غزّة حرّة

02 ابريل 2015
+ الخط -

يعيش الفلسطينيون في غزة شرفاء، ويموتون أبطالاً، ومن يموت دفاعاً عن وطنه وشرفه لا يحتاج إلى تعاطف بقية العرب والمسلمين الذين يتاجرون بالقضية الفلسطينية، خوفاً من إسرائيل وطمعاً في رضا أميركا واللوبي الصهيوني. لذلك، هم في أمسّ الحاجة إلى المساعدة لتجاوز جبنهم وتخاذلهم، وبحاجة إلى أن يتعلموا من أهل غزة معاني الشرف والعزّة والكرامة.
الفلسطينيون في غزة يموتون شهداء بالعشرات يومياً، لكننا نموت جبناء كل يوم عشرات المرات، من شدة الذل والهوان، والخوف على حياتنا التي لم يعد لها معنى ما دامت تموت جوعاً وعطشاً، وتموت من شدة البرد أو الحر، والقهر أو الظلم الذي نمارسه على بعضنا، وتموت من شدة الحقد والكراهية التي تسود بين الأفراد والجماعات، وبين الدول والحكومات العربية في حد ذاتها.
الفلسطينيون في غزة أقوياء، بصبرهم وثباتهم وشجاعتهم، وبقية العرب هم الضعفاء، بجبنهم وتخاذلهم وتواطؤهم، والعرب هم الأموات، وليس الفلسطينيين في غزة، وهم الذين سيعاقبهم التاريخ في وقت يصنع الفلسطينيون في غزة التاريخ بصمودهم، في وجه عنف إسرائيل وصمتنا، كما أن الجنة عرضها السموات والأرض، وتسع كل الشهداء الشرفاء والأبطال، لكن مزبلة التاريخ ستكون جهنم الدنيا التي لا تسع الأعداد المتزايدة من الخونة الذين يتآمرون على أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة، والجبناء الذين يكتفون بالشجب والتنديد، وهم يشاهدون الأطفال والنساء يقتلون كل يوم.
كشفت الحرب على غزة عن شجاعة وجرأة عربية من نوع آخر من حكام وإعلاميين، لم يترددوا في دعم العدوان الإسرائيلي، في تحدٍ جديد لشعوبهم والرأي العام، بحجة محاربة الإرهاب والجماعات الإسلامية المتطرفة، حتى إن إسرائيل كانت رحيمة في وصفها أبطال المقاومة الفلسطينية في غزة "بالمخربين"، في حين وصفتهم أبواق عربية بالإرهابيين والقتلى، وليس المقاومين والشهداء، في سيناريو هو الأسوأ من نوعه، في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
والأنكى أن يخرج علينا ليبرمان ونتنياهو يتوعدان الرئيس محمود عباس، رأس الشرعية الفلسطينية، بمساندة بعض العرب ومن نعرف نواياهم السيئة. نقول لهم موتوا بخزيكم، نحن أحرار. ونقولها، بأعلى صوت، جنّة بالذلٍ لا نرضى بها، وجهنمٌ بالعزِ أطيبُ منزلِ.
بالله عليكم، ألسنا نحتاج إلى تعاطف ومساندة ومساعدة من إخواننا الفلسطينيين في غزة، لنتعلم منهم معاني الرجولة والبطولة؟ ومن هو بأمسّ الحاجة إلى الشفقة، الجبناء أم الشهداء؟ ومن فينا الميت من الحي الذي يحتاج إلى العطف والشفقة والتضامن؟ وهل تكفي إعادة الإعمار والتبرع بالغذاء والدواء الكاذب الذي لم يأتِ من أحد، بل قطعوا شبكة الأمان عن السلطة الفلسطينية، لموقفها من إسرائيل. كأنهم يقولوا لنا: لن نرحمكم، حتى ترضى عنكم إسرائيل. يكفي أننا أحرار، وأن لنا قياده حكيمة في الضفة الغربية أو غزة، قادره على صنع المعجزات في إبقاء هذا الشعب حياً. ونقولها كما قالها، من قبلنا، أبو عمار، يد تمتد للسلام، وأخرى تحمل البندقية. إن نويتم السلام فهو خير لكم، نحن معه ونؤيده بقوة، ونقف مع رئيسنا وخلفه كلمة رجل واحد، وإن نويتم الحرب فهو شر لكم.

 

FDF8F55F-5737-47A6-BD00-382ACFCF02EF
FDF8F55F-5737-47A6-BD00-382ACFCF02EF
نائل أبو مروان (فلسطين)
نائل أبو مروان (فلسطين)