قصائد سورية في الساعة الدامية

قصائد سورية في الساعة الدامية

11 مايو 2014
عمل لـ تمّام عزّام / سوريا
+ الخط -

طغى الشعر السوري على العدد الأخير من مجلة "الحركة الشعرية" الإلكترونية، الصادر مؤخراً من المكسيك باللغة العربية.

وحضرت الثيمة السورية بقوة منذ الافتتاحية بدراسة "حين يقرأ الشاعر ما كتب، قراءة خليل حاوي لقصيدته [لعازر عام 1962]"، التي عرض فيها الكاتب منصور عجمي لقصيدة الشاعر المعروف التي كتبها إبّان انفصام عرى الوحدة بين سوريا ومصر، لتأتي غالبية النصوص المنشورة لاحقاً بأقلام كتاب وشعراء سوريين (17 قصيدة موقعة من أصل 44).

الحال السوري الراهن بكل الصفات والنعوت اللصيقة به واقعاً، أو عبر المجاز، ظلّ الخيمة الكبيرة الممزقة التي استظلها شعراء العدد وشاعراته من القامشلي إلى الشام. وكانت "الزنزانة"، و"الجنود"، و"اليباس"، و"الحرب" مفردات أطبقت حلقاتُها الممضة على معظم الكتابات المبثوثة بين صفحات المجلة. فيطالع القارئ مثلاً "منطقة للصمت.. منطقة للفوضى" لمصطفى خضر، ويقرأ:

"يجلس الشاعر في منطقة الحرب.../ فماذا سوف يختار؟/ هل الحرب سوى أُلهية أو أُحجية/ بعد أن شاع فساد في العباد!/ يجلس الشاعر في منطقة الحرب/ ويختار التضاد!.. "

بدوره، يرفع عارف حمزة "حذاءه إلى حافة الخندق"، ويقول في قصيدته "إذا حدثت حرب في أيلول":

"كي لا يظنوا بأننا نستسلم/ لم نرفع أيادينا/ مع أننا/ كنا نريد/ أن نرفعها قليلاً/ وإذا كانت الريح من صالحنا/ كان الأهل سيرفعون رؤوسهم ويقولون:/ هذه/ ريح قتلانا".

أمّا وائل سعد الدين (معتقل في سوريا منذ نيسان/ أبريل الماضي) فنقرأ بعض شذرات من "حلم" يراوده عن بدنه الأسير:

"حلمت بعينيك في غرفة الموت.../ كانتا مثل لؤلؤتين/ تضيئان في عتمة الوقت/ تشتبكان مع الوهم/ نصف الحقيقة أني رأيتهما تلمعان/ ونصفٌ.. بكيت/ وكنت إذا رنّ في داخلي لحن أغنية/ -رغم كلّ الرحيل الذي أصاب الأغاني-/ لمحتهما مثل نورستين/ تطيران بين الشموس على شاطئ أخضر".

على أنّ الثورة، والانتفاضة، والحرب، لا تعيش وحدها. إذ تبدأ مها بكر "من خشخشة الزهر اليابس" محاوَلةً للسير فوق الجسور الآيلة للسقوط في بلدها المثخن بالجراح، لكن من دون أن تتخطى تكّات الساعة الدامية نهائياً:

"من حفيف سروالي المنقط بالشمع/ وانا أطارد الذئاب بمصيدة الفئران/ عرفوا أنّ الفجر الهارب منا لسهرة/ كان يشرب الخشخاش المغلي بالماء/ قرب قدميّ/ ويدعو المقاتلين المتعبين لقراءة رامبو في سوق عكاظ".

أمّا دارين أحمد، فتنجح شيئاً ما في ذلك في "قصائد":

"أدس يدي في صدرك/ فأتحول عرقاً يرسم خرائط دموية عليه/ أما قلبك الذي أحبني حتى غطّ هذا الليل في أحلامٍ/ شمسيةٍ مفزعةٍ/ فقد تلوى وتساقط قطعاً صغيرة من الحصى/ على التراب الناعم".

وتمضي تغريد الغضبان قدماً في ذات المحاولة لـ"الاغتسال في أول النهر"، وتقول:

سيكون بمقدور عابر بالصدفة/ عابر مكدود ووحيد/ أن يزيح الحشائش بيديه المغلولتين ليقرأ عن الحب/ قليلاً/ وينسى في أي اتجاه كان يمضي/ تعال يا غريب/ افرك جسدك بجسدي وأشعل لنا ناراً"

وختمت المجلة عددها الحالي بدراسة عن شاعر سوري ما زال حاضراً بـ"خيانته وطنه"، رغم الغياب، إذ يقع عدنان الأحمدي في مصيدة "محمد الماغوط حالة شعرية لا تموت"، ويستذكره لنا "شاعراً احتجاجياً، متصدياً، هازئاً، ساخراً، ساخطاً، على حالة العهر السياسي والقيمي المستغل من قبل المتحكمين بالوطن"، والذين –وإن هُزم أمامهم لوهلة- فهو أبداً يبقى عصياً على التطويع.

كما ضم العدد أيضاً نصوصاً شعرية ونثرية لكتاب آخرين من العالم العربي توزعوا على تونس، والمغرب، ولبنان، والأردن، وفلسطين، ومصر، والعراق.

وسبق لمجلة "الحركة الشعرية" (يحررها الشاعر اللبناني المتنقل بين بيروت ومكسيكو، قيصر عفيف) أن طبعت إصداراً خاصاً عن "الشعر السوري 2011 –2013"، وحمل في حينه تاريخ شهري أيار/ مايو، وحزيران/ يونيو 2013. وتضمّن وجهاً من وجوه التجربة الشعرية السورية منذ اندلاع الثورة.

لكن مشكلة المجلة الأساسية تبقى في عدم تمكنها من الحفاظ على سوية فنية لما تنشره من نصوص شعرية ومقالات في أعدادها.

المساهمون