كاميرات الضفة عيون الاحتلال

كاميرات الضفة عيون الاحتلال

30 ديسمبر 2018
كاميرات المراقبة الفلسطينية ترصدهما (عباس موماني/ فرانس برس)
+ الخط -
بدأت في الآونة الأخيرة، عقب تصاعد العمليات الفدائية في الضفة الغربية المحتلة، حملة غاضبة ضد كاميرات المراقبة المسلطة من مداخل المنازل أو المتاجر باتجاه الشوارع، نظراً لمساهمتها في كشف المقاومين الفلسطينيين.

قبل استشهاد الفدائي أحمد جرار، ابن مخيم جنين للاجئين، بعد مطاردته لنحو شهر، صادرت قوات الاحتلال تسجيلات كاميرات المراقبة في غالبية مناطق نابلس وطوباس وطولكرم وقلقيلية وجنين بشمال الضفة، حتى استطاعت من خلالها التوصل لمكان المركبة التي نفذت بها عملية قتل حاخام، ثم معرفة المنفذين ومطاردتهم.

كثير من القصص تشير إلى عمليات فدائية، كُشف منفذوها بعد متابعة كاميرات المراقبة المثبتة في شوارع المدن الفلسطينية، فوق الملكيات السكنية أو التجارية، عدا عن مئات الكاميرات التي ثبتتها سلطات الاحتلال في الشوارع الرئيسية بين المدن، وفي محيط المعسكرات والمستعمرات الإسرائيلية والمفترقات، وهي كاميرات ذات دقة عالية تستطيع كشف تفاصيل المارّة.




بحسب تقارير صحافية، فإنّ جيش الاحتلال بدأ بتنفيذ مخططات لزرع مئات كاميرات المراقبة عند مفترقات الطرق وعلى المحاور الرئيسية وفي محيط المستعمرات والنقاط العسكرية، وذلك بعد الهبّة الشعبية التي اندلعت عام 2015، إذ يرصد جميع تحركات الفلسطينيين، ويستطيع من خلال تحليل تحركاتهم توقع تنفيذ عمليات فدائية، ومن ثم كشف الخلايا أو الأفراد واعتقالهم.

لكن داخل المدن والقرى والبلدات الفلسطينية، وبسبب التطور التكنولوجي، أصبح كلّ مالك متجر، وعدد كبير من ملّاك المنازل ينشرون كاميرات مراقبة، خوفاً من السرقة والاعتداءات عليهم، لكنّ الاحتلال يصادر تسجيلات الكاميرات متى شاء.

قبل أيام قليلة، عندما نُفذت عملية عند مدخل مستعمرة "عوفرا" المقامة على أراضي الفلسطينيين شمال رام الله، داهمت قوات الاحتلال مدينة رام الله، واقتحمت حيي المصايف والبالوع، وصادرت عشرات تسجيلات كاميرات المراقبة، من بينها ما يعود لمؤسسات رسمية كوكالة الأنباء الرسمية "وفا"، ومتاجر. استمرت عمليات الرصد والمتابعة لخط سير منفذ العملية طوال يومين، واستطاعت قوات الاحتلال تحديد منفذ العملية، واغتياله على طريق قرية سردا، شمال رام الله، وهو الشهيد صالح عمر البرغوثي المتهم بتنفيذ العملية.

في سياق حملات التوعية، بدأ الناشطون والصفحات الإعلامية في توجيه أصحاب الكاميرات إلى ضرورة مسح تسجيلاتها بين فترة وأخرى، وتتكثف هذه الحملات عند حدوث عمليات فدائية، كما هي الحال اليوم مع الدعوات إلى عرقلة عمل جهاز الشاباك، في معرفة منفذ عملية بيت إيل الأخيرة التي قُتل فيها ثلاثة صهاينة وجرح عدد آخر.

تخلل الحملات الداعية إلى شطب تسجيلات الكاميرات، ظهور ملصقات على جدران الميادين الرئيسية في رام الله، كتب عليها: "نداء نداء نداء... ندعوكم أبناء شعبنا إلى إطفاء كاميرات محالّكم وبيوتكم وتغيير اتجاهها بعيداً عن الشارع حفاظاً على حياة مقاومينا... احمِ شعبك، شعبك يحميك... عاشت فلسطين حرة عربية".

كذلك، نشر رسام الكاريكاتير سائد نجم، رسوماً جرى تداولها بشكل كبير، توضح كيف تساهم الكاميرات في القبض على المقاومين الفلسطينيين، إذ رسم في إحداها جندياً إسرائيلياً لا يتمكن من رؤية تحركات المقاومين بغير تلك الكاميرات. يعلق نجم لـ"العربي الجديد": "الكاميرات عين الاحتلال المجانية، يقدمها أصحابها من دون أدنى إدراك بكارثة توجيهها نحو الشارع، ما يكشف خصوصية المواطنين، وأمنهم في حالة العمل الفدائي".

حول استجابة الفلسطينيين ونجاح هذه الحملة الحالية، يقول نجم: "للأسف كان ثمن أن ينتبه الناس وتبدأ المطالبة الشعبية، استشهاد أحمد جرار في البداية وكانت الاستجابة محدودة. الآن بعدما كبر الثمن باستشهاد نعالوة والبرغوثي نشأ شعور بالذنب، ما جعل الدعوات أكثر صخباً لكنّها مرهونة بالحسّ الشعبي الجماعي، الذي يقلّ ويزداد تبعاً للعاطفة الجماعية، في ظل انعدام العمل الرسمي والمنظم".




كذلك، نشر رسام الكاريكاتير محمد سباعنة، رسماً بيّن فيه كيف تكون كاميرا المراقبة بندقية جندي صهيوني موجهة في صدر الفدائيين، وكتب عليها: "احمِ شعبك، احمِ ظهر المقاومة... إطفاء كاميرات محلاتكم وبيوتكم وتغيير اتجاهها بعيداً عن الشارع يحفظ حياة مقاومينا وأمنهم".

"احمِ ظهر المقاومة"
انتشر مقطع فيديو من بلدة بيت ريما، إلى الشمال الغربي من رام الله، بالضفة الغربية، يظهر فيه شبان ملثمون، بزي عسكري، يعيدون توجيه جميع كاميرات المراقبة الموجهة إلى الشوارع في البلدة، إلى الجدران. وطلب الشبان من أهالي البلدة في المقطع إزالة الكاميرات، معلنين عن حملة باسم "احمِ ظهر المقاومة".