في 5 يونيو/حزيران 1967، تمكن كيان الاحتلال الإسرائيلي من توجيه ضربات قاتلة لمصر، فيما عُرف باسم "نكسة 1967"، مع تحوّل مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى نكسة جديدة، ولكن من دون أن تخوض إسرائيل حرباً ضدها، بحسب تعبير مراقبين. فمنذ حرب 1948 التي خاضتها ضد إسرائيل، باتت الأخيرة العدو الرئيسي طوال أعوام طويلة، حتى تمكنت مصر خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 من عبور قناة السويس، والانتصار على جيش الاحتلال.
وعلى الرغم من توقيع الرئيس الراحل محمد أنور السادات معاهدة السلام مع إسرائيل، إلا أن الكيان الصهيوني ظل العدو الأساسي لمصر، ولكن مع الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي من الحكم، ووصول السيسي إلى كرسي الرئاسة، تغيّر كل شيء. فقد باتت العلاقات المصرية الإسرائيلية في أفضل صورها، وشملت تنسيقاً فيما يتعلق بالأوضاع في سيناء، وقيادة السيسي ملف تطبيع العرب مع الكيان الصهيوني، مقابل دعمه وحمايته دوليّاً وتحديداً داخل الولايات المتحدة.
وأضاف أحد أعضاء الحملة لـ "العربي الجديد"، أن "ذكرى النكسة وعلى الرغم من أنها أليمة، إلا أنها لا تضاهي الشعور العام بتلك النكسة التي تشهدها مصر منذ وصول السيسي إلى الحكم، وما صاحبه من فرحة وتأييد كبير من قبل المسؤولين في إسرائيل، وكأنه جاء لإنقاذهم".
وتابع أن "السيسي أدخل ليس مصر وحدها ولكن المنطقة العربية بأسْرها في نكسة أسوأ من تلك التي شهدتها مصر وسورية في عام 1967، من خلال قيادة ملف التطبيع، تحت شعارات جوفاء مثل (السلام الدافئ)". وأشار إلى أن "السيسي قدم مصلحته الشخصية على حساب تغيير عقيدة الجيش المصري، بل ومحاولة تغيير عقيدة الشعب المصري، ولكنه فشل وسيفشل مهما حاول. والمثال الصارخ على ذلك الرفض الشعبي لإقامة حفل سفارة إسرائيل في أحد الفنادق على كورنيش النيل في قلب العاصمة القاهرة، بذكرى تأسيس هذا الكيان".
وشدّد على أن "المرارة التي يشعر بها الشارع المصري جراء سياسات السيسي والتقارب الشديد مع إسرائيل، والود في التعامل مع مسؤوليها، وعدم اتخاذ مواقف قوية تجاه انتهاكات وممارسات ذلك الكيان السرطاني في جسد المنطقة العربية، حتى وصل إلى توصيفه بعميل إسرائيل".
من جانبه، قال قيادي في أحد أحزاب المعارضة من معسكر 30 يونيو، إنه "لا حاجة لإحياء ذكرى النكسة لتذكر العدوان الصهيوني على الأراضي العربية، لأن المنطقة تشهد نكسة جديدة، أكبر بكثير". وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "المنطقة العربية تعيش نكسة، في ظل سعي ورغبة حثيثة من رؤساء وقيادات الدول العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهذا طبعاً بقيادة السيسي".
وتابع أن "الحكام العرب يهرولون إلى التقارب مع إسرائيل في الخفاء، من خلال لقاءات واتصالات سرية، وكان آخر ما تكشّف لقاء سفير الإمارات في أميركا يوسف العتيبة بنتنياهو، والحديث عن زيارة سرية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان للأراضي المحتلة، وزيارات لمسؤولين سعوديين إلى هناك أيضاً".
وأشار إلى أن "التطبيع سيكون رسمياً بمجرد إتمام صفقة القرن لحفظ ماء وجه هؤلاء الحكام أمام الشعوب العربية والإسلامية، حتى يكون هناك مبرر لهذا التقارب الذي سيكون علنياً حينها، لإنقاذ إسرائيل من عزلتها، وهذا وفقاً لتصريحات وزراء في إسرائيل، بوجود دول إسلامية كبرى ترغب في التقارب مع دولة الاحتلال".
وتابع أن "إسرائيل من مصلحتها استمرار السيسي في الحكم، خصوصاً أنه لا يمثل أي قلق لديها، في ظل التقارب الشديد بين الطرفين، وسعي النظام المصري الحالي لكسب ود المسؤولين في إسرائيل". وأشار إلى أن "السيسي سيدفع بقوة لتوطيد العلاقات مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة، ولكنه لا يتمكن من اتخاذ خطوات أكثر جرأة خوفاً من رد الفعل الشعبي، خصوصاً أن إسرائيل ترفض إعطاءه أي مكاسب يمكن من خلالها تبرير هذا التقارب".
وشكك عز في "سعي مصر الحثيث المفاجئ لعقد مصالحة بين الأطراف الفلسطينية، تزامناً مع الحديث عن صفقة القرن، التي ربما يكون الترتيب لها أسبق مع نجاح دونالد ترامب في الانتخابات الأميركية، نظراً لقربه الشديد ووعوده المتواصلة لحماية إسرائيل". وأكد أن "الحديث عن دور مصر في صفقة القرن هو بمثابة نكسة في حد ذاته، لأن هذه الصفقة التي ستكون أميركية في الأساس، لن تأتي في صالح الفلسطينيين، وبالتالي الموافقة عليها نكسة جديدة".