فيتو روسي يعزز تقرير مصير القرم

فيتو روسي يعزز تقرير مصير القرم

15 مارس 2014
الاستفتاء على القرم يسخن المواجهة بين الشرق والغرب (أناضول)
+ الخط -

أنهى الزعماء الموالون لموسكو في شبه جزيرة القرم الاستعدادات للاستفتاء المرتقب الأحد للانفصال عن أوكرانيا، فيما استخدمت روسيا مساء السبت حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يعلن بطلان الاستفتاء، في حين قالت وزارة الدفاع الأوكرانية إنها دفعت بطائرات وقوات مظلية للتصدي لمحاولة للقوات الروسية لدخول شريط طويل من الأراضي تابع لمنطقة متاخمة لشبه الجزيرة.

واستخدمت روسيا حق النقض (فيتو) ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يعلن عدم شرعية الاستفتاء المقرر إجراؤه في شبه جزيرة القرم، بينما أعلنت باريس أنها ستعيد النظر في علاقاتها مع موسكو، في وقت تعتزم فيه واشنطن إجراء المزيد من التدريبات في البحر الأسود.

وبهذا الفيتو الروسي، تم رفض مشروع القرار الذي حصل على موافقة 13 صوتا وامتناع الصين عن التصويت.

ويشير مشروع القرار المقتضب إلى أن الحكومة الأوكرانية في كييف لا توافق على إجراء الاستفتاء.

وجاء بمسودة القرار "هذا الاستفتاء لن تكون له شرعية ولا يمكن أن يكون أساسا لأي تغيير في وضع القرم"،  ويدعو جميع الدول والمنظمات الدولية والوكالات المتخصصة إلى عدم الاعتراف بأي تغيير في وضع القرم استنادا للاستفتاء.

 تقرير المصير

في غضون ذلك، قال رئيس وزراء القرم سيرغي اكسينوف، الذي لم تعترف كييف بانتخابه في جلسة مغلقة للبرلمان الإقليمي، إن هناك ما يكفي من قوات الأمن لتأمين عملية التصويت في الاستفتاء.

وأضاف للصحفيين "اعتقد ان لدينا ما يكفي من القوات-أكثر من 10 آلاف من قوات الدفاع الذاتي وأكثر من خمسة آلاف من وحدات مختلفة من وزارة الداخلية والاجهزة الأمنية لجمهورية القرم."

وتستأجر موسكو ميناء سيفاستوبول في القرم من كييف بموجب اتفاق لمرابطة اسطولها في البحر الأسود. وبموجب الاتفاق يحق لموسكو تمركز ما يصل إلى 25 ألف جندي هناك لكن تحركاتهم تخضع لقيود.

وستفتح مراكز الاقتراع أبوابها الساعة الثامنة صباحا (06:00 بتوقيت غرينتش) يوم الأحد وستغلق بعد 12 ساعة. ومن المتوقع ظهور النتائج الأولية خلال ساعات من اغلاق مراكز الاقتراع ليل الأحد. وسيختار الناخبون في القرم وعددهم 1.5 مليون طبقا لشكل ورقة الاقتراع التي صدرت الاسبوع الماضي بين خيارين لكن كلاهما يعني سيطرة روسيا على شبه الجزيرة.

ومن المرجح ان يدعم الكثير من المواطنين من أصل روسي الذين يمثلون أغلبية في شبه الجزيرة الخيار الأول في الاقتراع وهو الوحدة مع روسيا حتى ولو لأسباب اقتصادية. اما الخيار الثاني فهو الاستقلال داخل أوكرانيا في البداية وهو ما يقول حكام القرم الجدد انهم سيستخدمونه كأساس لقبول الحكم الروسي.

وأثار الاستفتاء في القرم الذي وصفته كييف وحكومات غربية بانه غير قانوني اسوأ ازمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، ويمثل تطورا جديدا في الاضطرابات التي تشهدها أوكرانيا منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عندما تراجع الرئيس المخلوع فيكتور يانوكوفيتش عن اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي.

وسادت حالة من الهدوء في شبه جزيرة القرم يوم السبت قبل الاستفتاء، لكن التوترات ظلت شديدة في شرق أوكرانيا حيث قتل شخصان في خاركوف مساء الجمعة.

وفي كييف وافق البرلمان الأوكراني على حل برلمان منطقة القرم الذي نظم الاستفتاء ويدعم الوحدة مع روسيا.

وفي ميدان الاستقلال في العاصمة الأوكرانية، محور الانتفاضة ضد يانوكوفيتش المدعوم من موسكو، ردد مئات الأشخاص هتافات تقول "القرم أوكرانية.. نحن ندعمكم يا سكان القرم."

وقال زعيم قومي أوكراني في برلمان كييف إنه يجب فرض عقوبات على برلمان القرم لإجهاض تطلعات الحركات الانفصالية في الشرق الناطق بالروسية.

ولا يعترف اكسينوف وموسكو رسميا بسيطرة القوات الروسية على القرم، ويقولان إن آلاف المسلحين الذين يمكن رؤيتهم في انحاء المنطقة ينتمون لمجموعات "الدفاع الذاتي" التي شكلت لتحقيق الاستقرار.

وفي موسكو، تظاهر آلاف الروس في شوارع العاصمة يوم السبت تعبيرا عن تأييدهم لسياسات بوتين في أوكرانيا في حين جرت تظاهرات أخرى مناهضة.

