ورشح اليعقوبي، في حوار مع "العربي الجديد" منتخبي مصر والجزائر للفوز بالتاج الأفريقي، الذي غاب عن خزائن الدول العربية منذ عام 2010، منبهراً بواقعية محمد صلاح وأداء رياض محرز، بالإضافة إلى تميز بغداد بونجاح ويوسف البلايلي.
كيف تعيش على وقع كأس أمم أفريقيا؟
أتابع باهتمام شديد الحدث القارّي في أفريقيا بكافة جوانبه، كلاعب سابق ومدرب حالي، ويهمني أيضاً كأفريقي وعربي كأس الأمم الأفريقية التي تشارك بها أعتى المنتخبات، منها المنتخبات الوطنية كما لا تغيب عني جميع الأحداث والكواليس والمباريات، بما أني أتعامل حالياً مع إحدى القنوات التونسية في التحليل الفني للمباريات، التي ترتكز على مباريات المنتخب التونسي بكأس الأمم الأفريقية.
الجمهور التونسي غاضب على أداء المنتخب الضعيف في كأس أمم أفريقيا، ما هو رأيك؟
الجمهور له الحق في التعبير عن غضبه، بما أن الأمر يتعلق بالمنتخب الوطني ومن واجبه أن يعبر عن عدم فرحته بالأداء قبل النتيجة، فلم يظهر المنتخب التونسي في صورة المنافس في هذه المسابقة، ولا يستجيب الأداء للقيمة الفنية للاعبين، ولدي قناعة أن المنتخب سيظهر بروح قتالية أكبر في المباراة المصيرية المرتقبة مع منتخب موريتانيا الشقيق.
وحسب اعتقادي أن الفوز على المرابطون في ختام مباريات المجموعة الخامسة مضمون، وعند تحقيق ذلك سيجد النسور أنفسهم أمام تحد جديد، والمرور إلى السرعة القصوى لتخطي الدور الأول والوصول بعيداً في هذه المسابقة، وأرى أيضاً أن المجموعة الحالية التي تشارك بكأس الأمم الأفريقية لا تبعد كثيراً عن العناصر التي شاركت بكأس العالم بروسيا.
أعتقد أن المجموعة الحالية محترمة جداً، وربما ظروفها الحالية لا تساعدها على التألق، وأنا على يقين أن المنتخب التونسي سيظهر بصورة أفضل في المشوار المقبل.
هل فشل جيريس في البحث عن التشكيلة المثالية لمنتخب تونس في الكان؟
أعتقد أن الفشل والنجاح نسبي، وألان جيراس لم يوفق إلى حد الآن في الاختيار المناسب لجلّ عناصر المنتخب، ولم يتعرف بعد إلى كافة اللاعبين لعدة أسباب تعود إلى ضيق الوقت والمدة الزمنية القصيرة للمعسكرات، فبإجراء معسكر أو اثنين فقط لا يمكن للمدير الفني المعرفة الشاملة والكافية بأجواء وكواليس المنتخب، عكس مدربي الفرق فلهم الوقت الكافي لمعرفة كافة التفاصيل المحيطة بالفريق. وحسب اعتقادي ومع تقدم المسابقة، سيهتدي جيراس إلى التشكيلة المثالية وبصورة أفضل من المباراتين الأخيرتين، اللتين أظهرتا أنه ما زال يكتشف الأجواء العامّة بالمنتخب.
ما هي أسباب تراجع أداء ومردود لاعبي منتخب تونس؟
في عالم كرة القدم هناك متغيرات يجب التعامل معها، على غرار العوامل الطبيعية مثل الحرارة ودرجات الرطوبة المرتفعة جداً، وهذا يتزامن مع الواقع الحالي ومع إقامة المنتخب بجانب البحر الأحمر. هذه العوامل تؤثر على الجسم ما يساهم في تدني الأداء، وعموماً جيراس استغلّ في المباراتين الأخيرتين 16 لاعباً، ولم يصل اللاعبون إلى الانتعاشة القصوى، وأنتظر مردوداً كبيراً من اللاعبين في مباراة موريتانيا.
ما يجب فعله من الإطار الفني واللاعبين لمباراة موريتانيا؟
يجب أن ندرك أن مثل هذه المباريات تعود لشخصية اللاعبين فوق أرضية الملعب وأستثني المدرب من ذلك، فلا تجوز المقارنة على جميع المستويات بين المنتخبين، فالفوارق شاسعة من الجانب التاريخي وعلى قيمة اللاعبين لدى المنتخبين، ويكمن مفتاح النجاح في احترام المنافس ونحن قادرون على الفوز والذهاب إلى الأدوار القادمة.
هل أصبحت حراسة المرمى كابوساً في المنتخب؟
المدرب الفرنسي لمنتخب تونس أساء التصرف في الفريق وتخبط في اختيارات عديدة، أهمها عدم وضوح الاختيارات في قائمة حرّاس المرمى، فحارس المرمى يعتبر آخر عنصر قبل الولوج إلى الشباك، وكان على المدرب أن يحدد قبل الدخول في المسابقة تعيين ترتيب الحرّاس منذ البداية، وما حصل مع الحارس فاروق بن مصطفى في "الكان" بعث برسالة سلبية للاعبين وأدركوا أن كل من يخطئ فسيعاقب، هذا سيضر بمصلحة المنتخب.
