لبنان: مسرحية رفض التمديد في عرض متواصل

لبنان: مسرحية رفض التمديد في عرض متواصل

07 نوفمبر 2014
حافظ الحراك المدني على "نظافته السياسية" (حسين بيضون)
+ الخط -

ينوي وزير الخارجية اللبناني، جبران باسيل، الاستمرار في العملية الانتخابية للبنانيين المغتربين في الكويت وأستراليا رغم قرار التمديد للمجلس النيابي. يصرّ باسيل على انتخابات اغترابية بلا عوازل انتخابية ولا قرارات حكومية ولا لوائح انتخابية جدية، وبلا تنسيق أيضاً مع الوزارات الأخرى المعنية، تحديداً وزارتي الداخلية والمالية.

تظهر نية باسيل مدى تفاني تكتل الإصلاح والتغيير (يرأسه والد زوجة باسيل، النائب ميشال عون)، في استغلال رفض قرار التمديد في الإعلام والسياسة وبين الناس. قاطع نواب التكتل جلسة التمديد يوم الأربعاء، ووزراؤه يرفضون التوقيع في مجلس الوزراء على قرار التمديد في ظل شغور رئاسة الجمهورية.

ملأ النواب العونيون الكاميرات والمنابر برفض التمديد، لكن جمهورهم بقي في المنزل وعلى الحياد. لم يحرّك التيار الوطني الحرّ (الذي يرأسه عون) أنصاره للاعتراض على قرار الكتل النيابية الأخرى، فبقيت اعتصامات المجتمع المدني المتمسك باجراء الانتخابات، بلا زخم شعبي لكن حافظت على "نظافتها السياسية".

ويمكن أيضاً قياس جدية الرفض العوني للتمديد من خلال تمسك هذا التكتل بكراسيه النيابية، مع تأكيد باسيل وغيره من المسؤولين العونيين على البقاء تحت قبة البرلمان "كيف نقدّم هدايا مجانية لأي طرف كان".

الواقع نفسه والظرف ذاته يمكن إسقاطه على حزب الكتائب برئاسة رئيس الجمهورية السابق أمين الجميّل. قاطعت كتلة الكتائب النيابية جلسة التمديد وكتلتها الوزارية لن توقع المرسوم في مجلس الوزراء، وبالتأكيد ممثلوها في البرلمان والحكومة لن يقدموا استقالاتهم. فالكتائب تبحث عن السلطة كيف ما كان وأين ما كان. مع العلم أن هذا الحزب شارك في الحكومة الحالي رغم اعتراضه على دخول حزب الله في الحرب السورية، ورغم انتقاده لبيان الحكومة الوزاري ولشكلها وصيغتها التوافقية أي "حكومة الوحدة الوطنية".

وفي الوقت نفسه، يقول النائب سامي الجميل (نجل أمين الجميّل) إنّ "ما حصل اليوم ليس تفضيل التمديد على الفراغ بل هو تمديد للفراغ". أي أنّ الكتائب يؤدي بدوره مهنة الفراغ لكون معارضته التمديد جاءت شكلية فقط.

تستمرّ مهمّة البحث عن "ضربة إعلامية" بين الكتائب والتيار الوطني الحر. وجاءت جلسة مجلس الوزراء أمس الخميس لتستكمل هذا المشهد، برفض وزراء الطرفين التوقيع على قرار التمديد. ولطالما أنّ الحكومة تمسك اليوم بصلاحيات رئاسة الجمهورية، فمن المفترض أن ينال قرار التمديد موافقة كل الوزراء، لكن تفسير الدستوري والقوانين في لبنان "مطّاط لدرجة أنّ القراءات القانونية يمكن أن تخرق كل شيء"، بحسب ما يقول وزير الداخلية السابق المحامي زياد بارود.

ويشير الأخير في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "الوكالة الممنوحة لمجلس الوزراء مجتمعاً لا يمكن تجزئتها"، لكن بعض الدستوريين يجدون مخرجاً بالقول إنّ "غالبية وزراء الحكومة موافقون على القرار وبالتالي يتم تمريره". كما يوضح بارود أنّ المجلس الدستوري (أعلى سلطة تفصل في دستورية القوانين) حُرم من تفسير الدستور "وبالتالي لا يحق له البحث في دستورية التمديد من عدمه إلا في حال تقديم طعن نيابي به).

وبهذا يكون الطاقم السياسي في 8 آذار و14 آذار حمى التمديد ولو على حساب نقاش أو "ضجة" سياسية ستصدر عن العونيين والكتائبيين في مجلس الوزراء. ولطالما أنّ هذين الفريقين المعترضين لن يضجّا إلى درجة التلويح بالاستقالة، فالطريق سالكة أمام إصدار مرسوم التمديد.

في الخلاصة بقي الجميع في السلطة. مدّعو الحرص على الجمهورية من الفراغ وكذلك أصحاب المعارضة الشكلية للتمديد، أما اللبنانيون فما عليهم سوى الاستمرار في التعايش مع كذبة "الديموقراطية" التي يعيشونها منذ ما يقارب القرن.