كيري يكرّس التهدئة الروسية ـ الأميركية

كيري يكرّس التهدئة الروسية ـ الأميركية

14 مايو 2015
اتفقت موسكو وواشنطن على مواصلة الحوار (ساشا موردوفيتس/Getty)
+ الخط -
على الرغم من الكياسة الدبلوماسية في التعبير عن "روعة" لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير خارجيته، سيرغي لافروف بوزير الخارجية الأميركي جون كيري، وتأكيد ودية أجواء المباحثات، في منتج سوتشي الروسي، لم تتجاوز الحصيلة حدّ الاعتراف الأميركي بصعوبة تجاوز الدور الروسي في الملفات العالمية الساخنة، تحديداً في أوكرانيا وسورية واليمن. كما اتفق الجانبان على مواصلة الاتصالات بينهما، ليشعر الكرملين وكأنه حقق انتصاراً دبلوماسياً على البيت الأبيض.

واعتبرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن "كيري اضطر لزيارة روسيا على الرغم استمرار الأزمة الأوكرانية، وذلك لعدم نجاعة سلاح العقوبات ضد موسكو، وتُشكّل الزيارة انتصاراً دبلوماسياً للكرملين". وأضافت الصحيفة أن "هذا يعني أن السلطات الروسية تؤدي دوراً أكثر أهمية في الساحة الدولية من قدرة الغرب على عزلها".

واعتبر رئيس لجنة العلاقات الدولية في الدوما الروسية، أليكسي بوشكوف، في مقابلة مع برنامج "فيستي إف إم"، أنه "ما دام أن وزير الخارجية الأميركي قد أتى للقاء الرئيس الروسي، فهذا يعني أن الجانب الأميركي يريد أن يقول لنا شيئاً ما".

وانطلاقاً من مبدأ "مواصلة الحوار الأميركي ـ الروسي"، لم يعد على السوريين انتظار شيء محدد من لقاء سوتشي، بعد كلام كيري أنه "تمّ الاتفاق على مواصلة الحوار لتسوية المسألة السورية"، في ظلّ تأكيد موسكو على "العودة لمبادئ مؤتمر جنيف".

مع أن كيري تحدّث عن "انتقال السلطة كأساس للتسوية السورية"، مشيراً إلى التوافق مع روسيا على هذه المسألة، بقوله "جميعنا نرى أن هناك، في الواقع، ضرورة لدعم مثل هذا الانتقال، لذلك ناقشنا إمكانية عمل الولايات المتحدة وروسيا معاً على هذه المسألة في الأيام المقبلة".

اقرأ أيضاً: روسيا ـ بوتين تحتاج الكثير

وجزم كيري أن "واشنطن ترى أن سورية لن تكون دولة سلمية، حتى يتم انتقال السلطة السياسية فيها بشكل سلمي". وأضاف "نرى أن هناك حاجة لدعم مثل هذا الانتقال". إلا أنه من المستبعد حصول تغيير جوهري في موقف موسكو من هذه المسألة، خصوصاً أن الكرملين يرى أنه "ليس هناك من جهة يمكن أن تُنقل إليها السلطة في الوضع الراهن، وقادرة على إدارة شؤون البلاد".

وفي دعوة لافروف إلى "ضرورة التحقق من استخدام المواد الكيماوية في سورية، والحاجة إلى التحقيق لمعرفة الجهة التي استخدمتها"، يصبح من الواضح أن خطاب موسكو هو نفسه، سواء في هذه المسألة أو في الموقف من النظام السوري عموماً. ورأى الوزير الروسي أن "على منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التحقق في التقارير عن استخدام المواد الكيماوية في سورية"، مؤكداً عدم جواز استغلال هذا الموضوع للضغط على القيادة السورية.

وأشار خلال المؤتمر الصحفي الذي أعقب المباحثات، إلى أنه "نودّ إجراء التحقيق بنزاهة وبشكل مهني، كي لا تكون هناك محاولة، كما رأينا في أغسطس/آب 2014، لاستخدام موضوع المواد الكيماوية لممارسة الضغط السياسي، أو لتبرير خطط استخدام القوة ضد الدولة السورية". قبل أن يشدد على "ضرورة مواصلة الجهود نحو إطلاق حوار سياسي شامل بين النظام السوري والمعارضة".

