غزة.. الكثافة السكانية والحصار والحروب والمياه غير الآمنة

19 يوليو 2014

تشريد الغزّيين نتيجة القصف الإسرائيلي (يوليو/2014/أ.ف.ب)

+ الخط -
يقع قطاع غزة في الجنوب الفلسطيني، وعلى البحر المتوسط. يمتد، وهو يأخذ شكل شريط ضيق، على مساحة 360 كم مربعاً، طوله 41 كم، وعرضه بين 5 و15 كم. خضع للحكم المصري منذ عام 1948، وحتى حرب عام 1967، حينما احتلته إسرائيل. وكان أول المناطق التي دخلت إليها السلطة الفلسطينية عام 1993، مع مدينة أريحا، ضمن ما سُمي حينها اتفاق غزة /أريحا أولا، وفي عام 1994، انسحب جيش الاحتلال من القطاع جزئياً، وتحولت مناطق فيه إلى حكم السلطة الفلسطينية

انسحب منه الجيش الإسرائيلي في 12 سبتمبر/أيلول 2005 كلياً، ومن جانب واحد، تطبيقاً لخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها، إرييل شارون، وتم إخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية (25 مستوطنة) من كل المستوطنين والقواعد العسكرية الإسرائيلية. ومع ذلك، ما تزال إسرائيل تسيطر على المعابر معه، والتي يمكن بواسطتها الوصول إلى الضفة الغربية، كما تسيطر على المجالين الجوي والبحري، وعلى القرارات المتعلقة بحركة الناس والبضائع
إلى داخل القطاع ومنه.
يبلغ عدد سكان قطاع غزة، وفقا لأحدث الإحصائيات الرسمية الفلسطينية للعام الجاري، مليوناً و853 ألف نسمة.

وغالبية سكان القطاع من اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى القطاع، بعد حرب 1948، وهم يشكلون، وفقا لإحصائيات وكالة غوث اللاجئين "أونروا" نحو 1.2 مليون نسمة، أي حوالي 72% من سكان القطاع. ويبلغ عدد المسيحيين في غزة نحو 1300، بعد أن كانوا 3500، إذ تناقصت أعدادهم بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة، ويسكن جزء كبير منهم مخيم الشاطئ.

في القطاع خمس محافظات، أكبرها محافظة غزة، وعدد سكانها 700 ألف نسمة، ومحافظة خانيونس، وعدد سكانها حوالي 350 ألف نسمة، محافظة الشمال، وعدد سكانها حوالي 302 ألف نسمة، ومحافظة الوسطى، وعدد سكانها 260 ألف نسمة، محافظة رفح وتعداد سكانها حوالي 231 ألف نسمة. كما يضم القطاع ثمانية مخيمات، هي جباليا والشاطئ والبريج والنصيرات والشابورة ودير البلح وخانيونس والمغازي.

ووفقاً لاحصائيات وزارة الداخلية الفلسطينية، بلغ عدد المواليد الجدد للعام 2013 حوالي 55 ألف مولود جديد، حيث شهد القطاع 150 مولوداً يومياً. ويعتبر قطاع غزة إحدى أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم. وتبلغ نسبة الكثافة، وفقا لأرقام حديثة، 26 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، وتبلغ في المخيمات 55 ألف ساكن في الكيلومتر المربع.

وتحيط به سبعة معابر، تخضع ستة منها لسيطرة إسرائيل، لأنها تقع بين غزة وإسرائيل، والمعبر الوحيد الخارج عن سيطرة الاحتلال هو معبر رفح على الحدود بين مصر والقطاع، وهو مغلق بقرار مصري. ومعابر غزة السبعة هي رفح والمنطار (كارني) وكرم أبو سالم (كيرم شالوم) وبيت حانون (إيريز) والعودة (صوفا) والشجاعية (نحال عوز) والقرارة (كيسوفيم).

الحصار
يخضع قطاع غزة لحصار فرضته سلطات الاحتلال منذ يونيو/ حزيران 2007، بعد سيطرة حركة حماس على الحكم في غزة، ومنعت سلطات الاحتلال دخول الفلسطينيين وخروجهم منه، واستيراد البضائع وتصديرها، كما منعت أو قننت دخول المحروقات ومواد البناء وسلع أساسية، ومنعت الصيد في عمق البحر. وقد أدّت ثمانية أعوام من الحصار إلى أزمة اقتصادية خطيرة في القطاع. كما عززت من فصل الضفة الغربية عن القطاع، فمنذ الانتفاضة الثانية، تفرض إسرائيل قيوداً قاسية على حرية الحركة من قطاع غزة وإليه.

وتم فصله عن الضفة الغربية، بشكل يكاد يكون تاماً، وتمّ تقليص حركة الفلسطينيين بينهما بشكل حادّ. كما حُظر دخول سكان القطاع إلى إسرائيل، بهدف الزيارات العائلية، أو من أجل لم شمل الأزواج، وجرى تقليص زيارات المواطنين والسكان من العرب في إسرائيل إلى غزة، إلى الحدّ الأدنى. وفرضت إسرائيل صعوبات على جميع سكان القطاع الراغبين بالسفر إلى الخارج، فيما منعت كثيرين من الخروج مطلقًا.

وجرى تقييد استيراد البضائع وتصديرها، وفي أحيان متقاربة أوقفا تمامًا. وقد أدّت القيود التي فرضتها إسرائيل على حركة البضائع والعمال إلى ركود اقتصادي عميق في القطاع، وإلى المس بالقدرة على العمل، وإلى تدن حاد في ظروف المعيشة. كما ارتفعت نسبة الفقر في القطاع إلى أكثر من 50%.

