قتل على الهواء

قتل على الهواء

29 اغسطس 2015
جريمة فرجينيا حلقة جديدة في مسلسل الجرائم المصورة(فرانس برس)
+ الخط -
كانت المراسلة الصحافية، إليسون باركر، تتحدث إلى ضيفتها عن جمال بحيرة جبال فرجينيا، وكان المصور آدم وورد يحاول نقل الصورة مباشرة إلى جمهور "برنامج الصباح". في خلفية المشهد، وبعيداً عن عيون الناس أو الكاميرا، كان القاتل يتربص بانتظار اللحظة الأنسب للقتل. تقدم القاتل بريس ويليمز بدم بارد ممسكاً سلاح الجريمة بيد، وفي الأخرى هاتفاً جوالاً ليصور مشهد القتل. وفي لحظات حُجبت الصورة عن الهواء بعد أن أردت طلقات ويليمز المصور والصحافية وجرحت الضيفة.
جرت جريمة القتل على الهواء مباشرة، وفي لحظات انتقل صوت الضحايا إلى بيوت المشاهدين، لتختلط رائحة الموت البارد برائحة قهوة الصباح الساخنة. لم يكتف القاتل بارتكاب جريمته، بل أصر على توثيقها بهاتفه الجوال، لبث مشهد القتل كاملاً الى متابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي قبل لحظات من انتحاره.
جريمة فرجينيا المتلفزة، حلقة جديدة في مسلسل الجرائم المصورة، وكأن القتل لم يعد يشبع غليل القاتل، ما لم يشهد عليه الملايين. أو كأن كل مشاهد العنف والقتل والدم التي تنتجها "هوليوود" لم تعد تروي ظمأ الناس للعنف والبطش، أو كأن القتل وجز الرقاب على الهواء مباشرة بات جزءاً من برامج تلفزيون الواقع. القتل المتلفز هو سمة عصر الإعلام الاجتماعي، حيث بات القاتل يجاهر بجريمته، ويحرص على نقلها للمشاهدين موثقة بالصوت والصورة. وبات المشاهدون يتناقلون أفلام القتل مرفقة بـ"لايك" أو تعليق بارد بالاستهجان أو الإدانة والاستنكار.
الرئيس الأميركي باراك أوباما سارع إلى إدانة جريمة فرجينيا، داعياً الكونغرس إلى التفكير جدياً في تشريعات تحدّ من انتشار الأسلحة الفردية التي باتت تحصد أكثر من ألفي روح شهرياً على امتداد الولايات المتحدة. وفي المقابل لا يجد الرئيس الأميركي حرجاً في تصدير أحدث السلاح الأميركي وأفتكه إلى بلدان الشرق الأوسط، حيث القتل المتلفز بالجملة. وكأن أوباما لم يسمع ما قاله أحد خبراء الجريمة الذي لاحظ أن وتيرة القتل بالسلاح قد زادت في أميركا منذ غزو العراق واحتلال أفغانستان وصعود نجم "داعش". لقد بات القتلة في شوارع المدن الأميركية يستنسخون مشاهد القتل المتلفز التي يجري تصويرها في الشرق الأوسط بإخراج أميركي وبسلاح أميركي، وبمساعدة "كومبارس" محلي.

المساهمون