قصف الأردن للآليات السورية: رسائل سياسية للأقربين والبعيدين

قصف الأردن للآليات السورية: رسائل سياسية للأقربين والبعيدين

17 ابريل 2014
سوريون في طريقهم إلى مخيم الزعتري (getty)
+ الخط -

شعر الأردنيون، يوم أمس، بأنّ حرباً تدقّ طبولها على الحدود الشمالية مع الجارة سوريا التي لا تزال مملكتهم تحافظ على علاقات دبلوماسية معها، وإن كانت علاقات باردة محكومة بتبادل الاتهامات الصريحة والمبطنة.

الخبر العاجل الذي بثه التلفزيون الرسمي الأردني، حول قيام طائرات سلاح الجو بتدمير آليات تحاول اجتياز الحدود الأردنية - السورية، أثار الهلع، فهذه المرة الأولى التي يتدخل فيها سلاح الطيران الأردني لمواجهة الخطر الآتي من الشمال، لكنه لم يكن الخطر الأول من نوعه.

ويكمن الخوف، كما الشيطان، في التفاصيل: السيارات مموهة بالطين ورفضت الاستجابة للتحذيرات المتكررة وواصلت سيرها، ما دفع بالقوات الأردنية إلى تطبيق قواعد الاشتباك المعروفة، وتدمير الآليات بالطيران الحربي.

في مارس/آذار الماضي، طبّقت قوات حرس الحدود الأردنية قواعد الاشتباك مرتين ضد آليات عسكرية حاولت اقتحام الحدود، اخرها كان في 19 مارس/آذار، عندما دمرت آليةً تدميراً كاملاً وهربت الأخرى، وأعلن في المرتين أن الآليات المماثلة للآليات التي دمرت، أمس، تعود لمهربين.

لم يحسم بيان القوات المسلحة الجدل حول هوية الآليات التي دمرها سلاح الطيران، ما ترك الباب مفتوحاً لجملة من الاحتمالات، على الرغم من إصرار مصدر في قوات حرس الحدود لـ"العربي الجديد"، بعد الحادثة بقليل، على أن ما شهدته الحدود "هو محاولة تهريب عادية".

وفيما كانت الاعين والأخبار موجهة باتجاه الحدود، كانت مندوبة وزير الخارجية الأردني، سجا المجالي، تقول في اجتماع رفيع المستوى، عقد في عمّان، لمراجعة الإطار الاستراتيجي للخطة الإقليمية الشاملة للاستجابة للأزمة السورية، إنّ "الأردن وصل إلى حدود طاقته الاستيعابية لناحية اعداد اللاجئين السوريين". رسالة سياسية تطالب المجتمع الدولي بمزيد من المساعدات، تحت تهديد إغلاق الحدود الذي لم يُذكر صراحة، وهو ما ذكرته مذكرة نيابية وُقعت مساء أمس، تطالب بإغلاق الحدود أمام اللاجئين لوقف "طوفانهم".

كان الأردن بحاجة إلى صدمة توجه أنظار المجتمع الدولي سياسياً، إلى الاعباء التي يتحملها على الصعيدين الأمني والإنساني، وهو الذي حصل عسكرياً في العام 2013، من الولايات المتحدة، على نظام حديث لمراقبة الحدود الأردنية - السورية، عبر كاميرات تبث بثاً حياً ومباشراً على شاشات داخل قيادة حرس الحدود، وهو النظام الذي يرصد ما يجري داخل الأراضي السورية المحاذية للحدود.

على الصعيد الانساني، يشعر الأردن بأن المجتمع الدولي مقصِّر، وقد يكون أكثر كرماً لو شعر بأن هناك احتمالاً ولو ضئيلاً، لإغلاق الحدود في وجه اللاجئين. يسهب المسؤولون الأردنيون وهم يتحدثون عن "الاعباء" التي تتحملها المملكة التي تستضيف مليوناً و400 ألف لاجئ لا تعترف المنظمات الدولية سوى بـ 640 ألفاً منهم.

ولم يخلُ قصف الطيران الحربي الأردني من توجيه رسالة إلى النظام السوري، الذي سارع عبر تلفزيونه الرسمي ووكالة أنبائه "سانا"، إلى لتبرؤ من الآليات المقصوفة، فهي أوردت أن المركبات غير تابعة للجيش السوري.

جاء النفي عبر أدوات النظام السوري الاعلامية التي لم تبث، عبر ثلاث سنوات، سوى الاتهامات المتوالية للنظام الأردني بتسهيل تدفق "الارهابيين" عبر الحدود. كما أنها بثّت اعترافات متلفزة لبعضهم، والانخراط في "المؤامرة" على سوريا "عبر تدريب قوات معارضة في الأردن والتخطيط لتكون الأردن "قاعدة لتدخل عسكري محتمل".

التبرؤ السوري فُهم منه حرص النظام السوري على علاقته الدبلوماسية الباردة مع الأردن، بعدما اخذت عمّان زمام المبادرة لتوجيه الاتهامات. وقد يكون ذلك سبباً للجم لسان السفير السوري في الأردن، اللواء بهجت سليمان، الذي اتهم قبل يوم من الحادثة، السلطات الاردنية باعتقال موظف في السفارة وطرده إلى سوريا، وهو السفير صاحب السجل الحافل في توجه النقد اللاذع للمسؤولين الأردنيين، والسلطات الأردنية.

حقّق تدمير الطيران الحربي الأردني للآليات التي لم تحسم هويتها بعد، ولم تُعرف غايتها، حقّق أهدافه العسكرية، لتظهر القوات الأردنية قادرة على حماية أمن المملكة من أي خطر محتمل، والسياسية الموجهة للمجتمع الدولي والنظام السوري، التي قد تظهر نتائجها قريباً.

المساهمون