لبنان: تشويه البراءة.. طفل يعذب آخر بتحريض راشد

لبنان: تشويه البراءة.. طفل يعذب آخر بتحريض راشد

19 يوليو 2014
+ الخط -

المشهد قاسٍ، لكن لا بد من مشاهدته. قاسٍ لدرجة، أن العينين قد لا تسيطران على دموعهما. عرض من دقيقتين لطفل يُعذب طفلاً آخر، بإشراف رجل راشد، يعتقد أن يكون والده، ولا تشفع دموع المُعذّب له لوقف الضرب.

تجاوز الأمر المعقول، رجل راشد يشجع طفلاً على تعذيب طفل آخر. يحمله على ضرب الطفل الآخر بالعصا على رأسه وجسده، ثم يطلب منه توجيه اللكمات إلى وجهه. في هذا الوقت، يُهدد هذا الرجل الراشد الطفل المضروب إذا لم يركع ويضع يديه خلف ظهره للسماح للطفل الأول بضربه، بأنه سيضربه بنفسه. يركع الطفل، وتتوالى الضربات مترافقة مع ضحكات المعذبين. المشهد غير مأخوذ من فيلم سينمائي. ولا هو مسرب من أحد سجون نظام بشار الأسد. شريط الفيديو هذا مسرب من إحدى البلدات الجنوبية. فمن نشر الشريط هو موقع "يا صور" المتخصص في أخبار مدينة صور، جنوبي لبنان.

يرجح الموقع، في الخبر الذي نشره (رابط الخبر:http://bit.ly/1leaBPY )، أن تكون جنسية الطفل الذي تعرض للتعذيب غير لبنانيّة، لا تهم الجنسية في هذه الحالة، ما يهم هو الحادثة بعينها. ما جرى، يُعبر عن تدهور حالة المجتمع اللبناني بشكلٍ غير مسبوق. صار العنف لغة يوميّة، مشاهد التعذيب التي تناقلها اللبنانيون مراراً أتت نتيجتها، صار فعل التعذيب فعل قوّة وانتصار، هو فائض القوة الذي يحكم فئة من اللبنانيين، هو الشعور بسطوة أعلى من سطوة القانون. الأمر مشابه لذاك الذي أطلق عشرات الرصاصات من أحد سطوح الأبنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، في اتجاه قصر الرئاسة الأولى، ومنطقة طريق الجديدة المختلفة مذهبياً عن الضاحية. أطلق الرصاص، وابتسم. هو عرف أنه لن يُلاحق. هذا المشهد نتيجة طبيعية، لعدم تسليم شخصين من بلدة اللبوة، متهمين بإطلاق الرصاص على مواطن من بلدة عرسال، إلى القضاء اللبناني واستبدال الأمر بمحكمة حزبية.

إنه استعراض قوة. كل شخص يقوم به على قدرته. أحدهم يُطلق آلياته العسكرية ومسلحيه في عراضة في قرى البقاع الشمالي، وآخر يضع طفلاً ويأمره بتعذيب طفل آخر.

من غير المؤكّد أن السلطة ستنال ممن قام بهذه الفعلة وتحاسبه. ولو اعتقل، لخرج بعد أسابيع، كما المئات بل الآلاف غيره ممن يطلق سراحهم لمراضاة هذا السياسي وذاك.

ما جرى، هو النتيجة الطبيعية، لمجتمع فقد كل احترام للقوانين الوضعية والأعراف الإنسانية.

ما الذي فكرّ فيه ذلك الرجل؟ هل أراد لابنه عباس (لنفترض أنه ابنه) أن يكون قاسي القلب؟ هل يعتقد أنه هذه هي الطريقة ليُصبح عباس رجلاً؟ أم أنه يُحضره للدفاع عن الطائفة في وجه الطائفة الأخرى (يصلح لكل طوائف هذا الشرق)؟ هل شاهد صور أطفال غزة الأربعة على شاطئ مدينتهم قبل أن يأمر ابنه بتعذيب الطفل الآخر؟

طيب، ما الذي يُمكن أن يفعله من تعرّض للتعذيب لاحقاً؟ هل سيلومه أحد فيما لو صار قاتلاً؟ هل يحق لأحد لومه فيما لو اعتبر أن القوة والاعتداء على الآخرين هي الوسيلة لتحقيق الكرامة؟

الضحية الأكبر في هذا المشهد، هو الطفل الصغير، عباس، الذي طُلب منه أن يُعذّب، طفل يصنع منه والده وحشاً، إنها صناعة الوحوش، انتقلت من سجون الأنظمة العربية إلى ساحة الحروب ثم شاشات وسائل التواصل الاجتماعي، واليوم صارت فعل تسالي في منازلنا.

ما جرى أشبه بممارسات زمن العبودية، زمن ظننا أن العالم تجاوزه. ما جرى أسوأ بكثير ممّا تخيلنا يوماً أننا قد نصل إليه. أهو الحضيض؟ أم دون الحضيض. هل سننزل أكثر بعد؟ إلى أين سيقودنا بعد فائض القوة هذا؟

تجدر الإشارة إلى أن القاضي سمير حمود كلف مدعي عام البقاع التحقيق لمعرفة مصدر بث الفيديو الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، وكشف ملابسات القضية.

ذات صلة

الصورة
لبنان (أنور عمرو/ فرانس برس)

مجتمع

تتكرّر حوادث التحرش والاغتصاب في لبنان، وبرزت معلومات حول توقيف مدير مدرسة وأستاذ رياضة وموظف أمن، بتهمة تحرش بقاصرات في إحدى المدارس في بلدة كفرشيما
الصورة

سياسة

أعلن وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، اليوم الأربعاء، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقوم بـ"عملية هجومية" في جنوبيّ لبنان بأكمله.
الصورة
بات شغوفاً بعمله (العربي الجديد)

مجتمع

أراد ابن جنوب لبنان محمد نعمان نصيف التغلب على الوجع الذي سببته قذائف وشظايا العدو الإسرائيلي على مدى أعوام طويلة فحولها إلى تحف فنية.
الصورة
وقفة تضامن مع جنوب أفريقيا في لبنان 1 (سارة مطر)

مجتمع

على وقع هتافات مناصرة للقضية الفلسطينية ومندّدة بحرب الإبادة التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزة، كانت وقفة أمام قنصلية جنوب أفريقيا في بيروت.