لست داخل الإطار الفني لأقيّم من هو الحارس الأفضل، وما اقترفه جيراس بشأن بن مصطفى يمثل خطأً فادحاً، وكان عليه المزيد من إعطاء الثقة وإشراكه في مباراة مالي، والواضح أن الإطار الفني تورط في اختيار الحارس الأول، وأتمنى أن يهتدي جيراس في الدراسة الجيدة لإقحام الحارس الأساسي أمام موريتانيا لتأمين المسيرة الجيدة في بقية المشوار.
توقعاتك لمشوار تونس في أمم أفريقيا؟
أتمنى تحقيق النقاط الثلاث من مباراة موريتانيا، فالصراع ما زال على أشدّه على المركز الأول، وإن اقتلعنا الصدارة فالدور السادس عشر لن يكون قوياً، وبهذه الإمكانات نستطيع التأهل إلى نصف نهائي كأس الأمم الأفريقية.
منتخبات شمال أفريقيا شدّت الانتباه وتأهلت، من المنتخب المتكامل برأيك؟
الفراعنة تأهلوا بالعلامة الكاملة وبثلاثة انتصارات متتالية، وأسود الأطلس والمحاربون رسموا حضوراً قوياً جداً، أبهرني منتخب الجزائر فهو متكامل قوي ومن دون نقاط ضعف، والواضح أن منتخبات شمال أفريقيا جاهزة للحدث القارّي واعتلاء منصة التتويج.
مصر دائماً تبقى مرشحة لنيل اللقب فهي صاحبة الأرض والجمهور، والمغرب والجزائر وتونس منتخبات مونديالية، الجزائر تعتمد على أسلحة أفضل من بقية المنتخبات العربية لرفع اللقب القاري ونأمل استعادة التتويج الذي غاب عنّا منذ سنة 2010.
هل ترى صلاح ليفربول مع الفراعنة؟
لا، صعب جداً، وعموماً لا أحبذ هذه المقارنة، فصلاح مع المنتخب المصري ليس لديه نفس وسائل فريق ليفربول، وأتحدث هنا عن مجموعة اللاعبين والخطط التكتيكية والمردود والعوامل الطبيعية. محمد صلاح سجل هدفين من ثلاث مباريات، والانطباع السائد بخصوص بعض الانتقادات للمدرب المصري لا تهم.
كيف شاهدت مردود يوسف البلايلي ورياض محرز وبونجاح مع الجزائر؟
ثلاثي قوي جداً، رياض محرز نجم الدوري الإنكليزي الممتاز يلعب ضمن أفضل فرق العالم، أما بغداد بونجاح فهو من طينة الكبار وأفضل قناص للأهداف وتخطى إلى حد الآن عتبة 60 هدفاً في الموسم، ثم يوسف البلايلي اختلف عن بلايلي الترجي وتميز بانضباط أكثر، وبدور جماعي مثالي مع المنتخب ويمثل قوة توازن بين الخطوط.
شاهدت في منتخب الجزائر صرامة المدرب جمال بلماضي، وتعامله المحترم للمجموعة وبحسن التصرف في منتخبه، وأرشح الجزائر المنافس رقم واحد مع مصر على اللقب.
هل برز النجوم المتألقون في أوروبا مع المنتخبات الأفريقية في الكان؟
كأس أفريقيا فرصة هامة للاعبين المحليين، الذين يلعبون في الدوريات المحلية الأفريقية أكثر من النجوم الأفارقة الذين ينشطون في أوروبا، وهو جانب ليبرزوا فيه قدراتهم أمام وكلاء اللاعبين للتحول والاحتراف مع الفرق الأوروبية الكبرى، وأعتقد أن اللاعبين المحترفين في الصف الأول في أوروبا من الصعب أن يكون مردودهم جيداً مع منتخبات بلدانهم.
هل نجحت النسخة الصيفية للكان في مصر؟
جماهيرياً لم تنجح البطولة، شاهدت مباريات كبرى لمنتخبات عتيدة مثل تونس والكاميرون وغانا ونيجيريا، ولاحظت أن ثلثي المدرجات شبه خالية.
عزوف الجماهير كان كبيراً ما عدا مباريات منتخب مصر ومباريات الجزائر، التي كان وراءها جمهور نسبياً محترم، ويعود ذلك إلى مشاكل تقنية في بطاقات المحب "Dfan I" التي كانت عائقاً للحضور الغفير للجماهير.
أعتبر أن النسخة الصيفية غير ناجحة على مستوى المردود الفني، أعتقد أن هذه الفترة تتسم بفترة الانتقالات الصيفية، واللاعبون يرافقهم الجدل حول انتهاء العقود وتجديدها مع أنديتهم دون اعتبار مشقة الدوريات الطويلة المرهقة.