فلسطين.. جهود فردية لدمج المصابين بـ"متلازمة داون"

22 مارس 2016
إدماج المصابين في المجتمع (العربي الجديد)
+ الخط -
قبل ثلاث سنوات، دفعت حالة الطفل رحيم، المصاب بمتلازمة داون، والده حيدر أبو مخو، من سكان رام الله، بمساعدة بعض أهالي الأطفال المصابين بنفس المرض، إلى تأسيس "جمعية الرحيم لأصدقاء متلازمة داون" بالضفة الغربية، بهدف رعاية وتأهيل الأطفال الذين يحملون هذا المرض، ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع.

"وُجود الطفل رحيم غير في حياة والده الكثير، فهو يعتبره نعمة، برغم المجهود الكبير الذي يبذله لتغيير الموروث الثقافي حول المصابين بمتلازمة داون، وإقناع الآخرين بقدراتهم وضرورة أخذ معاناتهم بعين الاعتبار"، يوضح أبو مخو، الذي يشغل مدير عام جمعية "الرحيم"، لـ"العربي الجديد".

تقدم جمعية "الرحيم" خدماتها حالياً، في محافظة رام الله والبيرة لنحو 30 شخصاً فقط، تتراوح أعمارهم بين سنة وثماني سنوات، من أجل تأهيلهم للمدرسة، فيما يدمج المئات من المصابين من محافظات الضفة الغربية، في بعض الأنشطة العامة التي تقدمها الجمعية، إذ يسعى القائمون على الجمعية لإنشاء فروع لها، لكن قلة الإمكانيات تحول دون ذلك.

وبحسب مديرها، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، على هامش احتفال أقيم بمقر الجمعية في رام الله، اليوم الثلاثاء، لإحياء اليوم العالمي لمتلازمة داون، حاولت فيه الجمعية إشراك المصابين من الأطفال وعائلاتهم، فإن هذه الأخيرة أخذت على عاتقها، وبجهد شخصي إكمال مشوارها الذي تبحث له عن دعم مالي لتوسيع قاعدة المستفيدين.

ويؤكد أبو مخو أنه "لا توجد أي جهود رسمية أو مؤسساتية داعمة في هذا المجال، رغم الحاجة للتمويل لضمان تقديم الخدمات، التي لا بد منها من أجل دمج المصابين بالمجتمع المحلي، وكي يصبحوا فاعلين في المجتمع بعد عدة سنوات".

افتقار للتخصص

كان غياب جمعية متخصصة لتأهيل الأطفال المصابين بمتلازمة داون، الدافع الرئيسي للأهالي في تأسيس الجمعية، إذ لا توجد إلا جمعيات ومراكز تجمع بين ذوي الاحتياجات الخاصة، والمصابين بمتلازمة داون، فيما يعمل القائمون على الجمعية للوصول إلى تقديم خدمات نوعية للمصابين، من أجل دمجهم في المجتمع الفلسطيني.

ناريمان عبادي، من سكان رام الله، تقول لـ"العربي الجديد"، إنها تضايقت حينما علمت بإصابة ابنها آدم (7 سنوات ونصف) بمتلازمة داون عند ولادته، وإنها كانت خائفة مما قد يواجهه، لكنها الآن تسعى لإدماجه في المجتمع، مشيرة إلى أن وجود جمعية "الرحيم" التي يستفيد ابنها من خدماتها، فتح لها نافذة أمل في إنهاء معاناته، في ظل النقص الكبير في الجمعيات المختصة في تأهيل المصابين.

لا تخجل السيدة اعتدال النتشة، من سكان بلدة الرام (شمالي القدس)، من ابنها جود (5 أعوام) والمصاب بمتلازمة داون، بعدما اكتشفت ذلك وهي حامل به، وتقول لـ"العربي الجديد"، "أنا لا أخجل من وجوده في حياتي، وأحاول إدماج ابني وتأهيله ليكون فرداً في المجتمع قادراً على التعايش والحياة".

وتؤكد النتشة، أنه لكي يستطيع المصاب أن يندمج في المجتمع، من الضروري أن تثق العائلة بقدراته، وتساعده على فرض شخصيته في المجتمع، ولا تسمح لأحد بالسخرية منه.

وهو نفس ما أكده مدير عام جمعية "الرحيم"، حيدر أبو مخو، إذ دعا الأهالي إلى الإيمان بقدرات أبنائهم، ومساعدتهم على الاندماج، حتى يستطيعوا إقناع غيرهم وفرض وجودهم في المجتمع.

وشدد أبو مخو، على عدم الخجل من مرض الأطفال، والنظر إلى الجانب المشرق فيهم، مشيراً إلى أن الجمعية شرعت في إشراك مختصين في إدارتها، من أجل تحقيق أهدافها.

ولمحمد أبو قرع، من المزرعة الغربية (غربي رام الله)، طفل مصاب بالمتلازمة، يبلغ من العمر سنتين، ويسعى لتأهيله في جمعية الرحيم، يقول لـ"العربي الجديد" إن "المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى توعية وتثقيف حول المصابين بالمتلازمة، إذ ينظر الناس إليهم باستهزاء، وهو ما يضايق الأهالي".

ولا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المصابين بمتلازمة داون، لكن الجمعية تقدر وفق المعطيات العالمية العدد ما بين 3300 و3500 شخص بحسب عدد سكان فلسطين، حيث يصاب مولود واحد من بين كل 800 حالة ولادة.

ومتلازمة داون (Down syndrome)؛ هي مجموعة من الصفات الجسدية والنفسية الناتجة عن مشكلة في الجينات، تحدث في مرحلة مبكرة ما قبل الولادة، يعاني المصابون بها من ملامح مختلفة في الوجه، وشكل مسطح ورقبة قصيرة، فيما تبلغ نسبة الذكاء أدنى من المعدل العام، إضافة لمعاناة المصابين من مضاعفات ومشاكل طبية أخرى.



اقرأ أيضاً:أطفال "متلازمة داون" أبطال الإعلانات الأميركية مؤخّراً

المساهمون