فنان سوريّ يرسم على الصواريخ حتى لا يخافها الأطفال

فنان سوريّ يرسم على الصواريخ حتى لا يخافها الأطفال

19 يونيو 2014
وصل صدى أعماله إلى العالم(العربي الجديد)
+ الخط -

لم يستسلم العديد من السوريين للحرب الدائرة في بلادهم منذ أكثر من ثلاث سنوات. لا يزالون يتحايلون على معاناتهم اليومية، والقذائف التي تنهالُ عليهم كالمطر، وأخبار الموت التي ألفوها. وفي مدينة دوما في غوطة دمشق الشرقية، نجح البعض في تحويل مخلفات الحرب إلى آلات موسيقية أو أدوات مختلفة للاستعمال اليومي.

أما أكرم سويدان الملقب بـ"أبو الفوز"، فعمل على تحويل شظايا القذائف ورصاص آلة الحرب التي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين في مدينته، إلى تحف فنية مزخرفة، ومزهريات تحكي قصص المدينة وحربها.

لطالما عشق سويدان دمشق القديمة وتراثها الشرقي. كان يتأمل زخرفاتها طويلاً حتى ليبدو وكأنه يحفظها عن ظهر قلب. بدأ يمارس هوايته من خلال الرسم على الفحم، ثم انتقل إلى الرسم الشرقي على الزجاج. وبات كثيرون يستعينون به لإضفاء الألوان على زجاج بيوتهم. أتقن "أبو الفوز" هوايته هذه، علماً أنه لم يستطع "الالتحاق بمعاهد فنية بسبب ضعف إمكاناته المادية".

بدأت الثورة وكان سويدان أحد الذين شاركوا في تنظيم التظاهرات الشعبية. بعدها، عمل على توثيق معاناة الشعب السوري على طريقته. يقول: "استغليت موهبتي لخلق فنّ ثوري معاصر يوثّق هذه المعاناة". ويضيف: "أردت أن أقول إننا لسنا إرهابيين. في داخل كل واحد منا طفل وفنان وعاشق وعامل...".

رسالة أخرى حملها "أبو الفوز" من خلال قذائفه الملونة. يقول: "أردت إبعاد شبح الخوف عن أطفالي لدى ذكر عبارتَي صاروخ أو قذيفة أو أي شيء من هذا القبيل".

لم يفكر سويدان بتحويل هذا الفن إلى عمل يجلب له مردوداً مادياً. فالحرب قتلت آلاف الأبرياء حتى اليوم "مجاناً". أما عن الصعوبات التي تواجهه، فيلفت إلى أن "الحصار الخانق الذي نعيشه في دوما والغوطة الشرقية عموماً، والكهرباء المقطوعة منذ أكثر من سنة، وقلة المواد الخاصة بالرسم، عدا أسعارها الخيالية، جميعها تُعيق عملي". لكنه في الوقت نفسه، يعمل على رسم بعض اللوحات عن دوما من خلال استخدام الفحم.

وفي ما يتعلق بسلامته، يقول سويدان إنه "يتأكد من تفريغ الصواريخ قبل استخدامها. وعادة ما لا يستعمل قذيفة الهاون إلا بعد تنظيفها تماماً من قبل أشخاص متخصصين، أو يختار قذائف أعدّت للتلف".

نشر سويدان بعض أعماله على صفحته على "فايسبوك"، حتى وصل صداها إلى عدد من الصحف العربية والوكالات العالمية. لكن هذه الشهرة لم تسعده. يقول: "يموت الأطفال والنساء يومياً بسبب القصف والجوع. ولم يأبه أحد لصورهم". ويختم: "نحن شعب نجحنا في قتل الخوف في داخلنا، وسنقتله في داخل أطفالنا".

المساهمون