كورونا في الشمال السوري

كورونا في الشمال السوري

12 يوليو 2020
لا تمتلك مناطق الشمال القدرة على مواجهة الوباء (عمر حج قدورة/فرانس برس)
+ الخط -

بعد صمود دام لأشهر عدة في وجه فيروس كورونا، وقع المحظور وسجلت مناطق سيطرة المعارضة في شمال سورية أولى الحالات الموجبة، وذلك بعد التأكد من إصابة طبيب في مشفى باب الهوى، تلاه تسجيل إصابة طبيبين آخرين، كانوا قد فحصوا عشرات المرضى قبيل إعلان إصابتهم بالفيروس، الأمر الذي شكل رعباً لسكان مناطق الشمال التي تفتقر إلى الحد الأدنى من الكوادر والمستلزمات الطبية، ولا تملك القدرة على تشخيص الفيروس واستقبال المرضى إذا استفحل. هذه المناطق تعاملت مع الفيروس، منذ بداية ظهوره وحتى تسجيل أول إصابة، وكأنه غير موجود، ودون اتخاذ أية تدابير احترازية. فالوضع المأساوي الذي يعيشه سكان تلك المناطق دفع قسماً كبيراً منهم إلى التعامل مع فيروس كورونا بنوع من السخرية والتهكم، ومقارنة كورونا بما يتعرضون له من مآسٍ، من قصف بكل أنواع الأسلحة، وافتقارهم إلى أدنى مقومات الحياة، من دون تدخل يذكر من المجتمع الدولي لوقف تلك المأساة.
بعد تسجيل أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا، واستشعار معظم سكان مناطق الشمال السوري بالخطر، خصوصاً أولئك الذين قابلوا أو كانوا على مقربة من الأطباء المصابين، بدأ الكثير من المدنيين في شمال سورية يدعو بعضهم بعضاً إلى أخذ الحيطة والحذر، واعتماد وسائل الوقاية من الفيروس. وبدأت الهيئات السياسية التمثيلية للمعارضة والمنظمات الإنسانية مناشدة المجتمع الدولي للوقوف أمام مسؤولياته في مساعدة سكان تلك المناطق على مواجهة هذا الفيروس، إلا أن تسجيل أولى حالات الإصابة بكورونا في الشمال السوري تزامن مع فيتو روسي على إدخال المساعدات الإنسانية لتلك المناطق. كذلك يدرك السوريون جيداً أن المجتمع الدولي كان شاهداً على أفظع المجازر التي ارتكبت بحقهم من دون أن يحرك ساكناً لمنعها، فقسم من المجتمع الدولي ساهم بقتلهم، وقسم آخر اكتفى بالفرجة والتنديد بما يجري. ويدركون أيضاً أن الدول الفاعلة في القضية السورية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، كان بإمكانها أن تمنع كل المآسي التي تعرض لها السوريون، ولكنها تركت أكثر الأنظمة إجراماً يرتكب أفظع المجازر بحقهم ويدمر مدنهم وقراهم فوق رؤوسهم بأكثر أنواع الأسلحة عشوائية. لذلك، عليهم الآن أن يكونوا مدركين جيداً أن مواجهة فيروس كورونا الفعلية لا تكون إلا بتعاملهم الجدي مع وسائل الوقاية من الفيروس، وأن حماية أنفسهم منه لا تكون إلا من خلالهم هم، دون التعويل على أية جهة خارجية.