وقالت الشرطة إن نحو 15 ألف شخص شاركوا في تظاهرة نظمتها حركة روسية أرثوذكسية "دعما للقرم وضد الفاشية" في ميدان الثورة قرب الكرملين. وردد المتظاهرون هتافات تقول إن القرم جزء من روسيا وتعبر عن رفضها "الفاشية".

لكن يوم السبت أيضا شهد أكبر احتجاج على سياسات بوتين منذ عامين. وقالت الشرطة إن نحو ثلاثة آلاف شخص شاركوا في التظاهرة لكن شهودا قالوا إن عدد المشاركين وصل إلى 30 ألفا.

وبقاطع تتار القرم، وهم مسلمون من أصول تركية، ويشكلون 12 في المئة من سكان شبه الجزيرة، الاستفتاء رغم وعود السلطات بتقديم مساعدات مالية وحقوق ملائمة فيما يتعلق بالأرض.

وقال زعيم التتار في منطقة القرم مصطفى جميليف إن تتار القرم الذين رحلتهم السلطات السوفياتية بأعداد كبيرة قبل 70 عاما يخشون من أعمال قمع جديدة اذا أدى استيلاء الجيش الروسي على شبه جزيرة القرم وتحول إلى هيمنة سياسية رسمية.

وندد جميليف في مقابلة اجرتها معه وكالة "رويترز" بالاستفتاء المزمع اجراؤه يوم الأحد في شبه الجزيرة بشأن الانضمام إلى روسيا ووصفه بانه "انتهاك للمبادئ الأساسية والديمقراطية." وأكد مجددا على عزم تتار القرم مقاطعة التصويت في الاستفتاء.

وقال جميليف إن تتار القرم -السكان الأصليين لشبه الجزيرة والذين يدعمون بشدة الدولة الأوكرانية- لا يثقون في وعود المزايا التي قدمها زعماء القرم الجدد الموالون لموسكو.

وأضاف أن التتار يخشون ان يصبحون هدفا لهجمات جديدة بل وحتى عمليات ترحيل جماعية جديدة.

وترفض القوى الغربية، التي تعد عقوبات اقتصادية على روسيا بسبب القرم وصف روسيا للسلطات الجديدة في كييف بانها خليفة لقوى أوكرانية تحالفت مع النازية وحاربت الجيش الأحمر في الحرب العالمية الثانية.

 استنفار عسكري

وقال مسؤولو دفاع إن الجيش الأوكراني دفع بطائرات وقوات مظلية يوم السبت لمواجهة قوات روسية نزلت على شريط طويل من الأراضي يتبع منطقة متاخمة لإقليم القرم وطالبت الخارجية الأوكرانية بانسحابها فورا.

وقالت قوات حرس الحدود في أوكرانيا إن القوات الأوكرانية اتخذت مواقع دفاعية في أرباتسكايا ستريلكا المحاذية لشرق منطقة القرم التي تسيطر عليها حاليا القوات الروسية. وأضافت أن نحو 60 جنديا روسيا هبطوا في القطاع وبدأوا في التمركز بمساعدة ثلاث ناقلات جنود مدرعة.

ووصلت ست طائرات هليكوبتر روسية مع 60 جنديا آخرين بعد ذلك بساعتين خارج قرية ستريلكوفوي. وقال جهاز حرس الحدود إن محادثات بين الجانبين أفادت بأن الجنود الروس "كانوا يقومون بأعمال الحراسة لدرء خطر هجمات إرهابية محتملة" تستهدف محطة لضخ الغاز.

وقال جهاز حرس الحدود "لا يوجد في الوقت الحالي خطر مواجهة."

وكانت وزارة الدفاع الأوكرانية قالت في وقت سابق إن القوات المنتشرة في ارباتسكايا ستريلكا تصدت "على الفور" للتوغل.

وذكرت وزارة الخارجية الأوكرانية أن قوات روسية احتلت القرية لكن حرس الحدود الأوكرانية قدم رواية مختلفة لما حدث. وقالت "تعلن الوزارة توغل القوات الروسية وتطالب بالانسحاب الفوري من الأراضي الأوكرانية."

وأعلن متحدث باسم حرس الحدود في أوكرانيا أن القوات الروسية استولت على محطة لتوزيع الغاز الطبيعي قرب شبه جزيرة القرم.

ويبدو أن تحرك يوم السبت هو الأول من نوعه خارج القرم، التي تسيطر عليها القوات الروسية منذ أواخر الشهر الماضي.

وصرح المتحدث باسم حرس الحدود أوليغ سلوبودان لوكالة "أسوشييتد برس" أن فرقة تضم نحو 120 جنديا استولت على محطة في ستريلكوفا يوم السبت.

إلى ذلك، قال قائد المدمرة الأميركية تروكستون يوم السبت إن المدمرة التي تحمل صورايخ موجهة ستجري المزيد من التدريبات مع سفن تابعة لدول حليفة في البحر الأسود في دلالة أخرى على الرد الدولي على الاجراءات الروسية في أوكرانيا.

وكان القائد اندرو بين يتحدث إلى الصحفيين على متن المدمرة التي تحمل طاقما من 300  فرد عندما رست في ميناء بلغاري.

وشاركت المدمرة تروكستون الاسبوع الماضي في تدريبات مع سفن رومانية وبلغارية على بعد بضع مئات من الأميال عن القوات الروسية التي دخلت منطقة القرم الأوكرانية بعد احتجاجات حاشدة أطاحت برئيس أوكرانيا الموالي لموسكو.