لبنان يسير نحو التمديد للبرلمان كأمر واقع

لبنان يسير نحو التمديد للبرلمان كأمر واقع

19 اغسطس 2014
رفضاً لتمديد النواب لأنفسهم في بيروت (أنور عمرو/فرانس برس/getty)
+ الخط -

بحث رئيس الحكومة تمام سلام عن الوقت الضائع لتوقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للانتخابات التشريعية المقبلة. جاء هذا التوقيع متأخراً ومخالفاً للقانون، وصدر عن رئاسة الحكومة من خارج جدول أعمال جلستها التي انعقدت مساء الثلاثاء.

من حيث لا يدري أحد أخرج سلام من أدراج السراي الحكومي الملف الصادر عن وزير الداخلية، نهاد المشنوق، في الأول من أغسطس/ آب الماضي. لم ينتظر سلام الأخذ برأي الوزراء المضطرين أساساً، سياسياً وميثاقياً وإعلامياً، على الموافقة عليه. لم يفهم المقربون من سلام تأخير الأخير لإصدار هذا المرسوم، بينما يضع مسؤولون في تيار المستقبل القرار في إطار "الرضوخ إلى الضغط السياسي المتركزّ لإجراء موعد الانتخابات النيابية".

حلّ سلام أزمة الانتخابات النيابية في الشكل، بينما في المضمون لا يزال الملف عالقاً في دراسة الفتوى القانونية لتخطي موضوع إصدار المرسوم بعد انتهاء المهلة الدستورية بيوم واحد. مع العلم أنّ الصيغة المطروحة إصدار تعديل للقانون من المجلس النيابي، ولو أنّ الأخير لن ينعقد للتشريع كما وعدت قوى 14 آذار قبل انتخاب رئيس للجمهورية.

بالتالي حلّت المشكلة الأساسية في الشكل، بينما في المضمون يسير المجلس النيابي برجليه إلى تمديد ثانٍ لولايته. مع العلم أنّ هذا المجلس لم يشرّع ولم يضدر القارارت منذ مايو/ أيار 2013، يوم مدد لنفسه أول مرة. وهو عاجز عن الالتئام منذ 22 أكتوبر /تشرين الأول 2013، تاريخ جلسة إعادة انتخاب هيئة مكتب المجلس النيابي.

قد يكون التمديد الثاني بات أمراً واقعاً. الظروف تقول ذلك، والملف لم يعد يحتاج لتسويق سياسي أو تحمّل تبعاته من قبل أي طرف. كل ما يمكن قول اليوم إنّ الرئيس سلام "رمى الكرة في ملعب مجلس النواب وكتله السياسية والنيابية"، نقلاً عن أحد مستشاريه.

وفي هذا المجلس، تتّفق الكتل المسيحية على رفض التمديد وخوض المعركة الانتخابية. فكل فريق مسيحي حساباته. التيار الوطني الحرّ يبحث عن تكريس رئيسه النائب ميشال عون زعيماً على التمثيل المسيحي، فيعزّز حظوظه في الوصول إلى رئاسة الجمهورية. أما كل من القوات اللبنانية وحزب الكتائب فيبحث عن كسر تلك المعادلة المستمرة منذ انتخابات 2005.

وينضم إلى هذا الفريق الرافض مؤخراً، الرئيس نبيه بري. يصدر على لسان زوّار الأخير وضيوفه "رفضاً قاطعاً للتمديد"، ويؤكد "عدم قناعته بوجوب التمديد. فبري لا يرى في الظروف السياسية مانعاً لإجراء الانتخابات ولا يجد في الأوضاع الأمنية حجة للتأجيل.

وفي حين يتحوّل رفض التمديد إلى مادة إعلامية وإعلانية وسياسية بامتياز، وادّعاء بالحرص على الدستور والديمقراطية والحياة السياسية، يقف كل من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ورئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري، وحيدان. يعمل الرجلان على هندسة التمديد الثاني في ظل استمرار صمت حزب الله وتحفّظه. وعلم "العربي الجديد"، أنّ المشاورات بين جنبلاط والحريري وسائر القوى السياسية قائمة على "تحديد المهلة الزمنية للتمديد الثاني". فالقيّمون على هذه الخطوة ينقسمون بين فريق يتبنى خيار التمديد لسنتين وسبعة أشهر (كما ورد في اقتراح النائب نقولا فتوش)، أو لسبعة شهور، فتجرى الانتخابات مطلع ربيع 2015، بعد أن تكون الأوضاع الإقليمية قد توضّحت.

يعيش النظام اللبناني ساعات حرجة. على مديريه والقيّمين عليه الاختيار بين السير في انتخابات نيابية تبقي على الشغور الرئاسي وتقود إلى فراغ حكومي، أو التمديد للمجلس النيابي والإبقاء على حكومة تسيّر الأعمال بانتظار اسم رئيس للجمهورية، يسقط على اللبنانيين ليعيد تسليك الحياة السياسة. هو خيار بين الموت البطيء أو الرحيم لنظام لا حياة له، في ظل اختلاف رعاته الإقليميين.