عيد حزين بشمال سورية

عيد حزين بشمال سورية

12 اغسطس 2019
عن أيّ عيد نتحدث؟ (عارف وتد/ فرانس برس)
+ الخط -


لا يصنع عيد الأضحى فارقاً إيجابياً في مخيمات النازحين بشمال سورية، فالمعاناة نفسها تتجدد مع كلّ فجر جديد، كما فقد هؤلاء الشعور بلذة العيد ومتعة استقباله.

تزايدت أعداد النازحين في الآونة الأخيرة بعد تصعيد قوات النظام وروسيا عملياتها العسكرية، وزيادة الغارات الجوية على مناطق في ريف إدلب الجنوبي، وريف حماة الشمالي والغربي، وهو ما تسبب في تهجير أكثر من 500 ألف نسمة، انضموا إلى صفوف مئات الآلاف الآخرين ممن سبقوهم إلى المخيمات الواقعة على طول الشريط الحدودي مع تركيا.




الفتى خالد الحاج نصر (16 عاماً) من قرية شهرناز بجبل شحشبو (امتداد لجبل الزاوية) في ريف حماة الغربي، نزح مع عائلته في إبريل/ نيسان الماضي، وتنقلوا بين العديد من البلدات الحدودية والمخيمات، ليحطّوا رحالهم في مخيم دركوش، في ريف إدلب الغربي. يشعر خالد بالحزن في عيد الأضحى الذي يمرّ عليهم في هذا "الوضع المأساوي" ويقول لـ"العربي الجديد": "في البداية استأجر والدي منزلاً في بلدة دركوش، وبسبب الضائقة المالية انتقلنا إلى بلدة أرمناز، ثم إلى مخيم أطمة، والآن بتنا في مخيم دركوش بعد معاناة مريرة من أجل الحصول على خيمة صغيرة. قتل ثلاثة من أقاربي في الغارات الجوية الأخيرة، كما توفي شقيقي الصغير بعد غرقه داخل بئر مياه. انقطعت عن المدرسة، كما توقف والدي عن العمل، وبتّ لا أميز بين السعادة والحزن ولا أتأثر بالمناسبات السعيدة مثل الأعياد، فعيد الأضحى قد حلّ هذا العام وأنا بعيد عن الأصدقاء والكثير من الأقارب، ولا ملامح عيد هنا بين الخيام". يكشف عن نضج مبكر في ما يتعلق بالهموم المعيشية: "كذلك، فإنّ أسعار كلّ شيء مرتفعة من ملابس وحلويات وألعاب وكلّ ما يتعلق بفرحة العيد، ولا يمكن للنازح شراء ما يحتاجه أطفاله، بل ليس بين النازحين من لديه رغبة في الاحتفال بالعيد، وهكذا اعتبرناه يوماً كبقية الأيام. أنا افترقت عن أعمامي وأقاربي منذ أول يوم نزوح، وهم الذين كنت أحتفل معهم بالعيد، والآن لم أشترِ ملابس للعيد أو أفكر حتى في الخروج للعب مع الأطفال".




الحاجة فضة العلي (61 عاماً) من بلدة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي، نزحت مع أسرتها بعد تعرض بلدتها لقصف جوي وبري عنيفين، تسكن الآن في بلدة كفر تخاريم في ريف إدلب الشمالي، مع ابنتها بعدما فرّق النزوح بينها وبين 12 فرداً من أفراد أسرتها، إذ نزحوا إلى أماكن عدة، ولم تتمكن من معايدتهم بمناسبة عيد الأضحى هذا العام. تقول لـ"العربي الجديد": "واجهت القصف والدمار، ولم أخرج من البلدة إلاّ بعدما باتت شبه خالية من السكان، فلم أكن أتخيل في يوم من الأيام أنّي سأترك بلدتي ومنزلي، لكنّ الظروف لم تسمح لي بالبقاء وسط كلّ ما حدث في كفرنبل من دمار، فخرجت نازحة إلى الشمال السوري، أنا وجميع أفراد أسرتي الكبيرة البالغ عددها 12 فرداً من ذكور وإناث، فوصلت رفقة أحد أولادي وابنتي الصغرى إلى بلدة كفر تخاريم واستأجرنا منزلاً بقيمة 15 ألف ليرة سورية (نحو 30 دولاراً أميركياً) شهرياً، أما باقي أفراد أسرتي فقد تفرقوا في عدة مناطق في الشمال السوري، فمنهم من توجه إلى مخيمات أطمة ومنهم من يسكن في ريف جسر الشغور، وأنا هنا مع ابنتي بعدما ذهب ولدي بدوره إلى أسرته في مخيم الزوف، غربي إدلب، فعن أي عيد نتحدث ولم تعد هناك فرحة"؟ تضيف: "العيد كان فرصة للاجتماع بالأهل والأحبة، وفرحة عارمة تعمّ الناس، خصوصاً الأطفال، أما في هذه المخيمات فلا صوت يعلو فوق صوت الجوع والفقر والمعاناة، ولا أدري هل سأتمكن من رؤية أولادي هذا العيد أم لا، أو حتى إلى أين ستأخذنا الأيام المقبلة، فهل سنتمكن من العودة إلى منازلنا ونتمتع بعيد جديد فيها أم لا"؟.