(كتاب رونالدو 5) جراحة في القلب و4-3-3 وعصابة المترو!

19 يوليو 2016
بدايات رونالدو مع لشبونة (Getty)
+ الخط -


استمر كريستيانو في سبورتنغ لشبونة بين عامي 1997 و2003. خلال الفترة التي قضاها بالعاصمة البرتغالية كان هناك ثلاثة رجال لعبوا دورا كبيرا في تطوره؛ أوريليو بيريرا رئيس الأكاديمية وليونيل بونتيس أحد أبناء ماديرا، والذي دربه هناك لفترة من الزمان، ونونو ناريه مدرب فريق الشباب الذي وضعه تحت عينيه طيلة أربعة أعوام.

كان أوريليو بيريرا حاضرا بشكل دائم، صحيح أنه لم يدرب رونالدو فنيا بشكل مباشر ولكنه كان عنصرا أساسيا في "التدريب الروحاني" الذي تقدمه الأكاديمية.

يقول أوريليو "أنا من مدرسة التدريب التي تعتمد على التعليم الذاتي. لم يكن هناك تعليم متاح للمدربين في البرتغال، لهذا فإن تأثيرك على اللاعبين يكون روحانيا أكثر مما هو تكتيكي. كنا نسعى للتأكد من أن تصبح كرة القدم جزءا من روحهم ونجعلهم يتفهمون أخطاءهم داخل إطار هذه العملية. كنا نزرع ما يمكننا حصد ثماره في المستقبل. هذا هو نوع التربية الكروية التي حصل عليها رونالدو".

الأشهر الأولى
كان مقر إقامة كريستيانو الأول في مركز استاجيو الواقع بالقرب من ملعب الفالدي: سبع غرف نوم يعيش أربعة فتية في كل منها وغرفة لمشاهدة التلفاز إلى جانب دورات المياه. كان رونالدو يقطن مع فتية من أماكن بعيدة للغاية مثل موزمبيق ونيجيريا.

من ناحيته فإن ليونيل بونيس، همزة الوصل بين النادي وعائلة رونالدو، عرض عليه الإقامة في منزله وقتما استدعت الحاجة، خاصة خلال الأشهر الأولى، حينما كانت الحياة في لشبونة قاسية للغاية بالنسبة لكريستيانو الصغير.

يقول أوريليو "حينما كان في الثانية عشرة كنا نختبر لاعبا أفريقيا ولكن لم يكن هناك مكان له في مقر الاقامة، إلا أن ما حدث أن رونالدو قال له (استلق على فراشي سأنام أنا على الأرض)، ولكن هناك رواية أخرى تقول إنه ضم فراشه إلى ذلك الذي يخص زميلاً في الغرفة ليتسع الاثنان معا لثلاثة أفراد. على أي حال سواء هذا أو ذاك فإن الأمر يعكس شيئا ما.

كان الروتين الطبيعي في تلك الفترة كالتالي: الإفطار في مقهى محلي والسير لمسافة كيلومتر نحو المدرسة والعودة للملعب لتناول الطعام في مطعم يتبع النادي. استراحة ثم تناول وجبة خفيفة في نفس المقهى فالذهاب مع المدرب إلى أي ملعب ترابي فارغ ثم العشاء في نفس الملعب مجدداً.

عاند النوم كريستيانو ليلاً عدة مرات حيث كان الحنين للوطن يبقيه مستيقظا حتى ساعات متأخرة. في النهاية كان يستيقظ لتكرار نفس البرنامج اليومي مجدداً. كان يتاح له الحصول على بطاقتين هاتفيتين أو ثلاث في الأسبوع للذهاب لكابينة الاتصال ومهاتفة عائلته لتدمع عيناه.

كان بونتيس هو من يهون عليه الأمر على الرغم من أن كريستيانو لم يبك أمامه مباشرة بسبب بعده عن عائلته، لذا كان يقول له "في بعض الأحيان الحياة لا تكون سهلة".

جراحة في القلب
أثناء أحد التدريبات مع فريق تحت 14 عاما شعر كريستيانو بإحساس غريب في صدره: أحيانا كانت دقات قلبه تتسارع ليشعر بإرهاق غير طبيعي. تكرر الأمر أكثر من مرة لدرجة أنه استبدل بعد ست دقائق من بداية إحدى المباريات.

أثبتت الفحوصات في النادي والمستشفى أن الفتى الصغير يعاني من تسارع في دقات القلب يتطلب جراحة. العملية كانت بسيطة وتضمنت استخدام الليزر. كانت دولوريس تخشى أن يمثل الأمر نهاية مستقبل ابنها الكروي لذا قررت إجراء الجراحة سريعاً في يونيو/ حزيران من عام 2000 بمستشفى كوراسياو القريب من لشبونة.

