قلعة "العروبة" ضاقت على اليرموك

11 فبراير 2015
+ الخط -

بعض الحكايات عن أحداثٍ تراجيديةٍ مأساوية، عاشها ثلةٌ من الناس في حقبةٍ من الزمن، لا تُفهم إلا عند العودة إلى المشهد الأول فيها، كذلك قصة مخيم اليرموك المحاصر.
من الصعب أن تحدّثَ أحد أبناء اليرموك المهاجرين، أو بالأحرى المهَجّرين، يذكر لك المأساة التي يعيشها المخيم، من دون أن يُذكّر نفسه، قبل أن يذكّرك بذكرياتٍ وردية، عاشها فلسطينيو اليرموك، قبل اندلاع أتون الحرب السورية.
تختلف الرؤى حول أسباب تحوّل اليرموك، من عاصمةٍ لشتات الفلسطينيين، كانت تشدّ أزرهم، وتوحّدهم أيام الأزمات، إلى أكبر مأساةٍ في التاريخ الإنساني الحديث، فبين تحميل النظام السوري المسؤولية عن إقحام اليرموك في هذه المعركة اللانهائية، وإلقاء اللوم على أبناء ثورةٍ دخلوها مجبرين، وبين تبريرٍ بانصهار الفلسطينيين بالنسيج الاجتماعي السوري، ما يحتم وحدة المصائر التي عززتها وحدة الدماء تتفرق الأقوال والآراء.
مهما تكن الأسباب التي دفعت إلى إقحام اليرموك في الأزمة السورية، فإنه بات من الواضح أن "قلعة العروبة" التي طالما تغنى بها السوريون، معارضين قبل مؤيدين، في زمن ما قبل الربيع العربي، ضاقت أسوارها على اليرموك وأبناء اليرموك فقط.
قد يبدو هذا القول غريباً، أو متخاذلاً للوهلة الأولى، فمن المعروف أن الشعب السوري ذاق، في السنين الأربع الماضية، ما لم يذقه أحد، على مر العقود الأربعة الأخيرة، وقد يُشار إلى مجاعاتٍ أخرى، عاشتها مناطق وأحياء عديدة، لكن الفارق يكمن في أن فلسطينيي اليرموك يُعاقبون من نظامٍ يحاسبهم على ثورةٍ، ليسوا هم أصحابها الأساسيين.
سمعت يوماً عن زيارة أحد مسؤولي إحدى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة مخيم عين الحلوة اللبناني، فقيل لي إن هذا المسؤول بكى أول دخوله المخيم الفلسطيني، لأن أوضاعه أشد سوءاً من أوضاع غزة نفسها!
في اليرموك، حتى هذه الدموع تُفتقد الآن، لا دموع تسكب، ولا جهود حقيقية تظهر لتحييدٍ منشود للمخيم عن معركةٍ، لا ناقة له فيها ولا جمل.

avata
avata
مؤمن صلاح (فلسطين)
مؤمن صلاح (فلسطين)