عيد الأم... احتفال يخلو من الآباء

عيد الأم... احتفال يخلو من الآباء

21 مارس 2017
يعاني الأب من تهميش مستمر (Getty)
+ الخط -
"ست الحبايب يا حبيبة، يا أغلى من روحي ودمي، يا حنينة وكلك طيبة"، يعرف العالم العربي الأغنية الموسمية، من محيطه إلى خليجه، تعزفها كل خرائط البرامج المتلفزة في التوقيت ذاته من كل عام، تنطلق الاحتفالات، وتُنظم الأمسيات، احتفالاً باليوم الميمون للأم، والذي بدأ مصرياً، ثم انتقلت عدواه إلى جميع الشعوب العربية.

الفكرة التي أطلقها الكاتب الراحل مصطفى أمين للاحتفال بالأم في 21 مارس/آذار من كل عام، كانت دول العالم قد سبقتنا إليها، لتحتفل النرويج في فبراير/شباط، وفي أكتوبر/تشرين الأول بالأرجنتين، واختارت جنوب أفريقيا الأول من مايو/أيار للاحتفال، أما الولايات المتحدة فلم تنس كذلك الاحتفاء بأمهاتها، لكنها اختارت الثاني من مايو/أيار للتعبير عن ذلك.

في تواريخ محددة يتذكر العالم أمهاته، وفي تاريخ آخر يتذكر آباءه، لكن الأعوام العربية خلت دوما من الاحتفاء بالأب، فكان "نسياً منسياً".

كان اختيار تاريخ 21 مارس/آذار عيداً للأم له دلالة كبرى، حين يتزامن دخول فصل الربيع مع الاحتفال بزهرة الأسرة، لكن باقي فصول العام لم تتناسب أبداً مع الأب العربي، والذي يحاول بعضهم مؤخراً تعداد ما يقدمه لأسرته من عطاء يستحق أن يُحتفى به، ويسعى الكثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى ذكر محاسن الآباء في يوم الأمهات، لكن تمر محاولاتهم دون أن تسمن من جوع.


يحكي محمد منصور، عن أثر والده في حياته، والذي يفوق ما فعلته أمه حسب رأيه "كان دايما بيخلينى أعمل اللي أنا عاوزه ويقنعنى بالتجربة، في الوقت اللي أمي فيه كانت دايما ماشية بخططها هي وعاوزة تفرضها عليا"، بصبر من الأم واهتمام بدراسة أبنائها، تفوّق منصور في دراسته، لكنه ينسب الفضل في دخوله إلى كلية الهندسة لأبيه: "والدتى كانت هى اللي متولية شؤون المذاكرة والتعليم لكن أنا دخلت الهندسة عشان والدي كان نفسه أدخلها". لا ينكر منصور فضل أمه تماماً، لكنه لا ينسى أباه: "أنا لو هحتفل يبقى هحتفل بأبويا مش أمي".

فى عام 1909 كانت الولايات المتحدة تحتفل بيوم الأم، فخرجت سونورا لويس سمارت، بفكرتها عن الاحتفاء بيوم للأب، لأن أباها كان مثل والد منصور، صاحب الفضل الأكبر عليها في تربيتها مع إخوانها الستة بعد وفاة الأم، حُدد يوم التاسع عشر من يونيو/حزيران للاحتفاء بالآباء، نجحت سمارت في أميركا، ولم ينجح منصور في مصر.

"هو الأب بيعمل ايه؟؟ بيشتغل وبيجيب فلوس لكن مفيش تعب ولا تربية ولا سهر الليالي ولا اهتمام.. يبقى له يوم زينا ليه؟"، تحكي نيرة، عن تجربتها مع الأمومة، والتي تراها مرهقة للغاية، وتحتاج أياما للاحتفاء وليس يوما واحدا: "يعني احنا ربنا كرمنا والرسول أوصى بالأمهات ثلاثة.. هتيجوا انتوا بقى تقولوا الأب".

"عيد علماني"، هكذا ذكرت الموسوعة الحرة "ويكيبيديا" عن عيد الأب في معرض تعريفها عنه، مؤكدة أن الاحتفال به طقس كاثوليكي في بعض البلدان، موافقاً يوم 19 مارس/آذار، وهو عيد القديس يوسف النجار، بينما احتفاء دول أميركا اللاتينية به كان ناتجاً عن الغزو البرتغالي والإسباني، والذي تعافت منه البلدان العربية والإسلامية فلم تحتفل.

من دون أغانٍ مميزة، أو هدايا خاصة، حاول غوغل تذكير بعض الشعوب العربية بأهمية عيد الأب، عبر الاحتفاء به في يوم 21 يونيو/حزيران، عبر لوحة تمثل الأب ينشرها محرك البحث الأشهر في كل بلاد العرب عدا "سورية وفلسطين، واليمن، وموريتانيا، والسودان، والصومال وجيبوتي".

عبر الأغاني والأفلام نجحت الأم المصرية أن تفرض سطوتها على الآباء، أم العروسة، الحفيد، المرأة المجهولة، بينما يعاني الأب من تجهيل مستمر، لم تستطع أغنية هنيدي الشهيرة "مين حبيب بابا" في أن تغير من واقع الأب شيئا، وظلت الصورة الذهنية التي رسختها الدراما العربية للأب الأناني والخائن والعنيف، هي الأبقى في أذهان الجميع، وكما نسي أسرته "فكذلك اليوم يُنسى".

المساهمون