أما الاهتمام الأكبر في المباحثات، وفق ما جاء على موقع الخارجية الروسية الرسمي، فشمل المخاطر المتأتية من احتلال تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) لأجزاء من سورية والعراق وليبيا. وهنا، عاد لافروف إلى "تأكيد ضرورة التخلي عن ازدواجية المعايير في الموقف من التنظيم"، في تلميحٍ واضحٍ إلى موقف واشنطن من التشكيلات الإسلامية في المعارضة السورية التي تتهمها موسكو بـ"الإرهاب".

وكان لافروف قد وصل إلى اللقاء مع كيري في سيارة "النصر" البيضاء، وحُدّد اجتماعهما في فندق "الوطن"، علماً بأن لسيارة "النصر" بعداً رمزياً لا يقتصر على اسمها، فقد بدأ الروس بتصنيعها في فترة الحرب العالمية الثانية، تحت اسم "غاز ــ 25 الوطن". وتوّج لافروف شكليات ما قبل اللقاء واللقاء بقوله "كانت المباحثات رائعة"، حسبما ذكرت وكالة "تاس".

واعتبر أن "المسؤولية عن الأزمة في العلاقات مع واشنطن لا تقع على موسكو، لأننا مستعدّون للتعاون البنّاء مع الأميركيين، سواء في العلاقات الثنائية أو في المسائل الدولية، كون بلدينا يتحملّان مسؤولية خاصة عن الأمن والاستقرار العالميين".

ولمّح إلى "عدم نزاهة واشنطن في تعاملها مع موسكو"، بقوله "التعاون ممكن فقط على أساس من النزاهة والندية، من دون محاولات الإملاء والضغط". وأردف "تصعيد المواجهة ومحاولات الضغط عن طريق العقوبات، سيؤديان إلى طريق مسدود، فلا يمكن إرغام روسيا على التراجع عن مصالحها القومية، وموقفها المبدئي من المسائل المفصلية بالنسبة لنا".

وعند تناول الوضع في أوكرانيا، اعتبر الوزيران، أن "لا بديل عن الحلّ السياسي لتسوية الأزمة، كما أنه لا بديل عن الإصلاحات السياسية الدستورية الواسعة، من أجل إرساء الاستقرار والسلام في أوكرانيا". وتطرّق الجانبان إلى الوضع اليمني، من دون الإعلان عن اقتراحات واضحة بشأنها.

وأفادت وكالة "تاس" بأنه "خُصصت ساعة ونصف الساعة للّقاء الروسي ـ الأميركي، إلا أنه استمر أربع ساعات". وقد نقلت "ريا نوفوستي" عن يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، قوله، إن "المباحثات المفتوحة كانت مطوّلة، وحملت طابعاً ودياً".

وأضاف أن "الوزير الأميركي نقل تحية من الرئيس باراك أوباما إلى روسيا، وأكد أن أوباما كان مهتماً للغاية بأن يستقبل رئيسنا وزير خارجيته". وأفاد بأن "مناقشة الموضوع الأوكراني شغلت حيزاً هاماً، وقدمنا من جهتنا رؤيتنا لأسباب ظهور الأزمة. وتم التأكيد أن روسيا تسعى إلى التنفيذ الكامل لاتفاقات مينسك. كما تم التركيز على اهتمام روسيا من حيث المبدأ، في بدء حوار مباشر بين كييف وممثلي دونيتسك ولوغانسك". وأكد أوشاكوف، أنه "على الرغم من أنّ المباحثات لم تحقق خرقاً، فإنها تظهر أولى المؤشرات عن فهم ضرورة عودة الدولتين العظميين إلى التعاون الطبيعي". وفي هذا الشأن، قال لافروف "اتفقنا على استخدام تأثير الولايات المتحدة وروسيا على طرفي النزاع، من أجل تشجيعهما على السعي إلى تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في مينسك".

من جهته، نشر كيري تغريدة على حسابه على موقع "تويتر"، تفيد بأن "مباحثاته مع بوتين كانت صريحة، وأنّ من "الضروري الحفاظ على خطوط الاتصال بين الولايات المتحدة وروسيا مفتوحة، ما دمنا نعمل على حلّ المسائل العالمية الملحّة".

اقرأ أيضاً: مقاطعة أطلسية لـ"يوم النصر" الروسي

المساهمون