كيري ولافروف والعودة إلى "دوّيخة" الحوار الثنائي.. بطبعة جديدة

كيري ولافروف والعودة إلى "دوّيخة" الحوار الثنائي.. بطبعة جديدة

13 أكتوبر 2016
إدارة أوباما تبحث عن "حفظ ماء الوجه"(جيم واتسون/فرانس برس)
+ الخط -
بالنهاية، وبعد استعراض "الخيارات"، وبعد نيف وأسبوع من التراشق الساخن بين واشنطن وموسكو، قررت إدارة أوباما العودة، وإن بصورة مواربة، عن تعليقها الحوار مع الروس.
 

إعلانها، أمس، عن اجتماع "متعدد الأطراف"، دعا الوزير كيري إلى عقده السبت في لوزان بسويسرا، ليس سوى استئناف للحوار الثنائي بين الكبيرين

تغليفه بحضور آخرين من الدول "المؤثرة في الأزمة السورية" لا يعدو كونه عملية إخراج لتمويه طابعه الثنائي، وحجب تراجع واشنطن عن تعليقه

ولم يكن من غير مغزى أن تسارع موسكو إلى الإعلان عن موافقتها على الحضور. وكأن الدعوة جرت بالتنسيق معها. بقية المدعوين لم تفصح وزارة الخارجية عنهم. وتردد أن المجموعة تشمل السعودية، وقطر، وتركيا، وربما إيران، كما لم تفصح عن مواقفهم من الدعوة. "اسألوهم "، قال الناطق باسم الخارجية، مع أنه لم يذكرهم بالاسم. لكنه توقع حضور "غالبيتهم". إبهام غير مألوف

عادة في مثل هذه الحالات تعلن الخارجية عن قائمة المدعوين. تكتمها هذه المرة يشي، على ما يبدو، بوجود عقبات من نوع حصول اعتراضات و"فيتوات" على بعض المشاركين، كما حصل في جنيف الأولى، حين كانت هناك ممانعة لحضور إيران

وربما يتكرر الاعتراض نفسه الآن، مما حمل واشنطن على عدم كشف الأسماء. والأرجح أن طهران مدعوة. الناطق الرسمي لم يؤكد، لكنه لم ينف صراحة. اكتفى بعبارة أن اللقاء سيكون "متعدد الأطرافبل ثمة ترجيح بأن مثل هذه الدعوة، في حال حصولها، لا بد أن تكون قد جرت بطلب روسي

في كل حال، يبقى موضوع المشاركة مسألة جانبية مقارنة بمعرفة السبب الذي حمل كيري على ترتيب هذا الاجتماع، خاصة أنه ليس لديه أي جديد سوى السعي لوقف النار، ومحاولة "التوصل إلى صياغة إطار أفضل له"، حسب ما قال أمس الناطق الرسمي في الخارجية! جواب ضبابي يثير الشكوك والريبة

ويزداد الغموض، ومعه الارتياب، حين تبرر الخارجية هذا التحرك بأنه مبني على "الأمل بأن تأتي موسكو بشيء ما" إلى الاجتماع، وكأن مثل هذه المراهنة لم تحصد خيبات متلاحقة.

الواضح أن شروحات الخارجية ليست سوى ضباب لحجب تراجع أميركي جديد أمام إصرار موسكو على ترجمة خطتها في حلب. فبعد التلويح لموسكو بتهمة "جرائم الحرب"، وبعد التهويل بـ"خيارات" وبدائل عرضت احتمالاتها لجنة رؤساء وكالات الاستخبارات في اجتماعها الأسبوع الماضي، انتهت الإدارة إلى قرار العودة إلى "الدويخة" الدبلوماسية ذاتها التي يمسك الكرملين بمفتاحها، والتي لم تثمر غير الفشل المرة تلو المرة، إلا إذا كانت إدارة أوباما قد حسمت، هذه المرة، وقررت التحرك لصياغة مخرج للشروط الروسية، وبما يحفظ ماء الوجه.  

وفي ضوء الواقع الميداني المعروف، والتشبث الروسي به، كما في ضوء التشديد الأميركي على مركزية وقف النار، لا يستبعد أن يكون المطروح مشروع انسحاب للمقاتلين، على غرار ما جرى في حمص، يعقبه دخول قوات النظام السوري إلى القسم الشرقي من المدينة. بذلك تحصد موسكو مرادها، وفي الوقت ذاته، يكون بإمكان واشنطن الزعم بأن سعيها نجح في إنقاذ ربع مليون حلبي

في مثل هذا الترتيب يكون الاجتماع "المتعدد الأطراف" قد جرى توظيفه كغطاء لهذا المخرج، الذي يحقق المطلوب لموسكو، ويحفظ ماء الوجه لواشنطن، من خلال تنويهها بفعالية دبلوماسيتها.

لكن ترجمة هذا الاحتمال دونها صعوبات هائلة، داخلية وإقليمية. ففي سورية، وحلب بالتحديد، لا قرار لغير الواقع على الأرض. وهذا القرار معقد ومتداخل، وتتحكم به حسابات كبيرة وعنيدة

من جهتها، تبدو إدارة أوباما، عشية رحيلها، مهتمة بكسب رهانها على خيار الحوار الذي اعتمدته منذ البداية في سورية بخاصة، وإثبات أنه أعطى نتائجه، وأنهى حصار مدينة. المهم ألا "تتورط". وعلى الرئيس القادم أن يدبّر نفسه في موضوع سورية.



المساهمون