غزّيون يتفقدون آثار العدوان على منازلهم(يوليو 2014/ getty) 

عام 2020 القطاع غير صالح للعيش
وفي دراسة حديثة، صدرت عن مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في غزة، روبرت تيرنر، قال إنه بحلول عام 2020 سيزيد عدد سكان قطاع غزة حوالي نصف مليون شخص، يجب إطعامهم وتعليمهم وتوظيفهم. أكثر من نصف السكان سيكونون تحت سن 18 عاماً، وهي نسبة من أكثر النسب ارتفاعاً في عدد الشباب في العالم.

وحسب الدراسة، يعتبر موضوع نقص المياه الصالحة للشرب الشغل الشاغل، والأكثر إلحاحا في غزة اليوم، ومن المتوقع أن يزداد الأمر سوءاً في السنوات المقبلة. وتعد مياه الطبقة الجوفية الساحلية مصدر المياه الرئيسي، لكن 90% منها ليست آمنة للشرب، من دون معالجة إضافية. وما يتم استخراجه من المياه الجوفية يفوق ثلاثة أضعاف ما يتم إعادة ملئه من مياه الأمطار كل عام. هذا الوضع غير قابل للاستمرار، فبحلول عام 2016، قد تصبح طبقة المياه الجوفية غير صالحة للاستعمال، وسيصبح من غير الممكن إصلاح الأضرار التي تلحق بها، بحلول عام 2020، من دون البدء باتخاذ إجراءات علاجية الآن.

وفيما يتعلق بالخدمات الصحية، تواجه "أونروا" صعوبات كبيرة في توفير الخدمات للاجئين من سكان القطاع، وتم الحديث عن أن خدمات "أونروا" الصحية لا تتوافق مع معايير منظمة الصحة العالمية، بسبب نقص العيادات والاطباء والعاملين في مجال الصحة.

وفي قطاع التعليم، تواجه الوكالة الأممية مشكلة نقص المدارس والمعلمين والخدمات المقدمة للطلبة، وتعمل مدارس كثيرة بنظام الدوامين، لتمكين الطلبة من الالتحاق بالتعليم الاساسي. وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، توزع "أونروا" حالياً مساعدات غذائية لأكثر من 900 ألف لاجئ، فيبقى ما يعادل 44% يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بسبب نقص الوظائف. ومن دون إجراء تحسينات في الاقتصاد، والتي يمكن أن تتم فقط مع رفع الحصار، يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من مليون. وبالإضافة إلى ذلك، ستتم زيادة 350 ألف لاجئ إضافي بحلول عام 2020.

وخلصت الدراسة إلى المطالبة برفع الحصار الذي يكلف المجتمع الدولي مئات ملايين الدولارات كل عام. وطالبت بضرورة تمكين سكان غزة من التمتع بمستوى التنمية والازدهار الاقتصادي. إنهم قادرون على إيجاد الاكتفاء الذاتي، وهم لا يريدون استمرار المستويات الحالية من اعتماد 80% منهم على المعونة. وحسب الموقع الإلكتروني لـ"أونروا" يحتمل أن يصبح قطاع غزة غير صالح للعيش بحلول العام 2020.

فصول العدوان
تعرض القطاع لسلسلة من الاعتداءات الإسرائيلية والعمليات العسكرية، نفذها جيش الاحتلال، لضرب المقاومة والقضاء على حركة المقاومة الإسلامية، حماس. وأبرزها عملية "أمطار الصيف"، في نهاية يونيو/حزيران 2006، رداً على أسر حركة "حماس" الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط، من داخل موقع عسكري على حدود قطاع غزة.

وتضمنت العملية شن عدوان عسكري واسع على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد 225 فلسطينياً، بينهم 62 طفلًا، فضلاً عن إصابة 900 آخرين. وعملية "غيوم الخريف" في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، استهدف جيش الاحتلال فيها مناطق شمال قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد 78 مواطنًا وإصابة مئات. وعملية "الشتاء الساخن" في فبراير/شباط 2008، حيث شن الاحتلال حملة برية وجوية على القطاع، خمسة أيام، راح ضحيتها 200 شهيد، منهم 26 طفلاً وأصيب 350 فلسطينياً.

وهناك عملية "الرصاص المصبوب"، وقد بدأت في 27 ديسمبر/ كانون الأول 2008، حيث شنت إسرائيل حملة عسكرية على القطاع، وهي أوسع حملة شنتها، واستمرّت حتى يوم 18/1/2009 استشهد فيها 1417 فلسطينيًا، منهم 412 قاصرًا، إلى جانب جرح آلاف. وألحقت إسرائيل أضرارًا باهظة بالمباني ومنشآت البنى التحتية. وعملية "عمود السّحاب" في 14/11/2012، واستمرّت ثمانية أيام، استشهد فيها 185 فلسطينيًا، بينهم 31 قاصرًا. وقد انتهت في 21/11/2012، بعد أن اتفقت إسرائيل وحماس على وقف إطلاق النار.

والآن، عملية "الجرف الصامد" العسكرية التي أطلقها جيش الاحتلال ضد قطاع غزة، فجر 8 يوليو/تموز الجاري، وخلفت حتى اليوم الثامن للعملية، عشية قبول المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر مسودة اتفاق تهدئة طرحته مصر، نحو 189 شهيداً وأكثر من 1300 جريح.

 
دلالات
4412F2FC-6F1B-433A-8247-F5C993F0BEED
تغريد سعادة

صحافية وكاتبة فلسطينية ومخرجة أفلام تسجيلية ووثائقية، مقيمة في رام الله