قلق إيراني من التدخّل الغربي في العراق

19 اغسطس 2014
النفوذ الإيراني مُهَدَّد في العراق (سيفان صدّيق/الأناضول/Getty)
+ الخط -
توسّع الولايات المتحدة رقعة عملياتها العسكرية جواً، شمال العراق، ويستمر تدفق السلاح الأوروبي لمساعدة القوات الكردية، "البشمركة"، لمواجهة تنظيم "الدولة الاسلامية"، (داعش). في المقابل، تسعى إيران إلى المحافظة على وجودها العسكري في العراق تحت غطاء حماية المراقد الدينية المقدسة، في خطوة اعتبرت محاولة للحفاظ على نفوذها الحالي في البلاد، والذي تراجع، أخيراً، أمام التدخل الأميركي.

وأحكمت الولايات المتحدة سيطرتها على الأجواء العراقية في الجزء الشمالي من البلاد، منذ أيام، ونشرت فرقاً عسكرية بصفة مستشارين مع القوات الكردية، وفي بغداد، وفقاً لمسؤول عراقي بارز في الجيش الحكومي.

ويقول العميد الركن في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي، حسن الربيعي، لـ"العربي الجديد"، إن "الولايات المتحدة رفعت عدد فريقها العسكري في بغداد إلى أكثر من 300 عنصر، يديرون غرفة عمليات من داخل المنطقة الخضراء".

ويشير إلى أن "غرفة العمليات الأميركية، التي لا تبعد أكثر من كيلومتر واحد عن السفارة الإيرانية، جهزت بمروحيات نقل عسكرية أميركية، يتنقل بواسطتها الفريق الأميركي للرصد والمتابعة وتقييم الأوضاع على الأرض، في المناطق الساخنة". ويضيف أن التوقعات تشير إلى أن "عمل الفريق الأميركي يمهد لتوسع أكبر في وسط وغرب البلاد، خصوصاً بعد تفويض محافظة الأنبار، غربي العراق، القوات الأميركية بتنفيذ عمليات جوية وبرية في المحافظة ضد (داعش) وهو ما وعدت القوات الأميركية بدراسته".

وحدّت الطائرات الأميركية من عمليات التسلل والتهريب المتبادلة بين العراق وإيران، من خلال المعابر الحدودية الشمالية بشكل واضح. فقد قصفت طائرة أميركية، الأسبوع الماضي، قافلة لتهريب البضائع قادمة من إيران أدت إلى تدميرها ومقتل ثلاثة أشخاص (إيراني وكرديين)، بحسب مصادر أمنية كردية.

وتستخدم إيران حدودها مع العراق في التخلص من العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، من خلال نقل شحناتها التجارية إلى تركيا وسورية عبر العراق. وأبلغ ضابط في وزارة الدفاع العراقية في بغداد، "العربي الجديد" أن "هناك توسعا أميركيا عسكريا كبيرا ومستمرا في العراق يستغل الفترة الانتقالية الحكومية، بين المتنحي نوري المالكي، والمكلف حيدر العبادي، وعطلة البرلمان".

ويقول العقيد في الجيش العراقي جاسم محمد، إن "ما لا يقل عن ثماني زيارات ميدانية، نفذها الفريق الأميركي لقواعد عسكرية عراقية في بغداد، بابل، سامراء، وديالى خلال الأسبوع الماضي. وتجد إيران، بالطبع، في ذلك تهديداً لنفوذها في البلاد والذي زاد عقب الانسحاب الأميركي عام 2010". ويشير محمد، في حديثه مع"العربي الجديد" إلى أن "ضباط وعناصر الحرس الثوري الإيراني انسحبوا أكثر من مرة، بعد دخول الأميركيين قواعد عسكرية، كما حصل في قاعدة سامراء، وقاعدة بلد العسكرية في محافظة صلاح الدين، مطلع الأسبوع الجاري، حرصاً على عدم الاصطدام بهم".

ولفت إلى أن "غالبية أعضاء الفريق الأميركي هم ممن خدم في العراق، في فترة الاحتلال، ولديهم اتصالات مباشرة هاتفية وشخصية مع ضباط كبار في الجيش العراقي، وهو ما أزعج المالكي، واعتبره تدخلاً وانتهاكاً، ويجب أن يكون أي اتصال من خلال القنوات الرسمية". يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه أحد ضباط قوات "البشمركة"، التابعة لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، بزعامة الرئيس العراقي السابق، جلال الطالباني، عن دعم إيراني لقواته في مدينة جلولاء، التابعة لمحافظة ديالى، والتي تتنازع على إدارتها كل من بغداد وأربيل.

ويثير التدخل السريع والمفاجئ، في نظر البعض، للتوسع الأميركي الغربي في البلاد، حفيظة الجناح السياسي الموالي لإيران في العراق. ويقول القيادي في "ائتلاف دولة القانون"، حسين الخزاعي، لـ"العربي الجديد"، إن "هذا التدخل يراد منه إعادة إخضاع العراق للقوى الكبرى، التي وجدت في نافذة (داعش) فرصة للعودة إليه مجدداً". ويضيف أن"هذا الإجراء يعتبر تجاوزاً للسيادة العراقية، وهناك دول إقليمية قريبة منا، أولى بالتدخل من أميركا في حال طلبنا من أحد أن يتدخل".

في المقابل، يصف نائب آخر من "كتلة المواطن"، حبيب الطرفي، التدخل الغربي بـ"المرفوض، ويجب أن تحظى عمليات التسليح والتدخل الحالية بغطاء تشريعي من البرلمان أو الحكومة الجديدة". ويقول المستشار العسكري لمحافظة الأنبار، طالب الدليمي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "إيران تجد نفسها الخاسر الأكبر حالياً من اللعبة في العراق".