مكث بيريرا ونونو ناريه، والذي جاء بديلا لبونتيس في المستشفى مع كريستيانو تلك الليلة قبل أن يعود في اليوم التالي لمقر إقامته. انتظر النادي البرتغالي ثلاثة أشهر قبل السماح لكريستيانو باللعب ليتأكد من أن كل شيء على ما يرام.

4-3-3 وإشكالية التربية
كيف كان كريستيانو يلعب حينها؟ وكيف تأقلم على خطة 4-3-3 المميزة لسبورتنغ؟ ولماذا يتم الاعتماد دائماً على هذه الخطة في المراحل العمرية المختلفة بالنادي؟

يجيب أوريليو "4-3-3" إنها أسهل خطة للاعبين لكي يتفهموا الكرة ويمكن أقلمتها بسهولة لأنظمة أخرى مثل 4-4-2 و3-5-2. في بعض الأحيان يقول البعض إنها لا تنتج سوى أجنحة، ولكن هذا ليس أمراً حقيقياً. نحن نحب تسريع الأجنحة ولكن في نفس الوقت نرغب في لاعبين بداية من عمر الخامسة أو السادسة عشرة ليملأوا وسط الملعب أيضا".

يضيف مسؤول نادي سبورتنغ "حينما يتعلق الأمر برونالدو فإن السؤال الصحيح هو كيف تعمل على تربية فتى مثله؟ بأن تقول له بأنه مثل بقية الفتية؟ ولكنه ليس كذلك! يمكنك أن ترى هذا من ثقته بنفسه.. كيف لا يتحلى بهذه الثقة وهو كان يعامل منذ الصغر على أنه الأفضل. الثقة كانت زميلا له في الدرب الذي اتخذه. تصرفاته في الملعب هي مجرد رد فعل للطابع المتمرد الذي صنعه لاعبا وللشغف الذي امتلكه منذ كان طفلا".

الحقيقة أن قيادة الأكاديمية هي من سمحت له بهذا الأمر، بل وإنهم تغاضوا عن الكثير من الأشياء التي فعلها بالملعب وكان لا يمكن لأحد غيره الهروب بها. رأى أوريليو آثاراً إيجابية لهذه الخاصية سواء على اللاعب أو روح الفريق. كان يهتم فقط بتحسين التزامه خارج الملعب.

بعيدا عن هذه النقطة، كان يجب تحويل رونالدو "الفنان" إلى رونالدو "اللاعب المؤثر". هذه كانت عملية التطور المطلوبة، وحتى تم الوصول لهذه النقطة فإنه لم يفز بأي لقب في الفئات العمرية الأقل، مع العلم بأن هذه لم تكن الأولوية في الأساس في تلك المرحلة.

يضيف أوريليو "شاهدت فتية عمرهم 15 و16 عاما يحزمون حقائبهم ويرحلون نحو منازلهم في اليوم الثاني لهم". البعد يقتل بنفس الدرجة التي يصنع بها القوة، لذا فليس من الغريب أن يصبح رونالدو أول من يمثل ماديرا في منتخب البرتغال.

سباق السيارات وعصابة المترو
انتقل رونالدو في عمر الخامسة عشرة إلى وسط لشبونة. كان يستخدم وقت فراغه للتجول في المدينة، للركض في الحدائق القريبة وتحدي نفسه بمسابقة السيارات أثناء توقفها في إشارات المرور. كان يضع قدمه في مقر الإقامة حينما كان يأتي وقت النوم فقط.

في إحدى الليالي، أثناء عودته من مركز للتسوق كان بصحبة ثلاثة من زملائه ولكن داهمتهم في المترو عصابة مسلحة بالسكاكين. ركض اثنان من اللاعبين وبقي اثنان. خمن في أي مجموعة كان رونالدو؟ كان بالطبع في تلك التي وقفت لمواجهة اللصوص ولكن لم يتعرض أحدهما للسرقة في النهاية.

أصبح رونالدو في سن السادسة عشرة أول لاعب في تاريخ سبورتنغ لشبونة يلعب لفرق تحت 16 عاما وتحت 17 عاما وتحت 18 عاما ورديف النادي وفريقه الأول في نفس الموسم (2001-2002). خلال ذلك الموسم انتقل لمقر إقامة جديد بوسط لشبونة، ذلك الذي شهد تسجيل أول تقرير متلفز عن النجم الصغير: رونالدو في المترو جالساً في تلك الغرفة المتواضعة ذات الفراشين والتلفاز. هذا كان مجرد جزء من الرحلة.

المساهمون