غرفة عمليات كردية دولية في دهوك لغارات عين العرب

11 أكتوبر 2014
تنتظر تركيا تحقيق سلسلة مكاسب قبل تدخّلها برّاً (Getty)
+ الخط -
تحوّلت مدينة عين العرب خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة إلى رمز للأكراد، أينما تواجدوا، خصوصاً في دول الجوار (العراق، وإيران وتركيا)، بسبب صمودها إزاء الهجمات الكاسحة لمسلحي "الدولة الإسلامية" (داعش) والتي دخلت أسبوعها الرابع، وهو ما لم يحصل في أية مدينة أخرى في سورية والعراق، حاصرها المسلحون وخططوا للسيطرة عليها.

يبحث الأكراد، بعد أن تراجعوا في عدد من المواقع أمام مسلحي "داعش" في سنجار وجلولاء وغيرها في كردستان العراق وفي سورية أيضاً، عن نصر أو رمز يعيد إليهم الثقة بأنفسهم، إزاء واحدة من أشرس الحملات المسلّحة، التي يتعرضون لها في مناطقهم في العراق وسورية منذ سنوات.

يتحرّك الأكراد في كل مكان نصرة لعين العرب، فرئيس الجمهورية العراقية، فؤاد معصوم، ولكونه كردياً، دعا الولايات المتحدة إلى الدفاع عن عين العرب السورية من هجمات مسلحي "داعش" وعدم السماح لهم بالسيطرة عليها.

ليس معصوم وحده المنشغل بالوضع في عين العرب، فهناك اهتمام شعبي وسياسي كردي بالقضية. وما كانت المدينة، التي يحاصرها المسلحون من ثلاث جهات، لتصمد كلّ هذا الوقت لولا الضربات الجويّة التي تشنّها طائرات التحالف الدولي، على مواقع تمركز مسلحي "داعش" في أطراف المدينة، بهدف منع تقدم المسلحين والسيطرة على المدينة.

ويكشف مصدر كردي، لـ"العربي الجديد"، عن آلية توجيه الطائرات إلى أهدافها في محيط عين العرب، مشيراً إلى وجود غرفة عمليات مشتركة، مقرها مدينة دهوك في كردستان العراق، يعمل فيها منسقون من قيادة إقليم كردستان العراق والتحالف الدولي. هناك، يتلقى الطرف الكردي العراقي معلومات من داخل عين العرب السورية عن تحرّكات مسلحي "داعش"، ثم يمرر أكراد العراق المعلومات إلى ممثلي التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الذين يوجهون وفقها الطائرات لضرب المسلحين. ويلفت المصدر إلى أنّ رئيس إقليم كردستان، مسعود بارزاني، يتابع شخصياً عمل غرفة العمليات ويحثّ التحالف الدولي بشكل مستمر على مواصلة الضربات الجوية على أهداف المسلحين لمنعهم من السيطرة على عين العرب.

لا يقتصر تحرّك الأكراد في العراق على توجيه الضربات الجوية للتحالف لضرب مسلحي "داعش" في عين العرب، والإعراب عن مواقف التأييد. فقد كشف كل من جعفر ابراهيم، وملا بختيار، وهما من قادة حزبي "الديمقراطي الكردستاني" بقيادة بارزاني، و"الاتحاد الوطني الكردستاني" بقيادة جلال الطالباني، عن إرسال حزبيهما السلاح والعتاد الى المقاتلين المدافعين عن المدينة عبر طرق سرية. ويفصل بين عين العرب وأراضي إقليم كردستان بلدات عدة، تقع تحت سيطرة حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي الذي يتحكّم بالمناطق الكردية في سورية والموالي لحزب "العمال الكردستاني" المعارض لأنقرة، وأخرى يسيطر عليها "داعش" وهو ما يعقّد عمليات نقل الإمدادات والمسلحين إلى المدينة المحاصرة، التي لا سبيل إلى الوصول إليها سوى عبر الأراضي التركية.

ويرى المحللون الأكراد أنّ دخول تركيا إلى التحالف الدولي بشكل فعلي، سيغيّر كثيراً من المعطيات على الأرض، لكن ذلك لن يتمّ برأيهم ما لم تضمن الولايات المتحدة حصول تركيا على المكاسب التي تريدها، ومنها تقليم أظافر إيران والقوى التي تعمل لصالحها، ومن تلك القوى والجماعات التي تنشط على أبوابها، حزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، الفصيل السوري لحزب "العمال الكردستاني" التركي. ويفسر ذلك، من وجهة نظرهم، دخول الإيرانيين على الخط وإعلانهم الاستعداد لدعم عدم سقوط عين العرب.

وفي سياق متّصل، أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضيه أفخم، الأربعاء الماضي، عن استعداد طهران لتقديم الدعم للحكومة السورية لحماية سكان مدينة عين العرب. ونقلت قناة "برس تي في" الإيرانية عن أفخم قولها إنّ "عين العرب جزء من سيادة ووحدة الأراضي السورية وفي حال إرسال الحكومة السورية بطلب المساعدة فنحن مستعدون لها".

وفي حال سيطرة تنظيم "داعش" على مدينة عين العرب، وطرده مسلحي "الاتحاد الديمقراطي" منها، تكون أنقرة قد حققت خطوة هامة ستعمل على أن تتبعها خطوات أخرى على طريق إضعاف هذا الفصيل الكردي، الذي تخشى تركيا أن يكرر تجربة حزب "العمال الكردستاني" في المناطق الحدودية بين العراق وتركيا في الجهة السورية.

وبحسب محللين أكراد أيضاً، فإنّ العامل الذي يطمئن الأتراك إلى إمكانيّة نجاحهم في فرض شروطهم على التحالف الدولي، قبل الاشتراك الفعلي في جهوده، هو موقع تركيا الهام وتوقّف حسم الصراع مع المسلحين على دخول الجيش التركي براً لضرب "داعش". وإذا لم يتحرك الجنود الأتراك على الارض السورية، يمكن لجنود دول أخرى القيام بذلك، وهنا يكون الدور التركي بتقديم الدعم اللوجستي وفتح أراضيها لضرب المسلحين.

ويبدو أن تركيا تسعى إلى إنهاء تجربة هيمنة أنصار الزعيم الكردي، عبد الله أوجلان، العسكرية والسياسية والإدارية على المناطق الكردية في شمال سورية، وهي تريد ذلك من خلال إقامة منطقة عازلة على حدود البلدين.

وبسبب الصلات الوثيقة التي تربط إيران وحلفاءها بحزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، لا يريد أطراف المحور الايراني سقوط عين العرب بيد "داعش"، لأنّ ذلك يعني سقوط ورقة ضغط يمكن بواسطتها إحداث القلاقل لتركيا على حدودها الجنوبية.

المساهمون