كلاسيكو الكرة المصرية.. "حرب فنية" بين "المبروك" و"البروفيسور"

كلاسيكو الكرة المصرية.. "حرب فنية" بين "المبروك" و"البروفيسور"

21 سبتمبر 2015
+ الخط -


"لا يمكننا تخطي فريق يلعب بالسحر، ويعتمد على الأعمال السفلية، أبعدوا عنا جامايكا"! هذه الكلمات السابقة ليست جزءا من سيناريو فيلم كوميدي، أو مسلسل خيال علمي، بل هي تصريحات مرتضى منصور، رئيس نادي الزمالك، في حديثه الأخير قبل "الديربي"، حينما اتهم منافسه الأهلي بالاعتماد على السحر من أجل الفوز.

وبعيداً عن لعبة "البيضة والحجر" التي يستخدمها الرجل الذي يفتخر بمحاربة جماهير اللعبة مرارا وتكرارا، فإن القمة الأشهر في الوطن العربي تستحق مزيداً من الضوء، خصوصاً على الصعيدين الفني والتكتيكي، في محاولة جديدة لإعادة الروح إلى الجسد، وتعديل مسار الكرة المصرية، حتى تعود مرة أخرى إلى سابق عصرها، وتساهم في إسعاد ملايين العشاق في مختلف أنحاء الوطن العربي الكبير.


الشيخ مبروك
بين شد وجذب الجماهير الأهلاوية، اتخذت إدارة الأهلي قرارها الحاسم بتجديد الثقة في المدرب فتحي مبروك لموسم آخر، لاعب الأهلي القديم ورجل الطوارئ كما عُرف عنه، يريد لنفسه دورا جديدا هذا الموسم مع أصحاب القميص الأحمر، فالمبروك تمرد أخيراً على شخصية "الرجل الثاني"، وانتزع أفيش البطل رغم أنف منتقديه، ليكون على رأس الطاقم التقني لقلعة الجزيرة خلال الفترة المقبلة.

يشارك مبروك مجاذيب الأهلي حبهم وعشقهم للكيان، لكنه لا يُشبههم على طول الخط، إنها دراما الزمان التي جعلته ينتمي إلى زمن آخر، يختلف في كل تفاصيله عن سمات العصر الحالي، حيث إن الكلمة العليا لصوت الشباب، الفئة الأكثر حضورا وسط مدرجات "التالتة شمال"، الخاوية حالياً بفعل فاعل.

فتحي هو المبروك أمام الزمالك، خطف منهم الدوري في الموسم الماضي، وهزمهم بجدارة هذا العام رغم فوز أبناء ميت عقبة بالبطولة المحلية في النهاية. إنه الشيخ العجوز الذي لا يُغيّر قناعاته، ويلعب دائماً على المضمون، ويميل فقط للثوابت، دون الأخذ في الاعتبار بفكرة التغيير والميل إلى عامل المفاجأة.

لذلك يلعب الأهلي في الأغلب بخطة 4-2-3-1 دون تغيير، رباعي دفاعي صريح مكون من باسم علي، نجيب، سمير، وحسين السيد. ومع غياب حسام غالي، يدخل فتحي في القائمة الأساسية بجوار عاشور كمحوري ارتكاز، بينما يتكفل الثلاثي سليمان، السعيد، رمضان صبحي بالعمل الهجومي، خلف رأس الحربة المتقدم عمرو جمال.

لعبت الإصابات دورا في الوصول إلى هذا التشكيل المحتمل، لكن في معظم الأحوال، يحافظ الفريق الأهلاوي على معظم عناصره، مع الإبقاء على الصفقات الجديدة كأوراق رابحة عند الحاجة، وبالتالي من الممكن أن نشاهد جون أنطوي إذا تعثرت الأمور، أو احتاج نادي القرن الأفريقي إلى عون جديد.


البروفيسور
ينادونه بالبروفيسور، في دلالة واضحة على هدوئه المريح لنجومه، والمستفز لخصومه، إنه جوزفالدو فيريرا، الرجل الذي تولى مهمة تدريب الزمالك، وقاده في النهاية إلى لقب الدوري بعد سنوات عجاف. ورغم كل محاولات رئيس ميت عقبة مرتضى منصور، من أجل إبعاد الرجل أو تقليل نفوذه، فإن البرتغالي يسير بخطى ثابتة وبهدوء يُحسد عليه، حتى هذه اللحظة قبل ساعات قليلة من "ديربي" الكأس.

