستي في الجامعة بتأسيس 3 فرق مسرحية، لم تقدم أي منها أكثر من عرضٍ واحد، وأنشأت فرقة رابعة بعد أن دخلت إلى المعهد العالي للفنون المسرحية؛ وأغلب هذه الفرق هي فرق وهمية، أوجدناها من دون جدوى، لتكسر هيمنة وغطرسة الحزب الواحد المتحكم بكافة نواحي الحياة؛ وبأحسن الأحوال هي فرق مسرحية شكلية، تختزل بشخص واحد.

دلالات
عمر بقبوق
عمر بقبوق
كاتب وصحافي سوري