فيريرا مدرب يهتم بالتكتيك، ويحاول بناء نظام تكتيكي رئيسي، يهدف من خلاله إلى فتح الملعب عرضياً عن طريق أكثر من لاعب، من أجل خلق الزيادة العددية 2 ضد 1، 3 ضد 2، وحتى 2 ضد 2، على الخط الجانبي من المستطيل الأخضر، بالتحديد في أنصاف المسافات بين لاعبي الفرق المنافسة.

لذلك يعتمد البروفيسور على خطة 4-3-2-1، بتواجد ثلاثي وسط ملعب، واحد بالعمق أمام الدفاع، وثنائي على اليمين واليسار، من أجل الربط مع الأظهرة، والتحرك في المناطق المزدوجة بين الارتكاز والأطراف، مع إعطاء الحرية الكاملة لثنائي صناع اللعب، خلف المهاجم المتقدم داخل منطقة الجزاء.

جنش في الحراسة، مع حازم، جبر، كوفي، وطلبة في الدفاع، بينما طارق حامد هو الأقرب لشغل مركز الارتكاز المتأخر، رغم أن لاعبا بقدرات إبراهيم عبد الخالق سيكون أنسب، رفقة كل من عمر جابر ومعروف يوسف، مع الضرب في الأمام بأصحاب المهارات الخاصة، كهربا وحفني بالتعاون مع باسم مرسي.


النهائي الشهير
يتذكر جمهور الكرة المصرية بكل خير نهائي الكأس 2007 بين الكبيرين، الأهلي والزمالك على ملعب القاهرة الدولي، قمة الأهداف الغزيرة بين ثنائي تدريبي من العيار الثقيل، مانويل جوزيه وهنري ميشيل، خلال المباراة التي انتهت بفوز المارد الأحمر، بنتيجة أربعة أهداف مقابل ثلاثة، بعد الوقت الإضافي.

رغم أن النهائي الحالي لا يقل بأي حال من الأحوال عن 2007، بسبب تواجد العديد من النجوم في الفريقين، وتميز كلا المدربين خارج الخطوط، إلا أن استعادة الحاسة الجماهيرية أمر مستحيل، في ظل التعنت الأمني الغريب، وإصرار القائمين على الكرة في البلاد على ارتكاب نفس الأخطاء، بمعاداة العنصر الأهم على الإطلاق في سجلات اللعبة، إنهم الجماهير أصدقاء المستديرة، وسكان الركن الرئيسي من المدرجات.

هكذا كان شغف اللعبة في الجمهورية المصرية، تعتبر مباريات القمة بمثابة العيد الكبير لكل المشجعين، حيث يتفنن كل جانب في إظهار عشقه وحبه لفريقه، قبل وأثناء وبعد المباراة. يذهب المجاذيب إلى الملعب قبل المباراة بعدة ساعات، يتحملون عناء ومشقة الدخول في ظل أجواء غير آدمية، وجهات أمنية لا تعرف الفرق بين المشجع والمجرم، لا أحد يشتكي والجميع يشجع دون توقف، والسبب واحد لا يختلف عليه أحد، إنه الانتماء والتفنن في عشق المستديرة وروادها الذين يسكنون جزيرة الزمالك!


الديربي
في تقرير الـ Observer عن أهم 50 حدثا رياضيا يجب أن تحضره قبل أن تموت، تأتي كرة القدم في المركز الأول، مع ديربي الفقر والمال في بيونس آيرس، بين سكان الحي الفقير في بوكا جونيورز، وأرباب الأعمال قادة ريفر بليت، مع تسليط الضوء على أهم 5 مباريات بعد قمة الأرجنتين، السيلتك والرينجرز في اسكتلندا، برشلونة وريال مدريد، إنتر وميلان، فينربخشه وجالطاسراي، وبالتأكيد هناك قمة عربية أفريقية شرق أوسطية، عن الأهلي والزمالك يتحدث خبراء كرة القدم.

إنه اللقاء الأكبر والأشهر في أفريقيا، يُلعب على ستاد القاهرة، ويحضره قرابة السبعين ألفا في كل مباراة، هكذا وصف محرر المجلة الشهيرة أحداث "ديربي" القاهرة بين الأهلي والزمالك، لكنه لم يتوقع أبداً أن يأتي اليوم الذي يُمنع فيه جماهير الفريقين من مشاهدة عشقهم داخل الملعب، ليصبح العنوان الأشهر لمباريات القمة الأخيرة، كرة قدم بدون أبطال، وكأنها نبتة شيطانية لا جذور لها!

 

المساهمون